آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

هل تفوّق الحوثي باستخباراته على الشرعية؟

الجمعة - 12 يوليه 2024 - الساعة 02:15 ص

نزار الخالد
بقلم: نزار الخالد
- ارشيف الكاتب


تعاني اليمن منذ سنوات من الحرب الدائرة بين القوات الشرعية والحوثيين ذراع ايران في المنطقة الذين يحاولون السيطرة على السلطة في البلاد. ورغم تحقيق الشرعية بعض الانتصارات في المعارك ضد الحوثيين، إلا أنه لا يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

تعتبر الحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حالياً، نتيجة الحرب المستمرة منذ عام 2015، ولم يتم التوصل إلى أي حل سياسي ينهي الصراع الدامي الذي يشهده البلد ، وفي هذا السياق، شكّل تحالف عسكري للمساعدة في أستعادة الشرعية ومواجهة ميليشيات الحوثيين الارهابية غير انه فشل بسبب الادوات المستخدمه .

على الرغم من تعهدات الدول الاقليمية بتحقيق الاستقرار والأمن، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن عدم تنفيذ أي من هذه التعهدات، فقد شهدت اليمن منذ بدء الحرب تدهوراً كبيراً في الوضع الإنساني، ونقصًا حادًا في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، إضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المعارك و القصف قد أسفر عن مقتل وجرح العديد من المدنيين الأبرياء، وتدمير البنية التحتية للبلاد بشكل كبير. لا يمكن تبرير هذه الهجمات العشوائية بأي حجة، فالضحايا الأبرياء لا يمكن أن يكونوا هم الثمن الذي يجب دفعه من أجل تحقيق أهداف سياسية في اليمن لدول اقليمية و دولية.

ومن الواضح أن الدول الاقليمية قد فشلت في تحقيق أهدافها التي اعلنتها، ولم ينفذ أي من التعهدات التي قدمتها بخصوص تحقيق السلام والاستقرار في البلاد من كل الاطراف الدوليه .

إن الحرب الغير معلنه لم تجلب سوى المزيد من الدمار والمعاناة للشعب اليمني الذي يستحق العيش بكرامة وأمان، فقد اعتبر الكثيرون أن عدم وجود رؤية واضحة لدى الدول الاقليمية والشرعية قد مكن الحوثيون من التمدد وفرض شروطهم على الساحة اليمنية ،فبدلاً من التركيز على تحقيق الاستقرار وإعادة بناء البلاد، وجدت الدول الاقليمية نفسها متورطًة في حروب طويلة ومعقدة، دون أن تحقق أهدافها الرئيسية مع ان الامر بسيط.

ومن الأمثلة على ذلك، فإن الحوثيين استغلوا الفراغ السياسي والعسكري في اليمن لتوسيع نفوذهم وتعزيز سيطرتهم على المناطق الحدودية مع السعودية ومناطق الشرعية، وهو ما جعلهم يمتلكون موارد اقتصادية وعسكرية تمكنهم من المضي قدمًا في أهدافهم.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات الداخلية داخل الدول الاقليمية والشرعية، وعدم تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء، كان لها دور كبير في تقويض الجهود المشتركة لمواجهة الحوثيين.

وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه مزيدًا من التعاون والتنسيق، شهدنا تصاعد التوترات بين القوى الداعمة للشرعية، مما جعل الحوثيين يستفيدون من هذه الانقسامات ويستغلونها لصالحهم،
وأعطى ضعف الأداء الاستخباراتي للشرعية، تفوقًا للحوثي الذي يستعين بهذا الخصوص بالاستخبارات الايرانية.
و يمكننا القول أن قوة الاستخبارات والتي تعد أحد أهم العوامل الرئيسية التي أسهمت في نجاحهم على الأرض، حيث تعتبر هذه القوة أكثر من الشرعية بمراحل عديدة ورغم وجود كوادر ذكية و ذات مهارات استخبارية عالية غير ان سوء الادارة و ضياع الامكانيات اعطى التفوق للحوثيين.

بالاضافة الى غياب وعدم توفر أسلحة ثقيلة وذخائر ومعلومات لدى جنود الشرعية في جبهات التماس، استطاعت القوة الاستخباراتية للحوثيين الوصول إلى معلومات دقيقة ومهمة تساعدهم في تحقيق النصر والتقدم على الأرض و الاغرب ان القيادات العسكرية تسمح لجنود الشرعية اخذ اجازات طويلة للجنود بالسفر الى مناطق الحوثيين مما يسهل الاختراق و اعطاء العدو المعلومات مجانا.

