آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-08:40م

أغرب سرقة.. وألطف حرامي قابلته في حياتي!

الجمعة - 02 أغسطس 2024 - الساعة 12:42 ص

ماجد الداعري
بقلم: ماجد الداعري
- ارشيف الكاتب


أقفلت باب الشقة ونسيت المفتاح على الباب من الداخل، فاتصلت للحارس كي يأتي بمفتاح الاحتياط ويخرج المفتاح من باب الشقة..
وبعدها بلحظات اتصل الحارس ليخبرني بأن المفتاح مابيخش عشان يفتح، لأن مفتاحي 🔑 موجود في فتحة المفتاح من الداخل، وأنه بيجيب فني مفاتيح لفتحه وعلي أن ادفع ثمن أجرته..

فوافقت له مضطرا وامري لله.. وقلت له: خلاص اوك أنا بمطعم قريب ودقائق اخلص الغداء واجيك عشان أتفق مع خبير فتح المفاتيح على قيمة أجرته واحضر مراسيم الفتح السحرية..

لكن الحارس سابق الزمن واتصل لشقيق صديقه عماد الديلفري ليأتي كي يفتح الباب بطريقته الاحترافية وخبرته المتراكمة في هذا المجال ...
وفعلا جاء عماد وفتح الباب بكشافة مررها على زاوية الباب وفتحه بطريقة احترافية دونما أي جهد او وقت..
ولأن المهمة يفترض انتهت بفتح الباب وكان على الحارس أخذ المفتاح من الداخل وإغلاق الباب
الا انه قال أنه سمع صوت تسريب ماء من حمام المجلس القريب من الباب، فدخل لاغلاقة ولفتح منفذ الخروج المسدود من الحمام الغارق بالماء مع جزء من الديوان، حسب زعمه وفي محاولة اخراج غبي لما حدث في الشقة من سرقة بغيابي، كوني اتحمم من عشرة أيام ولا يبقى قطرة ماء بقاع الحمام.. فكيف لتسريب بسيط من الحنفية أن يملأ الحمام ويصل إلى الديوان المرتفع عن قاعة وزاويته ولا يخرج من سدة الحمام كبقية الايام.

ولأن الحارس لا يقرأ ولا يكتب لم تخطر بباله أن سرده لهكذا تفاصيل مكشوفة، تجعلني وغيري غير مقتنعين بواقعيتها بل ونحريص على البحث عن شيء ما، يحاول الحارس من خلاله تبرير سبب دخوله للشقة والتحرك بالمجلس..
وحينها زاد شكي فدخلت وقلبت في معداتي وبعض ملابسي وحاجتي في ثلاث حقائبي بغرفة نومي على ثقة مطلقة بأن هناك مايدفع الحارس المرتبك لكل ذلك التخبط وللظهور بحالته الصعبة وهو يحاول الحلف بالله والمصحف والتعصيب بأن شيئا لم يحدث منه داخل الشقة
وبأنه مصر على أن أدفع له ٢٥٠ جنيه مقابل مهمة فتح الباب، وأن المبلغ كله ذاهب لخبير الفتح الاسطوري عماد ولن يقبض منه جنيها واحدا.. وأن علي أيضا أن أحافظ على الشقة من أي تسريب للماء ودفع قيمة ترويضها مما حدث، رغم نظافتها وحداثة إقامتي فيها وحيدا دون أسرة ولا طباخة أو اولاد يمكنهم جعث الشقة وجعلها في حالة تستدعي إعادة تنظيفها وترتيبها في غضون عشرة أيام..

فعرفت حينها أن الحارس يبحث عن فرصة غبية لاستنزافي ماديا كعادة الكثير من حراس العمارات هما مع الأسف، ودون أن يخطر ببالي أن جوالي الخاص برقميا (اليو ويمن موبيل) الذي لا أحمله معي عند خروجي، منذ أن كنت بالهند، قد ضاع أو سرق بالاصح من فوق كنبة استقبال المجلس..

