آخر تحديث :الخميس-26 ديسمبر 2024-06:43م

علاقة مملكة حالمين مع مملكة مدحجين والأنباط

الخميس - 11 أبريل 2024 - الساعة 07:57 م

محمد عبدالله القادري
بقلم: محمد عبدالله القادري
- ارشيف الكاتب


هناك مذحج وهناك مدحجين.
مذحج بالدال ذو النقطة هي قبيلة تنتمي لكهلان ولها ثلاث قبائل من نسلها هي مراد وعنس والحدأ ، ومكان تواجدها في جزء من مأرب كمراد وجزء من ذمار كعنس والحدأ.
مدحجين ، بالدال المهملة هي مملكة ونسل أمتدوا من حالمين الجنوب إلى إب ، وتم تسميتهم بمدحجين نظراً لقدرتهم على فرك العدو وسحبه.

من بلاد المسلمي من حالمين كان هناك أمتداد قبلي إلى منطقة القفر في إب وهناك تم تسمية منطقة بعزلة بني مسلم ، ومن وادي لقدور حالمين كان هناك إمتداد للقفر أيضاً وهناك تم تسمية منطقة فيها بعزلة مدحجين والجبل الذي في هذه المنطقة تم تسميته جبل عدن كدلالة واضحة على إمتداد من سكن هذه المنطقة يعود من الجنوب ، بالإضافة إلى دليل إنتسابهم العرقي إلى الجنوب الذي سنذكره هنا.

وفق ما ذكرته النقوش الأشورية والارمينية وغيرها عن حدوث صراع بين ذا شامت وذا يمنت ، وبين أمبراطوريات وممالك اليمن القديمة ، تشير التقديرات أنه بعد سقوط مملكة لقدور التي عاصمتها حالمين ، من نسلهم بإقامة مملكة أخرى سموها مدحجين ، وأنتقلت العاصمة من حالمين إلى منطقة الفرع في إب ، وهناك توجد أطلال وأثار لمدينة إسمها مدحجين ، تقع في ربوة مساحتها خمسة كيلو متر مربع ، يقال لها عاصمة مدحجين.
ومن الغريب أن لا تجد لها أي ذكر في كتب التأريخ شأنها شأن مملكة القادري في حالمين ، بل المصيبة الكبرى أن هناك تزوير للمالك التي أنبثقت منها ومصادرة ذاك التأريخ ما بين نسبه لمذحج كهلان ونسبه لنسل عدنان وإختلاف السرق على سرقته كل طرف يريده له بينما هو ليس ملكاً لهم.

مثلما هناك ما ندر من روايات عن مملكة لقدور أو القادري وعاصمتها حالمين ، هناك بعض روايات لا زالت لليوم ، تتحدث عن مملكة مدحجين التي كان عاصمتها في إب في مديرية الفرع وضمت تهامة وإب وتعز وريمة والبيضاء والجنوب كله ما عدا حضرموت والمهرة لأنها كانت تتبع مملكة حضرموت ، وكانت مملكة مدحجين متحالفة مع حضرموت.

مثلما هناك علاقة مع مملكة لقدور الحالمية كأولى مملكة يمنية والتي انبثقت منها مملكة القادريين في شمال الجزيرة العربية كأول مملكة أطلق عليها لفظ العربية ، وهذا عادة الممالك اليمنية القديمة أن تقيم مملكة داخلياً وتقيم عدة ممالك أخرى بنفس الوقت داخل اليمن وخارجه ، هناك أيضاً علاقة بين مملكة مدحجين التي تعود أصولها لحالمين وإقامة مملكة مدحجين عدة ممالك أخرى بنفس الوقت كمملكة الأنباط وغيرها.

