آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

كوفية الاقتصاد.. تُعري رأس الساسة وتظهر غياب القيادات المتحرره!

الأربعاء - 17 يوليه 2024 - الساعة 01:17 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


استهلالاً بالتاريخ وتجاوزاً للاقتصاد، تُعد محافظة لَحْج بطن من بطون حِمْيَر، وتسميتها نسبة إلى "لحج بن وائل بن الغوث بن قطن، وصولاً إلى الهميسع بن حِمْيَر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان". تتواجد فيها الكثير من المعالم والقلاع الحِميّرية، وبها عزلة معبق، ووادي معبق الذي يعتبر من الأودية الجافة -على السلالية-، وتعتبر امتداد تاريخي ترابطي ما بين المناطق الوسطى والجنوب، والذي يمتاز أهلها بوضع الكوافي بأنواعها (الجاوية أو الزنجبارية أو السواحلية أو الخيزرانية) على رؤوسهم، وتمثل إرثاً ثقافيا عريقاً؛ ولكن بعض الكوافي قد لا تغطي الرأس بقدر ما تعري بقية أجزاء الجسد المتهالك، وتوضح رعشة الأقدام المرتجفة غير المتحرره، وتكشف خيوط الأيادي الخارجية التي تُحرك الدمى، وتفضح مستوى العبث بالمشهد الاقتصادي والسياسي والعسكري في الساحة الوطنية.

المتابع لردود فعل المواطنين ومشاعرهم سواءً في الفضاء الواقعي أو الافتراضي، بخصوص القرارات الأخيرة لمحافظ البنك المركزي -المتأخرة-، يُصاب بالصدمة والدهشة معاً؛ كون ما قام به يعتبر من صلب اختصاصاته الاعتيادية، ومن أبسط مهامه اللازمة، ومن أيسر أدواره الوظيفية، ومن أسهل إجراءات عمله المتوجبة. بالمقابل، عكس التفاعل الشعبي حجم تعطش الشارع العام إلى وجود رجال دولة صادقين، ومقدار بحثهم الشاق في كومة الأذرع عن دور المؤسسات الحكومية، ولهفتهم للالتفاف حول أي قيادة وطنية حقيقية -لا صورية-، وأسدل الستار -في نفس الوقت- عن أزمة توافر رجال الدولة، وفراغ دور المؤسسات، وغياب القيادات الوطنية المتحررة!.

وظيفياً، لا تقتصر مهام محافظ البنك المركزي على إصدار وسحب التراخيص من البنوك، بل تشمل تطبيق السياسة النقدية، وإصدار الأوراق والمعادن النقدية، وإدارة الأصول الاحتياطية، والرقابة على البنوك، وإدارة إصدارات واستحقاقات أذون الخزانة نيابة عن الحكومة، وتطبيق القوانين المصرفية، وتحرير القيود على النقد الأجنبي، وإدارة الدين العام الخارجي، وغيرها من المهام المتعددة ذات الصلة.

واقتصادياً، أقدمت واستمرت الجماعة الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة (المصنفة) على تدمير السياسة النقدية عبر اختلاس عمليات الفائدة البنكية ونهب احتياطياتها، وعبثت بإصدار المعادن النقدية، وسطت على الأصول الاحتياطية، واجتاحت البنوك التجارية، واستحوذت على الشبكات المصرفية، وتهربت من دفع أموال المودعين، وضاربت بصرف العملات، وتلاعبت بالتحويلات الداخلية والخارجية، ونهبت إيرادات مؤسسات الدولة، وسلبت سيولة القطاع الخاص، وغيرها!. وبالرغم من كل ما سبق، وبالنظر إلى مرور ما يقارب من العقد الزمني، إلا أن مهام البنك المركزي اقتصر مؤخراً على إيقاف ستة بنوك فقط مع بعض الإجراءات المتواضعة الأخرى!.

وأممياً، أثبتت رسالة المبعوث الأممي الخاص بخصوص ذلك، حجم استيائهم مما يحدث في البحر الأحمر، وبرهنت موقفها العدائي لمليشيا الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة؛ حيث شددت على الالتزام بكافة الاتفاقيات السابقة الخاصة بتوريد الإيرادات العامة، بما فيها إيرادات الضرائب والجمارك والموانئ، وأشارت إلى ضرورة صرف الرواتب من تلك الإيرادات، وحذرت من الاعتداء على مراكز التصدير السيادية، وعبرت عن إدانتها الكاملة عن التجويع الممنهج ضد أبناء الشعب، وذيلت رسالتها بنسخة إلى كل من أعضاء الدول الرباعية الراعية للاتفاقيات السابقة (لا إلى محافظ البنك المركزي اليمني!).

قبل الختام، رسالة أبناء الشعب بخصوص تلك القرارات -البسيطة والمتأخرة- حملت بطياتها دلالة ثنائية، تضمن مدلولها الأول رسالة لكهنة الآل وقفازاتها القذرة، بأنكم لن تحكموا أحفاد سبأ وحِميّر، والكوفية السبئية الحِميّرية البسيطة قادرة على استعادة مقدرات الدولة بما في ذلك العسكرية، وأما مدلولها الثاني موجهة للطرف الآخر ومفادها أن بعض الكوافي لا تغطي بقدر ما تعري رؤوس التابعين الخانعين غير المتحررين!.

ختاماً، في عهد الإمامية البغيضة كان لغطاء الرأس وظيفة طبقية اجتماعية وسياسية، قائمة على التمييز الفئوي، ومستندة على التفرقة العنصرية، وحاكتها أيدي الشظايا و الدخلاء والغرباء من كهنة الآل؛ ولكن في عهد الجمهورية الأولى تلاشت تلك الوظيفة الاجتماعية لغطاء الرأس، نظراً لأن اهدافها انصب على إزالة الفوارق والامتيازات الطبقية، بل أنه أُطلق عليها بـ "العمامة النجسة، ولا عمامة بعد اليوم"!. أما اليوم يبدو أن كوفية الرأس، وزاوية ميولها، سوف تصبح لها رمزية ثورية؛ وذلك لإسقاط قاوق الكهنوتية، وانتزاع التوزة من خاصرة السلالية، وإعادة طريقة ربطة عمامة فكر قفازاتها القذرة!.