في مشهد يلخص عامًا من الانهيارات والصدمات الاقتصادية، كشف تقرير حديث عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن عام 2024 كان من أسوأ الأعوام التي مر بها الاقتصاد اليمني، حيث شهد الريال اليمني انهيارًا مروعًا تجاوز فيه حاجز 2000 ريال مقابل الدولار، في ظل انقسام مالي عميق، وأزمة سياسية خانقة تواصل تمزيق أوصال البلاد.
التقرير الذي أُطلق مطلع الأسبوع الجاري في ندوة افتراضية، استعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية التي سجّلت تدهورًا واسعًا في بيئة المال والأعمال، مع تزايد العقوبات الدولية على جماعة الحوثيين، واستمرار الانفلات في السياسات النقدية بين مناطق النفوذ المتصارعة.
وأوضح المركز أن عام 2024 شكّل مرحلة حرجة، ليس فقط بسبب التدهور المتسارع للعملة الوطنية، ولكن أيضًا نتيجة تصاعد الضغوط على القطاع الخاص، الذي وجد نفسه محاصرًا بين انتهاكات مستمرة، وغياب شبه تام للدور الحكومي الفعّال.
رئيس المركز مصطفى نصر أشار إلى أن التقرير اعتمد على بيانات ميدانية وتحليل اقتصادي دقيق رغم التحديات الأمنية، ما يجعله مرجعًا هامًا لفهم الانحدار الذي شهده الاقتصاد الوطني خلال العام الماضي.
المشاركون في الندوة، ومنهم مسؤولون اقتصاديون وأكاديميون، شددوا على أن غياب الشفافية والتدخلات السياسية في القطاع المالي والمصرفي، إضافة إلى تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر، كلّها عوامل ساهمت في ارتفاع أسعار الشحن والتأمين، ما زاد من أعباء المواطن اليمني بشكل غير مسبوق.
كما انتقد التقرير تقاعس السلطات الرسمية عن تقديم معالجات جذرية للأزمة، محذرًا من استمرار هذا النهج الذي ينذر بانهيارات أعمق في العام الجاري 2025 إذا لم يتم التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني.
وفي ظل استمرار هذا المشهد القاتم، دعا التقرير إلى إعادة هيكلة السياسات المالية، وتوفير بيئة آمنة للمستثمرين، وحماية القطاع الخاص، الذي وصفه المتحدثون بأنه "الضحية الأولى للفساد والانقسام".
ويُعد التقرير بمثابة وثيقة مهمة ترصد أبرز ملامح الانهيار، وتُوجّه بوصلة الإصلاح إلى حيث يجب أن تكون، في وقت يحتاج فيه اليمن إلى خطة إنقاذ اقتصادية عاجلة تسبق الانفجار الأكبر.