شنّ الحوثيون هجوما على سفن عسكرية أمريكية جنوبي البحر الأحمر، ردا على هجمات نوعية من واشنطن على مواقعهم في اليمن، في تحدٍ جديد، قد يمهد لعملية عسكرية أمريكية واسعة ضد الميليشيا.
وتواصل الولايات المتحدة منذ تنفيذها غارات جوية عبر قاذفات "بي-2" الشبحية، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مهاجمة مخازن الأسلحة في مناطق جبلية من محافظات صنعاء وعمران وصعدة، عن طريق مقاتلات "إف-35".
إلى جانب ذلك، استهدفت طائرة أمريكية دون طيار، الخميس الماضي، خبراء من أفراد "القوة الصاروخية" التابعة للحوثيين بشكل مباشر، لأول مرة منذ بدء عمليات واشنطن في اليمن مطلع العام الجاري.
ووفقا لمصادر عسكرية في القوات الحكومية لـ"إرم نيوز"، فإن المسيّرة الأمريكية، ضربت سيارة مدنية على متنها 3 خبراء محليين، جنوب شرق محافظة البيضاء، في أثناء تنقلهم من مديرية الصومعة إلى مديرية مكيراس، التي حوّلت الميليشيا مرتفعاتها الجبلية إلى منصة لإطلاق الصواريخ تجاه السفن في مياه خليج عدن.
ويشير محللون إلى أن محاولة الحوثيين الهجوم على المدمرتين الأمريكيتين، الاثنين الماضي، يعبّر عن التأثير "المؤلم" الذي أحدثته ضربات واشنطن الأخيرة.
وأكدت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، الأربعاء الماضي، نجاح المدمرتين "USS Stockdale" و"USS Spruance" وطائرات القوات الجوية والبحرية ، في التصدي لهجوم الحوثيين المتعدد، أثناء مرورهما في مضيق باب المندب، دون خسائر.
عملية عسكرية مقبلة
ويتوقع رئيس مركز "أبعاد للدراسات والبحوث" عبدالسلام محمد، أن يمهد اعتراف بمحاولة استهداف سفينتيها العسكريتين، لعملية عسكرية أمريكية تقوم بها إدارة جو بايدن ضد الحوثيين، قبل مغادرتها البيت الأبيض.
وأشار في حديثه لـ"إرم نيوز" إلى أن تحدّي الحوثيين لواشنطن وشنّ هجمات ضد سفنها العسكرية، "تأكيد على صحة المعلومات التي تقول إن تحركات ميليشيا الحوثي تأتي من غرف عمليات الحرس الثوري الإيراني، في ظل سعي طهران للبحث عن ردع يخفف الهجوم الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان".
وذكر عبدالسلام، أن المؤشرات كلها تدل على أن إيران تخلّت تماما عن حماس وغزة، "وباتت تفاوض في لبنان لأجل الإبقاء على أذرعها في العراق وسوريا، ولديها الاستعداد كله لمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن الانسحاب من محيط إسرائيل".
وعقب الهجوم، توعدت وزارة الدفاع الأمريكية، الثلاثاء الماضي، عبر متحدثها الرسمي، بات رايدر، ميليشيا الحوثي بأن "هجماتها غير القانونية والمتهورة، ستواجه عواقب".
وأعلن عبدالملك الحوثي، أمس الخميس، أن الأسبوع الجاري شهد "أكبر عملية ضد القوات الأمريكية المنتشرة في البحر" تتمثل في هجوم مزعوم لقوات الحوثيين على حاملة الطائرات الأمريكية "أبراهام لينكولن" في مياه البحر العربي.
ورغم عدم تأكيد "البنتاغون" لهذه المزاعم، إلا أن زعيم الحوثيين ادعى أن الهجوم "أفشل أكبر عملية جوية كانت تحضّر لها القوات الأمريكية" على المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
أمتار الصراع الأخيرة
ويرى المحلل السياسي، خالد سلمان، أن هجوم الحوثيين ومن خلفهم خبراء الحرس الثوري الإيراني "هي رسالة إيرانية لصانع القرار الأمريكي، لما يمكن أن يتعرض له وجود واشنطن العسكري، حال مضي إدارة ترامب الجديدة نحو التصعيد المباشر، أو تغليظ العقوبات تجاهها أو ضرب إسرائيل لمنشآتها النووية".
وقال في تدوينة على منصة "إكس"، إن قصف المدمرتين الأمريكيتين، وإن كان في الفراغات المحيطة بهما، "سيدفع بملف اليمن إلى رأس جدول أعمال صانع القرار الجديد، ما سيعجّل باجتثاث القوة الإيرانية من اليمن، دفعة واحدة وإلى الأبد".
وذكر سلمان، أن الصراع في اليمن "يمضي نحو أمتاره الأخيرة، ويطرح مقاربات أكثر ميلا للجذرية والحسم، خارج سياق الترضيات وأنصاف الحلول والرشى السياسية، فحسابات ترامب لكلفة مواجهة الخطر الإيراني المستدام عن طريق الحوثي، أو بتر هذه الذراع الإيرانية في اليمن، ترجح الخيار الثاني باعتباره الأقل تكلفة واستنزافا".
ولفت إلى أن بقاء المنطقة في وضع السيولة والتهديدات وحروب الوكالة لن يستمر طويلا، في ظل عقلية "رجل الصفقة ترامب، الذي لن يذهب منفردا إلى البحر الأحمر واليمن، بل سيسحب معه قاطرة دولية، تتقاسم ميزانيات المواجهة، وتتحمل الشراكة في الدفاع عن واحدية المصالح، وخوض معركة تسوية حالة الانفلات العسكرية في ممرات التجارة الدولية".