و من المعروف، أن الاستخبارات هي العمود الفقري لأي جيش أو ميليشيا، حيث توفر لهم المعلومات الضرورية التي تساعدهم في اتخاذ القرارات الصائبة والتحرك بشكل استراتيجي وفعال. وبالنظر إلى القوة الاستخباراتية الكبيرة التي يتمتع بها الحوثيون، يصبح من الواضح أنهم يمتلكون ميزة كبيرة مقابل الشرعية في هذا الصراع.

ففي الوقت الذي تعاني فيه الشرعية من نقص حاد في المعدات والأسلحة، والمعلومات، يمكن للحوثيين الاعتماد على معلوماتهم الدقيقة والسرية لتحديد نقاط الضعف والفرص التي يمكن استغلالها لصالحهم. وهذا يساعدهم في تحقيق الانتصارات والسيطرة على المناطق الاستراتيجية بسهولة أكبر و ما يبعث بالامل هو فشل الاستخبارات الحوثية في الساحل الغربي.

علاوة على ذلك، يظهر غياب كبير لجنود الشرعية في بعض الجبهات، مما يجعل الحوثيين يتمكنون من التقدم بسرعة وسهولة دون مواجهة مقاومة قوية. وبالتالي، يمكن القول بأن قوة الاستخبارات للحوثيين تعد أحد العوامل الرئيسية التي تجعلهم يتفوقون على الشرعية في هذا الصراع، إلى جانب عدم مبالاتهم بعدد الضحايا الذين يسقطون في صفوفهم.
بالنظر الى ارتقاء شهداء بمعدل ١٠ شهداء يوميًا بين صفوف الشرعية ومصرع مثلهم من صفوف مليشيا الحوثي الايرانية، يبدو أننا ما زلنا في حرب غير معلنة وأن موضوع الهدنة هو اكذوبة، والسلام هو الآخر كذبة كبيرة أيضًا، و ان الحرب لا بد ان تصل لمعركة حاسمة تقود للسلام الحقيق. فبعد معركة 2 ديسمبر 2017م لم تشهد اليمن معركة فعلية.

ان ما يدفعني للكتابة بهذا الخصوص ان اليمن تعيش حاليًا في ظروف صعبة ومأساوية بسبب الحرب الدائرة منذ سنوات بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران. وبالرغم من جهود المجتمع الدولي لوقف النزاع والوصول الى حل سياسي، إلا أن الأوضاع لا تزال تتفاقم وتشهد تصاعدًا في عدد الضحايا.

إن ارتفاع عدد القتلى والجرحى من الجانبين يوميًا يعكس حجم الدمار الهائل الذي تسببت فيه هذه الحرب الدموية. وبالرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها القوات الشرعية للدفاع عن اليمن واستعادة السلام والاستقرار، إلا أن مليشيا الحوثي لا تزال تستمر في استهداف المدنيين والبنية التحتية بشكل متكرر.

من الواضح أن موضوع الهدنة والسلام لم يعد ساري المفعول وأن الأطراف المتنازعة لا تبدي أي نية جادة لوقف النزاع والتوصل الى حل سياسي. فالحقيقة المرة هي أن هذه الحرب لا تزال مستمرة وأن اليمنيين لايزالون يدفعون الثمن الباهظ في ظل تجاهل المجتمع الدولي وتقاعسه عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف النزاع.
في الختام، يمكن القول بأن القوة الاستخباراتية للحوثيين شكلت وتشكل فارقًا كبيرًا بالمقارنة مع الشرعية، نظراً للقدرة الكبيرة التي تتمتع بها في جمع المعلومات وتحليلها واستغلالها في تحقيق الأهداف و الوائر الاستخبارية الشرعية مشتته الولاءات. ومع استمرار هذه الوضعية، يبدو أن الحوثيين سيظلون في موقع القوة والتفوق حتى تتغير الظروف على الأرض.

وعليه، يجب على الدول الاقليمية والشرعية أن يعيدا النظر في استراتيجيتهما ويعملا على وضع رؤية واضحة لتحقيق الاستقرار في اليمن. فالتمدد الحوثي وفرض شروطهم لن ينتهي إلا بالحسم العسكري و بعدها بإيجاد حل سياسي شامل يلبي تطلعات جميع الأطراف اليمنية، ويضع حدًا للصراع الدائر في البلاد.