آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-01:54ص

إستراتيجية تقاسم الأدوار…التفريع لأجل التفريغ!

الجمعة - 26 يوليه 2024 - الساعة 12:24 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


بدأت تظهر مؤخراً خطابات ناعمة جديدة منمقة من قبل الكهنوتية السلالية كـ نوع من خطوط الرجعة، وإحدى تلك الإستراتيجيات تتمثل بإستراتيجية التفريع، أي تقسيم الكهنوتية السلالية إلى فروع متعددة، مثل: كهنوتية سلالية سياسية، وكهنوتية سلالية اجتماعية، وكهنوتية سلالية تعايشية، وكهنوتية سلالية جمهورية، وبعد مدة سوف ينبثق مسمى جديد "كهنوتية سلالية اقتصادية"، وغيرها!.

وبشكل تدريجي يتم تمرير بعض الأطروحات بأن فرع "الكهنوتية السلالية السياسية" هو من يسعى إلى الحكم تحت عباءة الولاية والحق الإلهي، بينما فرع "الكهنوتية السلالية الاجتماعية" يمثل السلالية في إطارها الاجتماعي فقط كـ عشيرة عربية مأمونة على نسبها، وتشارك الناس الحياة!. ويبدو كذلك أن دور فرع "الكهنوتية السلالية التعايشية" يقتصر على المناداة إلى السلام والتعايش والتسليم والخنوع والاستسلام للوضع الراهن، مع مراعاة الجدولة الزمنية لتلك الدعوات حتى الانتهاء من الاستيلاء على كامل مفاصل ومقدرات الدولة. بينما تنحصر مهمة "الكهنوتية السلالية الجمهورية" على وضع الخلفيات الجمهورية على صورها، ومعايدة الجماهير ظاهرياً بالأعياد الثورية الوطنية المجيدة الخالدة، واختراق ما تبقى من صفوف جمهورية!.

منطقياً وواقعياً، تلك ليست تفرعات بقدر ما هي تأدية أدوار محسوبة ومدروسة ومتفق عليها، فـ الكهنوتية السلالية ذات نمط تفكير بخلفية موحدة، وتربطها منهجية محددة، وتجمعها استراتيجية خبيثة متشابهة، وتمارس سلوكيات قذرة متطابقة، وكافة خططها وتوجهاتها متماثلة. كما أن الهدف الأول من افتعال تلك التفريعات هو تحميل "الفرع" المسؤولية الكاملة عن "الأصل"، وصولاً لاختزال الفرع بأسرة واحدة. أما الهدف الآخر فيتمثل بالتمويه والتخفي، وتفريغ شحن صدور أبناء الأرض وأصحاب الحق الموغرة والممتلئة بالآلام والأوجاع من انتهاكاتهم وجرائمهم وغدرهم ومكرهم وخبثهم؛ وذلك بعد سقوط كل أقنعتهم الخفية خلال العقدين الزمنيين السابقين، وتكشف سوآتهم للجميع خلال العقد الزمني الأخير. وليس ذلك بجديد، فقد حدثت نفس سيناريو تلك التفريعات قبل أكثر من ستة عقود؛ ولكن سرعاً ما عادت تلك الفروع للعمل السري تحت جذع أصل الشجرة الخبيثة، وأسقطت الجمهورية الأولى التي قبلتهم ومدت يديها لاحتوائهم.

تاريخياً، الكهنوتية السلالية ليست عشيرة عربية، بل بقايا الشظايا والدخلاء والغرباء، وليست مأمونة، فعبر العصور مارست الخديعة والمخاتلة والمكر والخبث والغدر، ولم تشارك أبناء اليمن الحياة أو تتعايش معهم على امتداد التاريخ وحتى يومنا هذا. ورغم تجارب القرون الطويلة، ومحاولة أحفاد سبأ وحِميّر التعايش معهم واحتوائهم وتقبلهم في أرضهم؛ ولكنها رغم كل تلك المحاولات الكريمة، غرست في بواطن عقول أبنائها الامتيازات الطبقية السلالية، وأدخلت في مخيلة عقولهم العفنة عوامل العنصرية المقيتة والكراهية والفتنة، ولا تزال تعتقد بأن عرقيتها أفضل من عرقية من له الفضل بقبول تواجدها على أرضه!.

والملاحظ والملموس، بأن ما يسمى بـ الكهنوتية السلالية الاجتماعية -وكافة التفرعات الأخرى المفتعلة- صمتت خلال الثلاثة العقود السابقة، وسكتت عما اُرتكب بحق أبناء خولان بن عامر، وحرضت على دخول عواصم المحافظات، وانتشت بعد سقوط العاصمة السياسية، وسكنت خلال سنوات التوغل والإمساك بكافة مفاصل ومؤسسات الدولة، وأسهمت -داخلياً وخارجياً- في أعمال التخريب بشكل منظم، وأوجمت عن ممارسة أبشع الجرائم الشنيعة بحق أبناء الأرض، وعملت على تدجين النشء من أبناء القبائل اليمنية على العبودية والخنوع، واستعجمت الحديث عن مئات الآلاف من الضحايا، ومئات الآلاف من الجرحى، وملايين المهجرين والمشردين من أراضيهم!. واليوم وبعد شعورها بالنشوة والأمان شبه الجزئي، واعتقادها الواهم بأن كافة الأمور تحت السيطرة، خرجت لمحاولة تفريغ الشحنة عبر افتعال التفرعات المتعددة!.

الإشكالية ليس بكل ما سبق، فقد أصبحوا مفضوحين ومكشوفين كلياً، الإشكالية تكمن بأن تجد بعض الحمقى والخرقاء ممن يتقمصون دور العقلانية والحصافة والاتزان، يذهبون وراء تلك الأطروحات والتفريعات، ويصرون على عدم فهم واستيعاب ألاعيب وأدوات وطرق ومنهجيات وأساليب الكهنوتية السلالية حتى تاريخه، ويتعاملون بسطحية وسذاجة منقطعة النظير، رغم تعدد الدروس المستفادة المتكررة!.

ختاماً، لا مكان للكهنوتية السلالية في أرض سبأ وحِميّر، وإن كان هنالك من مطالبة بتجريم الكهنوتية السلالية، فالأولى أن يتم حظر الحاضنات التي توفر بيئة مناسبة للرقيق، وتجريم الفقاسات العكفوية التي أنتجت العبيد لكهنة الآل. وانطلاقاً من مضمون أطروحات الكهنوتية السلالية وتفريعاتها، فبعد استعادة العاصمة السياسية من مخالبها، واسترجاع مقدرات الدولة من فكيها، واسترداد ما تم سلبه ونهبه من ممتلكات أبناء الشعب، سيكون هناك فرع "أحفاد سبأ وحِميّر الاجتماعي"، الذي سوف يمارس السكوت والوجوم والهدوء لنفس المدة الزمنية التي صمت فيها فرع "الكهنوتية السلالية الاجتماعية"!.

---------------------------------
تنويه: مئات المقابر تمتلئ بالآلاف الأبطال الأحرار الشهداء ممن جابهوا أدوات الكهنوتية السلالية، ومئات الآلاف من الضحايا المغرر بهم كـ أدوات للكهنوتية السلالية، ونسبة أبناء القبائل اليمنية - الشهداء والمغرر بهم- في المجمل يتجاوز ٩٩.٩٩%، بينما نسبة الكهنوتية السلالية لا يتجاوز ٠.٠١!. (ويتم تجهيز وتدّجين مئات الآلاف من النشء؛ ليكونوا عكفة وعبيد وأدوات مغرر بهم، وضحايا للمستقبل)