في تصعيد نوعي للعمليات العسكرية، أخرجت الضربات الجوية الأميركية، مساء الخميس، ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة عن الخدمة بشكل كامل، في ضربة استهدفت صميم البنية الاقتصادية لميليشيا الحوثي، وفق تحليل للصحفي عبدالرحمن أنيس.
ووصفت واشنطن العملية العسكرية بأنها تهدف إلى "تعطيل القدرات غير المشروعة للحوثيين"، في إشارة واضحة إلى استخدام الميناء كأحد أهم مصادر تمويل العمليات العسكرية للميليشيات.
وكشف التحليل أن تدمير الميناء الاستراتيجي يمثل "نقطة اللاعودة" في المواجهة مع الحوثيين، حيث انتقلت الضربات من الاستهدافات العسكرية المباشرة إلى ضرب البنية التحتية الاقتصادية الداعمة لآلة الحرب الحوثية.
ويعد ميناء رأس عيسى، الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين منذ سنوات، أحد أهم المنافذ النفطية التي اعتمدت عليها الميليشيات في تهريب المشتقات النفطية وتمويل عملياتها العسكرية.
وأكد التحليل أن الرسالة الأميركية "أوضح من أن تساء قراءتها"، مشيراً إلى أن استهداف العمق الاقتصادي للحوثيين بات "خياراً مفتوحاً" في الإستراتيجية الأميركية الجديدة لمواجهة الميليشيات.
وفي وقت سابق من مساء الخميس، أعلنت القيادة المركزية الأميركية، أن القوات الأميركية دمرت منصة لتخزين الوقود في ميناء رأس عيسى، الواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي، مشيرة إلى أن المنشأة كانت تُستخدم في دعم العمليات العسكرية للجماعة المدعومة من إيران.
استهداف المنشأة جاء بالتزامن مع توجه ناقلة نفطية إلى الميناء نفسه من سواحل جيبوتي، في ثاني خرق للعقوبات الأميركية خلال أيام.
وقالت القيادة المركزية في بيان إن "الحوثيين استمروا في الاستفادة اقتصاديًا وعسكريًا من إيرادات الوقود غير المشروعة، واستخدموا العائدات لتمويل أعمال إرهابية وزعزعة استقرار المنطقة"، مؤكدة أن الضربة تهدف إلى "حرمان الجماعة من مصدر دخل غير قانوني يُستخدم لإطالة أمد النزاع".
وأوضحت أن السفن واصلت توريد الوقود إلى الميناء رغم تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية اعتبارًا من 5 أبريل/نيسان.
وشدد البيان على أن "العملية لم تستهدف الشعب اليمني، بل جاءت في إطار جهود مستمرة للحد من قدرة الحوثيين على استغلال موارد البلاد لأغراض عسكرية".
واتهمت واشنطن الحوثيين باستخدام الوقود كأداة للسيطرة والابتزاز، مضيفة: "تهريب الوقود والمواد الحربية إلى جماعة إرهابية أمر غير مقبول لدى المجتمع الدولي".
وفي ختام البيان، دعت القيادة المركزية إلى ضرورة تنبيه الحوثيين، وداعميهم الإيرانيين، ومن يساندهم في أعمالهم الإرهابية عمدًا، إلى أن العالم لن يقبل بتهريب الوقود أو تسليمه إلى منظمة إرهابية.
في السياق ذاته، أفاد الصحفي اليمني بسيم الجناني أن ناقلة الوقود "SIA"، والتي تحمل على متنها نحو 44,200 طن من الغاز، مُنحت إذن الدخول من مكتب الأمم المتحدة في جيبوتي، وهي الآن في طريقها إلى ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ونقل الجناني عن مصادر محلية سقوط ضحايا من عمال منشآت رأس عيسى النفطية جراء الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت الميناء في وقت سابق من اليوم.
وكانت الأمم المتحدة قد سمحت، في السابع من الشهر الجاري، بدخول ناقلة النفط "JAG"، المحمّلة بـ48,400 طن من البنزين، إلى الميناء ذاته، وذلك بعد أربعة أيام فقط من سريان قرار وزارة الخزانة الأميركية بحظر دخول ناقلات الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
ورداً على ذلك، جددت الأمم المتحدة بعد يومين التزامها بـ"وقف أنشطة جماعة الحوثي الإرهابية" واستعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، مشيرة إلى سعيها لـ"حرمان الحوثيين من توسيع ترسانتهم"، و"تعطيل الدعم المادي من الجهات التي تسعى إلى تزويدهم بالنفط والموارد الأخرى عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتهم".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت مؤخرًا حزمة عقوبات جديدة، تضمنت إلغاء التصاريح السابقة التي كانت تتيح استيراد الوقود إلى مناطق الحوثيين، ضمن ما وصفته بـ"الرد على تصعيد الجماعة في استهداف الملاحة الدولية".