مثلما هناك عاصمة لمملكة مدحجين إسمها مدينة مدحجين ، هناك عاصمة في حالمين لمملكة حالمين إسمها مدينة حالمين ، وهذه المدينة تم تغيير إسمها إلى مدينة السبعمائة عندما هجم الفرس عليها في عهد سيف بن ذو يزن ، وتم تدمير جزء كبير منها وحل فيها سبعة فقط من جيش الفرس الذي كان يقدر بعدد سبعمائة مقاتل هم الذين جاء بهم سيف بن ذو يزن من الفرس ليحرر اليمن من الإحتلال الحبشي ثم أنقلبوا عليه.
وأما اليوم لا أعتقد أن هناك أي آثار لهذه المدينة لأن تلك المعالم تعرضت لتدمير ممنهج في المصطلحات والآثار.

مدحجين هما من نسل الحارث بن قحطان بن يمن بن قادر وقادر أول من سكن حالمين ، ولدا توأم في أكمة جبل حالمين أثناء ما كانت أمهما في تلك الأكمة ، فجاءتها الولادة فجأة فولدا للأرض دحجاً فسميا مدحجين وقد أشارت بعض مصادر تأريخية ذلك.
ذكر تأريخ إبن خلدون أن من نسل قادر يمان ومن نسل يمان قحطان.
وذكر الهمداني أن من نسل قحطان ولد إسمه الحارث وهناك في حالمين منطقة تسمى الأحروث ، ولكن الهمداني تعرض كتابه لتزوير في نسب قحطان والد الحارث وأحروث حالمين ، إذ نسب الحارث لقحطان والد كهلان ونسب الأحروث كأسماء رعينية ، وهو تحيز واضح مفاده أن يجعل منطقة همدان واخيهما مذحج أصل والوسط والجنوب فرع ، وهو العكس تماماً.
أطلق الهمداني على منطقة القفر في إب التي تتواجد بها منطقة مدحجين بلد حاشد أو وحش حاشد ، في حين أنه في عهد الهمداني لم تكن هناك أي قبيلة من حاشد في القفر و لم تكن في إب أي قبيلة تعود أصولها لحاشد أو بكيل أو مذحج ، القبائل الهمدانية والمذحجية والهاشمية جاءت إلى إب من بعد عهد موت الهمداني والواقع يشهد ، أذهبوا إلى إب وانظروا متى عهد حلول القبائل القادمة من خارجها وستجدون ذلك على الواقع.
فعلى أي أساس يطلق الهمداني على القفر بانه قفر حاشد أو وحش حاشد ، إما أن الهمداني متعصب لهمدان أو أنه تم تزوير كتابه والأرجح بالتزوير.
المختلفون من شيعة وزيدية في نسب تأريخ الجنوب والوسط من قبائل وممالك وضمه لمذحج أو همدان أو عدنان ، ذلك التاريخ لابد أن يعود لأصحابه فهو ملك لهم ولا يتبع عدنان ولا كهلان.
في كتاب تاج العروس التابع للشيعة قاموا بتزوير نسب مدحجين إلى مذحج ، تحدثوا عن أخوين هما مالك وطيئ ولدين بجانب أكمة ، وادعوا أن إسم اللكمة مذحج وعلى ضوءها تم تسمية مذحج ، وهذا تزوير مفضوح ، فليس هناك أكمة تحمل إسم مذحج ، وقد يكونا الولدين أسمهما طيئ ومالك ولكن تم إطلاق عليها مدحجين كمثنى وهي منطقة في قفر إب إمتدادها من الجنوب ولا ينطبق عليهما مسمى مذحج المفرد ، وهذا ما يعني أن مالك وطيئ هما من نسل الحارث بن قادر من حالمين.
تأريخ مدحجين وقبائلهما التابعا لحالمين ، تريد الشيعة نسبهما لمذحج لأن مذحج وهمدان كان لديها تحالف مع الفرس قبل الإسلام ، ومذحج تصنيفها عند الشيعة بأنها قبيلة شيعية ، وضم مدحجين تبعاً لمذحج تزويراً وإفتراءً يساهم في تكثيف سواد القبائل المصنفة شيعياً ، في حين أن مدحجين وعله وحضرموت كان لها دور تأريخي في مواجهة الفرس وقطع دابر أطماعهم وليس كقبيلة مذحج الكهلانية التي تحالفت معهم.