فبدأت بالبحث عنه دون جدوى وتذكرت جيدا أني تفقدت رسائل وتس الرقمين وآخر مستجدات موقعي اكس وفيسبوك ثم أغلقت النت ورميته على وسط الكنبة وخرجت ظهرا من الشقة..
وهنا اتصلت بالحارس واخبرته أن جوالي ضاع من الشقة وأن عليه أن يبحث عنه أو يخبرني بمن جاء معه لفتح الباب ب٢٥٠ جنيه..
لكنه ارتبك وبدأ يصرخ ويحلف وكأنه كان منتظر مني هذا السؤال منذ وصولي للشقة قبل أكثر من نصف ساعة..
وهنأ صعد إلي للشقة وبدأ يلطم ويحلف وينكر ويطلب مني اتأكد ويفتش معي حتى وصلت لقناعة أنه وراء الأمر..
واقسمت له بالله العظيم أني سابلغ الشرطة لتأتي وتحقق معه ومن جاء به للشقة بينما هو ينكر أن الرجل دخل من الباب
قبل أن يطلب من الشخص أن يأتي لكي اسأله
وفعلا جاء الحرامي بكل هدوء وأدب واستسلام واحترام وسلم
وجلس وكأنه مسطول بعد تخزينه قات حرامي..
وقال لي: نعم ياباشا عايز مني ايه
قلت له تلفوني
قال: وأنا مالي انت شايفني حرامي الله المستعان يابو يمن..
قلت له: لا أنا مش متهمك ياباشا بس عايز جوالي وببلغ الشرطة تجيب جوالي.
فقال لي: أوك عندك رقم الشرطة
قلت له: نعم
اتصلت ولكن طلع الرقم خطأ
فقالي بكل ثقة: ماهو الرقم الصح تفضل ياباشا
واستغربت منه وكأنه واثق بأن لديه أحباب بالشرطة ويعرفهم حق المعرفة ولا خوف عليه وأن السجن مش جديد عليه رغم أنه اب لأربعة أطفال مع الأسف.

وبعد لحظات من حواري غير المسبوق مع الحرامي المؤدب استأذن مني وقال لي: خلاااص على اذنك ياباشا أنا حنزل استنيكم تحت، ولو جبت الشرطة رن علي وسجل جوالي عندك..أنا موجود بأي وقت ولأي خدمات
وانصرف على وصول زوجة الحارس على حر وجهها وغضبها مما حدث بعدما جت مع أمها لتطمني بكل جدعنة المصريات الأصيلات بأنها تعرف من سرق جوالي وأنها حتجيبه منه يعني حتجيبه فقط لا أبلغ الشرطة لأن زوجها وسمعته بيروح فيها باعتباره حارس العمارة ومن جاء بالحرامي للشقة وهو يعرف أنه حرامي وسبق أن سرق عمارة ولديه سوابق وطلبت مني فقط أن امهلها يوم يومين للتفاوض مع الحرامي وأهله أو بلغت الشرطة
واعتذرت مني على أي خطأ من زوجها كونه مش متعود ولأول مرة يحصل معاه مثل هذا الموقف إللي مش قادر يستوعبه
وفعلا اطمأنيت لكلامها طالما وهي متأكدة كل التأكيد بأن من سرق جوالي هو خبير المفاتيح وأنها ستعرف كيف تربي زوجها على استعانته به وهو يعرف أنه حرامي، بينما زوجها يقول أنه كان يعتقد أنه خلاص تعلم من السجن والبهذلة وتاب..

