آخر تحديث :الخميس-26 ديسمبر 2024-10:40ص

احمد علي بين كفتي ميزان الصراعات السياسية العسكرية 2011 وحتى منتصف 2024

الجمعة - 02 أغسطس 2024 - الساعة 02:02 ص

عبدالله فرحان
بقلم: عبدالله فرحان
- ارشيف الكاتب


دشنت القنوات والمواقع الاخبارية اليمنية وصفحات التواصل الاجتماعي مساء يوم امس الاربعاء 31 / 7 / 2024 اخبارها وتداولاتها نشرا وكتابة وتعليق حول قرار مجلس الامن لرفع العقوبات عن العميد السفير احمد علي عبدالله صالح وعن والده الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح . وهو القرار الذي اتى بناء على طلب من قبل مندوب الحكومة اليمنية بموجب مذكرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي .

بين زحام ضجيج المواقع وشبكات التواصل بمناسبة قرار رفع العقوبات انقسم الجمهور السياسي الى ثلاث اقسام : القسم الاول مرحب ومهلل ومزغرط برفع العقوبات. ويغلب عليه الطابع المؤتمري . والقسم الثاني ساخط ومعارض ويغلب عليه طابع المعارضة ضد صالح ابان احداث2011 . وقسم ثالث متحفظ ومتعمد لتجاهل الحدث دون تعليق توخيا لمحاذير وموانع سياسية .
البعض ناشطون وسياسيون ومتابعون ذهبوا للربط بين قرار رفع العقوبات وخارطة الطريق المعلن عنها قبل ايام ويرون في رفع العقوبات بانها احدى بنود خارطة الطريق الغير معلن رسميا عن بنودها . بينما اخرون يرون في رفع العقوبات احدى المرتكزات الرئيسة للتسويات اليمنية الشاملة وانها اتت وفقا لتفاهمات اقليمية سعودية اماراتية اممية .

البعض جعل من رفع العقوبات اعادة تصدير لاحمد علي سياسيا كشخصية قيادية توافقية سيتم القبول بها او فرضها على مكونات الشرعية وعلى الحوثي وفقا لتسويات سياسية شاملة . واخر يرى بان اعادة تصدير احمد علي الى الواجهة نوع من التكتيك العسكري لخوض حروب جديدة انتقاما من الحوثي لأرتكابه جريمة اغتيال وتصفية صالح .

اعتقد بان الجمهور السياسي المتابع او المهتم بالمستجدات سيجد غريزة الفضول تدفعه الى البحث عن حقيقة احمد علي وحقيقة الاتهامات سابقا ضده التي زعم الكثير بانها كانت خلف قرار فرض العقوبات ضده .
دافع الفضول ايضا يجعلنا ان نبحث عن حقيقة احمد علي في العام 2024 وعن حقيقة التصنيف الانتقامي والدوافع الظاهره او الخفية لاعادة تصديره في التوقيت الحالي الى المشهد السياسي مجددا . ?!

ومن اجل ان نتوصل الى نتائج بحثية اكثر مصداقية ازاء ذاك الفضول الباحث عن حقيقة احمد علي .. فاني اعتقد بان المتوجب علينا اولا : هو التجرد عن الاحكام السياسية السابقة والسطحية الحالية . وان نعود الى الخلف سياسيا وعسكريا 13 عام ولنضع الرجل بين كفتي الميزان للتقييم وبطريقة محايده .وفقا لمعايير التقييم المتعددة الاوجه وعلى النحو
التالي :
1/ المعيار الاخلاقي والمنهي :
على الرغم من ان احمد علي النجل الاكبر للرئيس الزعيم علي صالح الحاكم لليمن 33 عام الا انه كان اخلاقيا اكثر من ممتاز ولربما يكاد سجله الاخلاقي ان يكون زيرو0 بلطجة . زيرو0 غرور وعنجهيه . زيرو0 معاكسات لا اخلاقية . خلافا لاخرين اولاد للشيخ واولاد للفندم . وخلافا لاقارب له وخلافا لاخرين كانوا مقربين الى والده من ابناء منطقته والقبيلة ومن ابناء ذوي الجاه والنفوذ الذين ياما عرفنا عنهم الكثير من العنجهية والبلطجة والمعاكسات الاخلاقية ..
وفي الوقت نفسه فاحمد علي مهنيا لربما 8على10 كونه كان على قدر كبير من التعلم والتأهيل وكان له الفضل في انشاء مؤسسة عسكرية عرف عنها بانها الاكثر انضباط وطواقمها على قدر عالي من التأهيل والمهنية والضبطية .

