آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

الانتقالات المرحلية لولاية غدير كهنة الآل!

الثلاثاء - 25 يونيو 2024 - الساعة 11:31 م

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


بعيداً عن الخوض بخرافة الولاية، والغوص في تأطير نظرية الغدير وزيف جذورها، واختلال جذعها، واهتزاز غصونها، وتساقط أوراقها، ولوثة تربتها، وسمومية ثمارها؛ فإن هذا المقال يرصد كافة تطورت أنشطة الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة في احتفالهم بيوم العبودية، محاولاً التحليل والتفسير للتطورات المرحلية عبر تتبع كافة الأنشطة، وإعادة لف شريط الأحداث والتداعيات والادعاءات بشكل عكسي.

أثناء هذا الاحتفال، استخدم كهنة الآل شعارات نصية كثيرة، ومسميات ملغومة متعددة، متمثلة ب: شعب اليمن هو شعب الإمام علي، وتهنئة الجيش تحت لافتة جيشنا المصطفوي (أي جيش كهنة الآل)، وتبادل التهنئات بـ مبارك لمحبي الإمام علي عيد الغدير، وترديد أن القبائل اليمنية تبتهج وتحتفل بعيد الأعياد، وتأطير فلسفة الولاية إما ولاية علي (أي ولاية كهنة الآل) وإلا فإن الولاء للشيطان، ومروراً بوصفها بأنها ليلة إكمال الدين وإتمام النعم، بل والوصول إلى أن عيد الغدير هو عيد الله الأكبر لأن الأعياد الأخرى لا قيمة لها دون هذا العيد!.

ولا بد هنا من الإيضاح، بأن شعب اليمن هو أمة جنوب شبه الجزيرة العربية من أحفاد سبأ وحِميّر الموحدين من قبل مجيء الإسلام (وليس شعب علي)، وأن الجيش ومقدراته هو جيش الجمهورية اليمنية لا جيش كهنة الآل، وإن جميع المسلمين يحبون جميع الصحابة ويترضون عنهم دون الحاجة لإثبات ذلك بعيد العبودية الملتصق بـ الدخلاء والغرباء والشظايا، وأن أعياد المسلمين الدينية معلومة، وأعياد أحفاد سبأ وحِميّر الوطنية الخالدة معروفة، وسوف يضاف لها عيداً وطنياً جديداً عند إسقاط كهنة الآل وقفازاتها القذرة للأبد.

كما استخدمت السلالية مشاهد بانورامية متعددة خلال التجهيزات المسبقة ليوم خم، متمثلة بـ إحراق أعلام أمريكا والكيان، وأوبريت يسمى "غدير النصر" مع التركيز على إبراز قضية الأمة، واستغلال الموروث الثقافي المتعدد من رقصات وأزياء المحافظات العديدة؛ وذلك لتعمل على ربط احتفالهم العنصري المقيت بقضية الأمة، ولكي تظهر بأن الشعب بكافة خصائصه الثقافية والاجتماعية مؤيدا للولاية ومبتهجاً بعيد الخرافة!. أما اعتناء الكهنوتية بالتزيين والأضواء والألعاب النارية، فقد تعدت كافة المراحل السابقة، وانتقلت من تزيين الجبال والقمم بالمسميات فقط، إلى تزيين المدرجات الزراعية لمناطق جغرافية محددة بأضواء ممتدة وملتوية، وزادت مدة إضاءة الألعاب، وارتفعت تكاليفها النارية!.

ولم تهمل الكهنوتية البعد الجغرافي، واختارت الرمزية الأكثر ارتباطا بأبناء القبائل اليمنية، فتم انتقاء قمم الجبال الشامخة لتصوير مقاطع تأدية قسم العبودية عبر مد الذراع اليمنى إلى الأمام والأعلى؛ وذلك أتباعاً لعرقية كانت ترى أنها الأعلى قيمة والأسمى على الإطلاق، ولكنها اندثرت وانقرضت وتلاشت بإرادة ونزعة قومية الأمم المحيطة بها!. ثم ذهبت لتصوير ألعابها النارية من فوق سفينة جلاكسي المستأجرة؛ لتشير -ضمنياً- بأن الولاية هي من أنارت سماء البحر الأحمر، ومن أحكمت القبضة على ممراته، ومن أجبرت السفن للانقياد إلى شواطئه!. بعد ذلك، قام بعض أعضاء كهنة الآل بزيارة مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، والتقاط الصور لما يسمى بمصحف الإمام علي، وذلك لشحذ همم طائفة عكفوية محددة. ولم يمكث كهنة الآل، بل تم الانتقال إلى الجغرافيا التي يكنّون لها الضغينة ويتوجسون منها خيفة، ووصف يوم الاحتفال بمحافظة البيضاء بأنه اليوم الأهم لهم، وهم الأهل له!.

