آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

إحراق ورقة قوة الحكومة اليتيمة

الجمعة - 26 يوليه 2024 - الساعة 12:22 ص

خالد سلمان
بقلم: خالد سلمان
- ارشيف الكاتب


‏وكأن الوقائع اللاحقة لما بعد قرارات مركزي عدن ، تجرنا إلى مساحة الشك ، وأن هناك من دفع الشرعية إلى إتخاذ جملة قرارات نقدية مالية ، لتمرير مشروع تسوية أو القفز على القضايا الواقفة بالمنتصف ، مقابل التراجع عن تلك القرارات والدخول بمقايضات، تُحسب محصلتها للحوثي والطرف الآخر الرياض، الأول بإسقاط كل إجراءات ماقبل الإتفاق ، وفتح السويفت والى جانب الطيران برحلاته المضافة ،مُنح الحوثي الحق السيادي في إصدار الجوازات من صنعاء، وإبقاء أنشوطة الخنق على موانئ إنتاج وتصدير النفط ، والثاني الرياض خرج من مربع حرب كادت أن تندلع وتعطل كل مشاريعه الداخلية وأمنه غير المستقر، دون إغفال الملاحق السرية غير المعلنة.
قرارات إقتصادية بهذه الجذرية وبكل تبعاتها التي ربما تقود إلى الحرب ، ماكان لها أن تُتخذ مالم يكن هناك قدر واسع من التشاور مع الرعاة الإقليميين ، لتغطيتها سياسياً وحتى عسكرياً، حال إنفجار المواجهة المسلحة ، وبالتالي بجردة حساب بسيطة على قاعدة الربح والخسارة، هناك رابحان وخاسر واحد : الحوثي والسعودية في الخانة الأولى، فيما الشرعية مجبرة على البقاء في خانة الخسارة والخذلان والهزيمة المؤبدة، وكأن ذلك عنوان إقامتها الدائم، وصندوق بريد قصرها الرئاسي.
الحوثي حقق كل شيء من البنود الأربعة إلى قوننة وضعه كطرف شرعي أوحد ، إلى رمي كرة النار في وسط الشرعية لتحرق ما كادت أن تصله القرارات الأخيرة، من حبل ود مقطوع بينها وبين سائر الطيف الإجتماعي ، وتجسير الفجوة بين إغتراب الشرعية عن هموم الناس وآمالهم ، وإمكانية توسيع القاعدة الشعبية لحكومة لا تستثمر إلا في المعارك ، التي تنتهي بالخيبات العظيمة والإرتدادات نحو الخلف.
التراجع عن القرارات النقدية وإحراق ورقة قوة الحكومة اليتيمة ،لها تداعيات آخذة بالتفاعل على أكثر من مستوى: نزع آخر ماتبقى للناس من أمل في سلطة أقل من مستوى التحديات ، وإعتبارها والعدم سواء ، وعلى صعيد مقابل فإن المجلس الإنتقالي وضِع بين مطرقة ضغط الإقليم وسندان الغضب والسخط الشديدين لحواضنه، حد المطالبة الإطاحة بالقيادة مجتمعة دون إعتبار لرمزية أي أحد ، خاصة وأن لابيان لهيئاته ينسجم مع سابق الشطحات السياسية لقياداته، التي طرحت نفاد القرارات بكفة وفض الشراكة في كفة أُخرى، وكأننا جميعاً نملك القرار المستقل، ونعلي مصالح مشاريعنا السياسية الوطنية فوق مصالح الإقليم، أو حتى منحها الأولوية في سياقات تبادل المصالح.
وسط هذه الحرائق والإرتباكات ،سنجد بعض الإختصاصيين في تأويل كل شيء لصالح إنتماءاته السياسية البنكنوتية، وآخرها القول بأن التراجع عن القرارات المالية تخدم مشروع الجنوب،كيف؟الله وحده يعلم ، وآخر أكثر رأفة بالسعودية من الحاشية الملكية نفسها ، برفع خطابه إلى سقف غير معهود في النفاق السياسي، بالقول ان كل شيء يقود إلى ضرب مصالح المملكة أو يهددها بالحرب ،في إشارة إلى تصعيد الحوثي الكلامي ، علينا التضحية به (أي قرارات البنك)، والتراجع عنه ، وكأن الوطن خارج مصفوفات تلك المصالح ،وإن قوس قناعات هذا البعض ،مشدود الوتر بإتجاه حسابات تحددها أسهم البورصات وأسواق الصرف وعكاظ بيع الولاءات ، لا مصالح الوطن.
الشارع يمضي نحو ما هو أخطر من التململ ، ومن قبول الشعارات المسكنة التي تتصادم مع معطيات الواقع البائس ، كل شيء ينهار من حول الناس، بما في ذلك الوصول حد الكفر بسابق القناعات ،وبكل المسميات السياسية الحاكمة والمعارضة والشخصيات الإعتبارية ، فحين تتقارب المسافات بين الموت على قيد الحياة والموت الفعلي الملموس ، وعند الوصول إلى هذه المنطقة الحرجة ،إنتظروا الإنفجار الكبير، حيث لا أحد سيكون حزيناً إن خسر قيده.