آخر تحديث :الأربعاء-27 نوفمبر 2024-11:22م

شامخة أيتها المرأة اليمنية

الخميس - 15 أغسطس 2024 - الساعة 01:37 ص

سمية الفقيه
بقلم: سمية الفقيه
- ارشيف الكاتب


دربها، ليس مفروشًا برحيق العطر وظلال الياسمين.. طريقها، ليس مزخرفًا بعقود الجوري ..
نهارها، لا يفوح منه طيب الحياة وبهرجها، وليلها، لا تكلله الأهازيج ولا تؤنسه أضواء الطمأنينة وزخرف العيش الرغيد..

عمرها، ليس قصة سندريلا التي وفي منتصف الليل وجدت حلمها الكستنائي فرائحي النكهة والبريق..

المرأة اليمنية ،وعلى مدى عقود، وخاصة عقد الحرب هذا، البلاء العظيم، جعلتها من أعظم نساء الأرض كدًا وتحملًا لأعباء الحرب وتبعاتها بصلابة وقوة ، فقدت كل صلتها بالفرح وراحة البال، وامتزج بملامحها حزن شفيف يطفي عليها جمالًا جليلًا جَسَّد معاني الإباء والكبرياء الذي لا يقهره قبح مهما تكاثرت مخالبه وأنيابه.

كم انتِ عظيمة يا يمنية ،طفلة كنت او شابة او أُم او اخت او زوجة او حتى جدة،. فالعظمة فيك ليست صفة جزافية او نفاقية او كلمة عابرة بل هي حقيقة وتستحقينها بجدارة وإنصاف.

عرفها العالم أجمع وهو يشاهد مأسي اليمن بما فيها من ألم وقهر ضنى ، هو نصيب كل اليمنيين واليمنيات اللواتي ضربن اعظم الأمثلة على الصبر وتحمُّل الشقاء والتشريد والتجويع والحصار والقتل.

لم تحلم اليمنية بقصور الموضة وأغلى ماركات العطور والاناقة، كما تفعل نساء الدنيا الأخريات، إنما في ليال القصف والخوف والرعب حلمت بسقف آمن يؤمن روع اطفال يتامى يصرخون خوفًا والبيوت تدك على رؤوس ساكنيها ..

لم تعرف النوم والطمأنينة برهة والليل كابوس يجثم برصاصاته ولؤمه على مفاصل الحياة ..

وفي نهارات الجوع والحصار تحملت جوعها وربطت بطنها وحملت الهم زادًا وبحثت عن كسرة خبز وعن جرعة دواء ،ليس ليوم واحد انما لعشر عجاف، ومازال البحث جار والفقر والعطش والموت جارٍ ، ولم تكل او تيأس لأنها لبست القوة والثبات كساء والصبر زادا يقيها الموت يأسا..

صبرت على الفقد بكافة أشكاله المُروّعة، فقد للعيش، فقد للسكن ،فقد للزوج والاخ والولد والعم والخال والاب والام والبنت، وشلال مأقيها لم يجف وحرقة كبدها وحريق الحزن يؤتي اكله كل نبضة، لكنها بعظمتها وشموخها ظلت تواجه بارود القبح وادخنة الاحقاد بروح صابرة متدثرة بالايمان العميق بالله وبالوطن القادم لا محالة مهما طالت حلكة الأحزان والكبت والقهر والفقد. .

عظيمة، وجليلة هذه المرأة اليمنية، وما هذا إلا نقطة من فيض المآسي والبؤس الذي تواجهه كل لحظة من لحظات الحرب ، وان كان هناك صفة اعظم فبلا شك تستحقها، وما زالت تقف شامخة رغم كل الانكسارات والانهيارات والخرائب والقبور والنعوش، وتأبى روحها الجبارة أن تكون لقمة سائغة لأرتال الحزن و اليأس والانهيار.

إن كان لابد من موت ،فستموتين واقفة وشامخة كما انت.. المرأة اليمنية، انحني لك إجلالا وإكبارًا، وليفخر بك كل رجل يمني ..

شامخة وستظلين دائمًا وابدا أيتها المرأة اليمنية.