المهم جاء المغرب وجوالي ضائع ضائع وكل الحوارات عبثية عشان ما أبلغ الشرطة فقط، لأن الامر متعلق بسمعة العمارة والحي والحارس وأهله ومن جاء به وزكاه منذ ثمان سنوات..
وفجأة دخل أبو آدم شقيق الحرامي وسلم علي بكل رجولة وجدعنة واحترام وطلب مني أن احكم بنفسي على ماجرى وهو سداد وقابل بأي حل أقترحه ولو عشرة حوالات بدل جوالي المسروق وعرض علي أكثر من خمسين ألف جنيه
فزعلت منه ورفضت عرضه
وقلت له أن قيمة جوالي ليس بثمنه وانما بما يحويه من ارشيف وخصوصيات عملي كصحفي.. وبدأت بوادر القلق تعتريني حول دوافع سرقة جوالي.. وما اذا كان هناك أمرا امنيا مدبرا لمحاولة انتهاك خصوصياتي وتتبع أسرار عملي وهوية مصادري الصحفية.

ففهم الرجل قلقي وسر توجسي وتعهد لي بأنه تدخل بالموضوع لكونه يعرف أن شقيقه وراء سرقة الجوال كونه حرامي وصاحب سوابق وأن حارس العمارة محترم وصديقه من سنوات طويلة ولا يمكنه أن يقبل عليه بتشويه سمعته والبهذلة بالشرطة بسبب أخيه الذي جاء به لكي يكسبه لقمة حلال لأولاده لكنه جازاه بسرقة جوالي من الشقة لتحميله المسؤولية والتهمة
ولذلك فأخيه محجوز معه وجاهز لتسليمه للشرطة والشهادة بأنه هو من سرق الجوال وليس حارس العمارة..
وحينها طلبت منه أن يراضوه بأي ثمن لإعادة جوالي بثمنه جديد وأكثر..
فقال لي أنهم حاولوا معه من أول ما عرفوا بسرقة جوالي لكنه رافض كل العروض ومنكر علاقته بسرقة الجوال أو حتى دخول الشقة باستثناء بابها ووقوفه أمام حمام الاستقبال حينما دخل الحارس لفتح سدة الحمام وإغلاق الحنفية وخرجا معا من الشقة واستلم أجرته ١٥٠ جنيها فقط وليس ٢٥٠ كما يحلف الحارس إيمانا مغلضة بذلك..

وبعد حوار طويل بيني وشقيق الحرامي عماد. اتفق مع من كانوا معي بأن يخرجوا لشراء جوال جديد بدلا من جوالي واعتباري فقدته بحادث غرق او انكسار أو غيره..
وفعلا خرجوا وجابوا جوال جديد لا أعرف قيمته ولا مواصفاته بعد، وإنما هو ليس بمستوى جوالي المسروق واضطريت لتقبل الأمر على مضض وقهر بفقدان التواصل والارشيف والمراسلات وغيرها، وأخذت الجوال نزولا عند رغبة اليمنيين الذين تدخلوا في الموضوع أيضا..
وحزمت حقائبي بعدها وغادرت الشقة على أمل إعادة قيمة مادفعتها مسبقا من إيجار للعشرين يومآ المتبقية من الشهر لكن احد سكان العمارة من اليمنيين أخبرني بعدها بأن الوسيط شقيق الحرامي المحترم محرج وخسران ومش حيقدر يدفع بقية المبلغ كاملا وإنما اقل من نصفه واحتساب العشر الايام التي قضيتها بالشقة بعشرة آلاف جنيه بواقع الليلة بألف جنيه..
فقلت لهم أنني قد نكبت بفقدان محتوى جوالي وتيتمت منه كتيتم طفل من ولده الوحيد وأصبحت الآن معزولا خارج نطاق التغطية والتواصل مع اليمن تماما بالواتس والاتصال والواتس وتويتر.. ومشكلتي مش حافظ الأرقام ولا كلمات السر المحفوظة في ذلك الجوال أساسا.. ولكن مادام والايام هذه موسم للسماح معلش والاجر من الله.
وهذه قصتي مع ألطف حرامي مؤدب صديق للشرطة وواثق من نفسه تمامآ أكثر من اي فاعل خير بالحياة هذه الأيام..

أغرب سرقة.. وألطف حرامي قابلته في حياتي!
#ماجد_الداعري