آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

تمزيق وحدة الصف وتوطيد الخلافات، عبر تجاوز دروس الماضي!

الأحد - 23 يونيو 2024 - الساعة 09:30 م

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


عندما يقوم الأحرار الأبطال بانتقاد المحسوبين على الصف الجمهوري، سواءً كان ذلك الانتقاد على الفساد المستشري في أروقة السلطة، أو الاستهجان من تمكين الكهنوتية من مفاصل الدولة، أو استنكار إحاطة القيادات الجمهورية بالعناصر السلالية، أو الاحتجاج على التبعية المفرطة للجهات الأخرى، أو رفض اعتقال الأحرار الأبطال، أو الاعتراض على استبعاد الجمهوريين الصادقين المخلصين من أماكن صناعة واتخاذ القرار؛ فإنها تخرج العديد من اللافتات والكثير من التساؤلات!.

يطرح البعض تساؤلات متمثلة بـ "لماذا الاختلافات بين أبناء اليمن؟!، ولماذا التصنيفات المتعددة فيما بينهم؟!، ولماذا لا يتم توحدهم؟!، ولما كل ذلك وقد دمرت الكهنوتية كل شيء، وفتكت السلالية بالجميع؟!". وبالتأكيد، أن تلك التساؤلات صحيحة، وكل تلك الأطروحات محقة؛ بل إن أحفاد سبأ وحِميّر أول من طرح تلك التساؤلات والأطروحات، ويعملون جاهدين على نبذ كافة الخلافات والاختلافات والتوحد تحت هوية قومية جامعة، ومصرون على إزالة كل التصنيفات، وماضون بمجابهة كل مشارب الكهنوتية، وسائرون بصرامة منقطعة النظير على وأد مشروع السلالية، وعازمون على ردم بؤر الفساد، ومصممون على رفع مستوى الاستقلالية، ومزمعون على تمكين الأحرار الأبطال من مواقعهم، وملحون على تثبيت الجمهوريين الصادقين المخلصين لا المنتفعين والانتهازيين.

كما يطرح البعض الآخر، ضرورة إغلاق ملفات الصراع ما بين الأحزاب السياسية الكبيرة والناتجة عن الأحداث (٢٠١١-٢٠١٧م)؛ وقطعاً أن جميع أحفاد سبأ وحِمّير يدعون منذ زمن لذلك، بل ويوضحون بأن من وراء تلك الأحداث هي مخططات واختراقات كهنوتية، وان خلف تلك الوقائع أيادي وخيوط سلالية، ويطالبون جميع الأحزاب السياسية إلى عدم تكرار الأخطاء السابقة!. ولكن، عند استمرارية تلك الأحزاب السياسية على نفس النهج، ومواصلة السير بنفس المنوال، والمواظبة على اتباع نفس الممارسات السابقة، عبر تمكين السلالية من مفاصل الدولة بمختلف قطاعاتها تحت مصطلحات فضفاضة متعددة (وحدة الصف، والتعايش، ونبذ الخلافات،... إلخ)، أو اعتقال بعض الجمهوريين الأبطال الأحرار المناوئين للكهنوتية؛ فإن وحدة الصف لا تعني بتاتاً السكوت والصمت من قبل القواعد الشعبية لتلك الأحزاب أو المستقلين، بل تعني التنبيه، ومحاولة إصلاح الاعوجاج، والتحذير، وعند عدم الجدوى يتم اللفظ والاستغناء!.

ويحاول البعض تقزيم وتصوير أن الصراع القائم اليوم هو صراع مع أسرة واحدة ينسب إليها مسمى الجماعة الظلامية، وذلك نوعاً من السذاجة ان كان ذلك تأثراً بالمسمى العام الدارج، ونوعاً من المكر والخبث والتزييف أن كان ذلك مقصوداً!. يجب أن يعي الجميع بأن الصراع الراهن هو صراع مع كافة أفراد الكهنوتية السلالية سواءً بالطرف المقابل او المتغلغلة بكافة مفاصل الدولة، والتي مكنت تلك الأسرة -وكافة الأسر السلالية- من رقاب اليمنيين ومن مقدرات الشعب، ومن أجهزة الدولة، عبر عملها الممنهج والمنظم داخلياً وخارجياً. ويجب كذلك أن يعي الجميع بأن حتى السلالية الليبرالية، والسلالية اللادينية وكافة أطيافها وتقسيماتها، لا تزال متمسكة حتى النخاع بحق الولاية، وتؤمن بحقها المقدس بالسلطة والثروة، وتعمل بعنصرية مقيتة وبسرية تامة وضمن شبكة منظمة مع خيوطها بالداخل والخارج. (ويمكنكم العودة لمقارنة أطروحات وكتابات ومؤلفات أكبر منظريهم واكاديميهم وليبراليهم، ممن كانوا دعاة الدولة المدنية الحديثة سابقاً!).

قطعاً، سوف يتحقق النصر عند عدم تكرار أخطاء الماضي وتتبع ذات خطواته التي قادت للهاوية، وسيتم استعادة الدولة واسترجاع الحقوق عند أخذ الدروس المستفادة من الماضي وقراءة الحاضر قراءة صحيحة، وسوف يتم بناء الدولة المنشودة عندما يتم الاستنهاض الحضاري والاستشراف المستقبلي بأسس سليمة من قبل أبناء الأرض أحفاد سبأ وحِميّر، وبدون ولاية ولا خلافة ولا خرافة!. إضافة إلى ذلك، سوف تطوى التراشقات وتتبخر الصراعات عند إزالة مسبباتها، وقطع كافة الخطوط المغذية لها؛ وذلك عند تنظيف واستبعاد الكهنوتية السلالية من أوساط أنصار الجمهورية ومن حول قياداتها!.

اخيراً، لسنا في وقت رخاء ولا في ظرف استرخاء، ونتيجة للتجارب المتعددة، والمشاهدة الواقعية، وانطلاقاً من المراقبة والملاحظة عن كثب؛ فإن الأحزاب السياسية وبعض قياداتها، لا تزال في سباتها، ومتساهلة مع الأخطار المحدقة ومتراخية مع التهديدات القائمة، ولم تتعظ وتأخذ الدروس المستفادة من الماضي حتى تاريخه. لذا فإن المحصلة النهائية والمنطقية عند الاستمرارية على نفس النهج تنبأ بأنه يُحال أن يتم استئصال الكهنوتية بنفس الأدوات التي أسقطت ما يسمى بـ "النظام"، ويُستحال أن يتم وأد مشروع السلالية بنفس العقلية التي سلمت أجهزة الدولة ومخازنها للسلالية، ولا يمكن استئصال ووأد كليهما "الكهنوتية السلالية" بأجهزة دولة تُدار بعقلية متسامحة مع الكهنوتية، وتتحكم بمفاصلها السلالية، حتى ولو كان ظاهرها جمهورياً!.