علاقة تسمية مدحجين بحالمين.
حالمين نسبةً لأخوين سكناها وهم في سن الحلم كمثنى ، وكجمع لمملكة قادرون على تحقيق أهدافهم.
مدحجين نسبةً لأخوين ولدا توأمين كمثنى ، وكجمع فرسان قادرون على فرك العدو وسحبه.

أقام نسل الحارث الحالميون مملكة مدحجين ، وفي نفس الوقت أستعادوا مملكة معين وحكموها بعد أن كانت قد سقطت ، وبنفس الوقت أيضاً أقاموا مملكة الأنباط التي عاصمتها البتراء في الأردن ، ثم أقاموا بعد ذلك دولة في العراق.
معروف حضارة الأنباط ولا زالت آثارها موجودة.
أغلب ملوك الأنباط يسمون الحارث ، وهذا دليل على أن تلك الممالك يسمون بإسم جدهم الذي يعود للأحروث في حالمين من نسل قحطان بن يمن بن قادر من حالمين وهم ملوك أبناء ملوك.
سميت الأنباط لأنهم كانوا يتكلمون اللغة العربية النبطية.
مزوروا التأريخ الذين نسبوهم للعدنانيين قالوا أنهم من نسل نبط بن النبي إسماعيل مع أنه لا يوجد لنبي الله إسماعيل عليه وعلى أبيه الصلاة والسلام ولد أسمه نبط.
الشيعة نسبوا ملوك الأنباط لمذحج بن كهلان ، وهذا خطأ بل إنهم من نسل مدحجين اللذان من نسل الحارث الذي يعود نسبه لأول من سكن حالمين.

من نسل مذحج بن كهلان ثلاث قبائل مراد وعنس وسعد العشيرة ، وأغلب المنتسبين أو كلهم حتى صدر الإسلام وبعده إلى اليوم يحملون لقب مراد وعنس ولم يحملون لقب المذحجي .
أما مدحجين فمن نسلها قبائل كثيرة أنتشرت في تهامة والوسط والجنوب والجزيرة العربية ومنها ما يحمل لقب المدحجي بالدال وليس بالذال.
أنتشرت منها قبائل في تعز تحمل لقب المدحجي وفي حضرموت تحمل لقب بامدحج بالدال وليس بالذال.
تفرعت منها قبيلة زبيد في تهامة ومدينة زبيد تحمل هذا الإسم وإلى الجزيرة العربية والشام والعراق والجنوب أيضاً في الضالع ويافغ وغيرها.
وهناك بجانب مدحجين بالقفر بلاد تسمى بلاد الزبيدي كنفس تسميات منطقة حالمين في الجنوب.
من نسل مدحجين قبيلة الحكم وهناك منطقة في إب قريبة من مدحجين تسمى الأحكوم والحكم في تهامة وغيرها.
ومن نسل مدحجين قبيلة العلوم في تعز وحضرموت وهناك في مدحجين بالقفر قرية لازالت إلى اليوم تحمل مسمى قرية بيت العليمي.
ومن نسل مدحجين قبيلة عله والتي تتواجد بحالمين والجنوب ، كما أن هناك قبائل في البيضاء.
وكثير من القبائل تفرعت منها.

ذكرت نقوش أشورية أن مملكة الأنباط كان لها علاقة وثيقة مع مملكة القادريين في شمال الجزيرة العربية ، وان ملوك الأنباط هم من نسل ملوك القادريين ، وهذا ما يؤكد على أرتباط مملكة مدحجين مع مملكة حالمين.
ولكن يبقى الخلاف متى كانت مملكة الأنباط ومدحجين بأي مرحلة من مراحل ممالك حالمين ، هل في المرحلة الثانية أم الرابعة ، لأن مملكة حالمين مرت بخمس أو ست مراحل ، مرحلتان لم تكن العاصمة في الحالمين , واحدة منها مدحجين ، والثانية توحد حالمين مع مملكة أخرى وإقامت مملكة واحدة وهذا ما سنتطرق له لاحقاً وبالأدلة فكونوا معنا.