2/ المعيار السياسي والعسكري بالعلاقة مع الصراعات والاحداث العسكرية والانقلابات والحروب التي عصفت باليمن .
وهنا نؤكد بان كافة الصراعات السياسية العسكرية منذ العام 2011 حتى اواخر العام 2017 كان شخص علي عبدالله صالح مرتكزها ومحورها الاساسي وعامل رئيسي في كافة تفاصيلها ومعيار للتصعيد والتهدئة في جميع احداثها اليومية .. وعلى الرغم من ان أولى شرارات تصعيد الصراعات السياسية 2009 حتى الانفجارات الكارثية 2011 كانت تحمل اسم احمد علي وتزعم بان محاولة توريث صالح السلطة لابنه احمد سببا رئيسا وحصريا لكل تلك الصراعات .. ورغم كل ذلك ورغم الاستهداف الارهابي بالتفجير والتفخيخ ضد علي صالح واركان نظامه منتصف العام 2011 ورغم قيادة احمد علي للقوة العسكرية الضاربة الا انه لم ينخرط بشخصه في ذاك الصراع ولم نسمع له او عنه حتى تصريح او خطاب تحريضي او انتقامي مطلقا .
فالحقيقة التي لا جدال فيها بان احمد علي بدأ منفردا من بين اقطاب اطراف الصراعات جميعهم الاكثر حكمة وعقلانية وضبط للنفس حتى ان قواته ممثلة بالحرس الجمهوري كانت الاكثر انضباط دون تهور وبعيدة عن صراعات 2011 باستثناء مهام محدودة وفقا لتكاليف وتوجيهات في اطار مهامها المؤسسية .
الحقيقة ايضا الواضحه وضوح الشمس بان احمد علي عقب تسليم السلطة من قبل والده صالح لخلفه هادي كان الاكثر التزاما وتنفيذ للقرارات والتوجيهات العسكرية الصادره اليه من قبل الرئيس رغم احتدام الصراع السياسي ومداخلات عسكرية من حين الى اخر بين والده صالح والرئيس هادي ورغم تخندق وتمتسر عدد من القيادات العسكرية اصطفافا مع والده صالح ضد الرئيس هادي 2012 حتى منتصف 2017 الا ان احمد علي كقائد عسكري في العام 2012 التزم وقبل بقرار رئيسه هادي القائد الاعلى للقوات المسلحة ونفذ قرار تسليم قيادة الحرس الجمهوري دون ادنى مراجعات او مماطلة ودون تذمر او تمرد . رغم الولاء العسكري المطلق من قبل قواته له ورغم الامكانات السياسية والشعبية المتاحة له جدا للتمرد والانقلاب والاطاحة بهادي عسكريا في غمضة عين .

لعل المتذكر ايضا لتفاصيل الاعوام الثلاثة 2012 _ 2015 سيدرك جيدا بان الرئيس هادي وبطريقة اقرب الى الاستفزازية اصدر واتخذ عدد من القرارات ضد احمد علي بطريقة مباشره ضد شخصه واخرى غير مباشرة بدأ حينها بانه اراد منها اثارة الوحش الرابض في صدر احمد علي ليجبره على المواجهة او لربما اراد منها التعسف بدأ بقرار الاقالة من قيادة الحرس ثم التسريح والتوقيف والتعسف ضد القيادات العسكرية في الحرس الجمهوري القريبه من احمد علي ثم قطع الاعتمادات المالية عن الوية الحرس ثم هيكلتها وتدميرها .وبالتزامن مع قرار النفي ضد احمد علي واخراجه من اليمن سفيرا لدولة الامارات ثم اقالته من منصب سفير والضغط على الامارات بواسطة السعودية لفرض الاقامة الجبرية ضده وليعقب كل ذلك بمذكرة من هادي وحكومة الشرعية الى مجلس الامن لاصدار قرار فرض العقوبات ضد احمد علي وتوصيفه ظلما وتعسفا بانه مجرم قاتل ومدمر لليمن ومعيق للسلام .. وفي المقابل لكل ذلك ورغم الظلم والتعسف ضد شخصه الا انه لم يكن له ولو تصريح او تلميح بالرفض او التحريض ضد هادي او ضد المكونات والاحزاب المنتقمه منه عبر الرئيس هادي او عبر المبعوث الاممي ومجلس الامن ولم ترصد او توثق اي من التقارير المحلية او الدولية ولو حالة اشتباه واحده تشير الى ان احمد علي زرع او دعم او مول او او وجه او اوعز الى جماعات او جهات عسكرية او مسلحة داخل اليمن لارتكاب اعمال مسلحة ضد فلان او ضد اي جهة حكومية او سياسية او حزبية او قبلية .