ولم تتوقف السلالية عند الأبعاد السابقة فقط، بل واصلت العزف على أوتار الموروث الثقافي من الزوامل والبالة والأهازيج المسائية، مع التركيز المكثف على نص شعبي متداول "بانشارك بالغدير حسب العوايد"، واختيار الألحان المؤثرة المرتبطة بالموروث الشعبي وفقاً للجغرافيا، فإذا بها تنتقي ألحان لبعض الزوامل العكفوية المؤيدة لخرافة الولاية من موروث وقافية الشاعر الحِميّري الأصيل/ عبدالرحيم التويتي، الذي قال عن الإمامة فقط -لا عن إمامة ولي الفقيه- "يميناً لو تقوم فينا القيامة.. وزال الكوكب الأرضي بكله… فلن نرجع الى عهد الامامة.. ولا نرضى بديل العز ذله"!.

أما خطاب السلالية الديني، فقد خرج يستنكر كل من لا يحتفل بعيد العبودية، وينعتهم بـ المنافقين والمرتزقة والعملاء. وركزت على نشر وتوزيع فلاش لقائدهم يؤطر لنظريته المرتبطة بـ العلاقة المتعدية، وقوله بأن "علي مع الحق، والحق مع علي، وبالتالي الحق معه ومع كهنة الآل"، وما سوى ذلك على باطل وبهتان وإفك!. وواصلت ادعائها المغشوش الزائف، بأن الأمة لن ترتفع كلمتها ولن ترفعا رأسها إلا إذا عادت -من جديد- لترفع يد الإمام علي كما رفعت بيوم خم (أي رفع أيدي كهنة الآل وتسليم السلطة والثروة لهم)، وبأن الولاية بمكانة العمود الفقري لجسم الإسلام وامتداد للنبوة. إضافة إلى ذلك، خطب بعض الكهنة بأن قضايا الأمة لن تُحل إلا بولايتهم؛ وكأن الدول المجاورة والملاصقة لأرض الكنعانيين لعقود طويلة، لا يحكمها من يسمون أنفسهم بـ العلوية والآل، ويحكمها أناس من بني قينقاع!. واستمرت بخطابها من أرياف وقرى ومدن أحفاد سبأ وحِميّر، بأن الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله في النار على وجهه، وتستدل بأنه لا يزال الإسلام عزيزاً بخلفاء كلهم من قريش؛ وكأنها تعتبر صنعاء شعباً من شعاب قريش بمكة، وجبل النهدين جبل أُحد، وعمران يثرب، وذمار البقيع، وحجة غار حراء!.

ختاماً، رغم الجهود المضنية الكبيرة، والخطابات المتنوعة، والتركيز على كافة الأبعاد الثقافية والاجتماعية والجغرافية والدينية؛ إلا أن الحضور كان باهتاً، وذلك دليلاً على أن نسبة الوعي في ارتفاع مستمر. وللتذكير، بأن من كان ينكر بالأمس احتفال بعض الدول المستقرة بأعيادهم الوطنية نظراً لقضية الأمة، هو نفسه اليوم من خرج يقيم الاحتفالات المكلفة في دولة عمل على انهيارها، وفي وسط شعب يعاني منهم السلب والنهب والتجويع الممنهج. وللاستدعاء، بأن من كان يتذلل بالأمس ويمارس التقية، ويطالب بالسماح للاحتفالات الخاصة تحت سقف الدولة، ودون أن يصرف لها من مقدرات الشعب، هو نفسه اليوم من أصبح اليوم يلغي الأعياد الوطنية الجامعة، ويصرف المبالغ المهولة على الأعياد الطائفية المقيتة، بل وبات يروج ليوم العبودية بأنه عيد الأعياد، وعيد الله الأكبر!.