بشأن الحرب وما أدراك ما الحرب وعن أية حرب نتحدث في منطقتنا التي أكلتها الحروب، إذا نظرنا لكل ما يجري من بعيد ودون استهلاك الذات والوعي في تأمل التفاصيل والغرق في مآسيها وآلامها، يمكن القول إن حرب المستعمر قائمة ومستمرة ضد ما هو أبعد وأشمل بكثير من الأرض والبشر في رقعة جغرافية بعينها. الحرب الحقيقية تشمل في الأساس الوعي والضمير البشري.
بالنسبة لي وعلى مدى أكثر من عام مضى رأيت في ما جرى ويجري في عالمنا جرأة الحضارة الغربية على قهر الضمير العالمي واختبار القدرة على مواجهة قيم العدالة والقانون الدولي والشعور الإنساني.
هذا المسار العنيف يضمر أيديولوجيا تتكون من طبقات دينية وفلسفية وحربية، يرى الغرب نفسه من خلالها أنه في حالة حرب دائمة ومشروعه ضد كل ما ليس غربيًا أو بالأحرى صهيو ....ن يًا.
حرب الغرب ضد الضمير الإنساني تمتد إلى أفراد وشخصيات وجماعات ومؤسسات داخل الغرب نفسه تناهض هذه العدوانية الشرسة التي تتسلح بها حضارة مسلحة بالكراهية والشعوذات التي تحالف من أجل تفعيلها قساوسة وحاخامات وساسة وجنرالات.
حرب ممتدة لم تسلم منها إفريقيا وروسيا وشرقنا الذي تستريح خارطته بقلق بين آسيا وإفريقيا.
لا يمكن الاكتفاء بتأمل فداحة الأرقام المرتفعة للضحايا وحجم الخراب الذي طال كل شيء بمعزل عن التفكير في الوعي المجنزر الذي يدهس أمامه شرف وكرامة الإنسانية في كل مكان.
هذا الوعي المجنزر كان وسيظل يخترع حروبه الشعواء ضد الجميع، وهذا عصرنا المظلم الذي يجب أن نشير إلى ظلمته وأن نكف عن الانخداع بمظاهر الأضواء الكاذبة.
نحن في عصر آخر من عصور الظلام المدجج بأحدث آلات التدمير، ولا شيء أكثر، وما سيكتبه المؤرخ المنصف بعد مئات السنين لن يذهب بعيدا عن التوصيف الحقيقي لهذا الزمن البائس الذي يقوده عتاة (المؤمنين) بحقهم في إزالة الآخر المختلف من طريقهم.