3/ المعيار الدبلوماسي السياسي في ادارته للعلاقات مع الداخل اليمني والمحيط الاقليمي .
على الرغم من الاعلان الحوثي الانقلاب رسميا 21 سبتمبر 2014 وما اعقبه من اعلان سعودي لعاصفة الحزم 26 مارس 2015 واعلان تحالف الرئيس صالح مع الحوثي ضد التدخل العسكري من قبل دول التحالف وما اعقبه من صراعات سياسية وعسكرية بين صالح والحوثي وانتهاء بمعارك ديسمبر 2017 والتي اسفرت عن استشهاد الزعيم صالح . وما اعقبها من متغيرات عسكرية وتحولات في العلاقات السياسية الداخلية والخارجية لقيادات صالح العسكرية الموالية له ولحزب المؤتمر قياداته وقواعده .. ورغم الجروح النازفه في صدر احمد علي وخصوصا بعد تصفية والده واستهداف اسرته .. ورغم كل شيئ مولم وموجع الا انه ظل ملتزما الحياد والصمت واضعا في الاعتبار قيود قرار العقوبات واعتبارات الاقامة في بلد اخر خارج اليمن وملتزما بمنهاجه ومبدأه الذي انتهجه حيادا تجاه الصراعات العسكرية السياسية . وهو الحياد الذي جعل علاقاته مع كافة المكونات وبمختلف مسمياتها داخل اليمني اقرب الى علاقات الحياد غير المقلق . وهي العلاقات البارده ايضا دول الاقليم . وعلى الرغم من سلبية ذاك الصمت والعزلة الا انه ظل محتفظا بشعبيته وقواعده الحزبية ومناصريه الذين تزايدوا نوعا وعددا حتى اصبح الكثير يرى فيه ماء باردا سيكون بمقدوره ان يروي عطش اقوام تائهين طيلة اعوام في صحاري قارية مشمسه مقفزة يقتلهم العطش وينهكهم التويهان .

4/ المعيار القانوني لفرض العقوبات والهدف من رفعها في الوقت الحالي ..
فمما يجدر الاشارة اليه بان العقوبات ضد شخص احمد علي عبدالله صالح لم تكن في حقيقتها عقوبات ذات مرجعيات واسس وحيثيات قانونية جنائية وعسكرية وانما كانت عقوبات تعسفية سياسية دافعها الانتقام وتصفية حسابات شخصية وحزبية . وبالتالي فان ضرورات التفاوض السياسي بهدف الدخول نحو مصالحات سياسية فيما بين المكونات السياسية وببعدها الاقليمي واجراء التفاهمات حول خارطة طريق سياسية يمنية وسياسية امنية اقليمية فان رفع العقوبات عن احمد علي صالح يعد أولى أولويات هذا المسار . ولكن هذا الاجراء التصالحي او التصحيحي للعلاقات السياسية لا يعني بالضرورة اعادة التصدير السياسي لاحمد علي الى المشهد السياسي للعب دور محوري سياسي في الوقت الحالي ومع الاستبعاد تماما لاي فرضيات لاعادة الصدارة العسكرية لاحمد علي مجددا . بل لا احتمالية ولو 1% لضلوعه حاليا او مستقبلا في صراع عسكري مطلقا . كون الاجراء العملي في رفع العقوبات يعد اجراء سياسي لتجسيد حسن النواياء واعادة الثقة فيما بين الشرعية وحزب المؤتمر وخصوصا بان كتلة برلمانية وفصيل قيادي مؤتمري كان لهم سابقا مواقف وتحفظات تجاه قيادة وحكومة وبرلمان الشرعية بدت وبوضوح بانها مرتبطة بمطلب رفع العقوبات عن احمد علي . . ومن جانب او من زاوية اخرى فرفع العقوبات عن احمد علي وعن والده وممتلكاتهم وارصدتهم المالية .. يعني لدى المستقبل التفاوضي لدى دول الاقليم السعودي الاماراتي ودول الرباعية والامم المتحده هو الضغط على الاطراف اليمنية المتفاوضه بعنصر سياسي شعبي تفاوضي جديد والتلويح بامكانية فرضه كلاعب رئيسي ليتغيير بحضوره على طاولة المفاوضات معادلات المحاصصه والتقاسم ولربما سيغير قائمة مسميات الاطراف المتفاوضه .

.. عبدالله فرحان