آخر تحديث :الأربعاء-18 سبتمبر 2024-03:58م

التابو الأول في اليمن

السبت - 14 سبتمبر 2024 - الساعة 11:49 م

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


التابو الأول في اليمن هو القبيلة والإطار الاجتماعي، أكثر من الدين.
قد تغفر لك القبيلة إن نكعت من الدين، لكنها لن تغفر لك إن نكعت/تمردت عنها.
- أليس كذلك؟

في اليمن، يتفاوت تأثير التابوهات الاجتماعية بين المناطق القبلية وغير القبلية، لكن يظل التابو الاجتماعي في المقام الأول مشتركًا من المهرة إلى باب المندب ومن كريتر إلى باقم، بنسب متفاوتة.

في المحافظات القبلية، تشكل القبيلة أساس الولاءات والعلاقات الاجتماعية والسياسية، متفوقة بمراحل على الدين نفسه، بل إن الدين مُستخدَم لتلبية مصالحها كاستخدامها لأي شيء آخر.

وفي المناطق غير القبلية، مثل عدن وأجزاء من تعز وحضرموت، يعتمد النظام الاجتماعي فيها على هياكل أخرى كالعائلات الكبيرة، الطبقات الاجتماعية، وربما الهويات الحضرية التي قامت على ما يُشبه التمدن والتي ظلت تتلاشى مع الوقت، لكن تأثير التقاليد القبلية والاجتماعية يبقى حاضرًا بشكل أو بآخر.

هذا التابو القبلي يعوق غالبًا التغيير الاجتماعي ويشكل قيدًا كاتمًا على أنفاس التحولات الثقافية والسياسية في مختلف أنحاء البلاد.

ومن ذلك كله، ليس للفرد أي حرية في هذا الإطار.
وإذ يمكن أن تخطر له فكرة جديدة تتجاوز الواقع، أشياء ربما يتطلبها عمل إبداعي ما أو اختيار فكري ثقافي شخصي ما أو أي توجه.. إلخ، سيظل يفكر ويعيد ويقيس ويروز ردة الفعل المجتمعي للدرجة التي قد تشل إبداعه من الوجود، وتغلق عليه في عالمه الداخلي بألف باب وباب، أو قد تسمح له بإخراجه مشوهًا مكيفًا يمارس التقية منذ اليوم الأول.

ولذلك، نرى كثيرين رغم معرفتنا الجيدة بهم وبفكرهم وبوعيهم، إلا أنهم إزاء المجتمع يذهبون حيثما ذهب، ويميلون حيثما مال، وإن غادروا هذا المربع أو ذاك، تبقى الثوابت الاجتماعية لديهم كتلة صماء لا يمكن أبدًا الاقتراب منها مهما كان الأمر.

قلة قليلة جدًا من تمكنوا من التعافي الكامل، يفعلون ما يقولون وبدون ضجيج.

نحب هذا المجتمع, نحن منه وإليه، غير أن أمامنا مهمة مقدسة أن نواجهه مباشرة في كثير من العادات والتقاليد التي كان وكنا معه فيها وله أول الضحايا في غفلة من التاريخ، تلك التي لم يكرسها فينا سوى الجهل والتبلد وفقدان الإحساس بأهمية وعظمة الحياة والجوهر الإنساني فيها.
لهذا القيد ولكل قيد أن ينكسر.

مجتمعنا نحبه حد الانحناء احترامًا لكل ما يعنيه، ففيه سمات كثيرة جميلة، غير أننا سنحتاج أن نقول له "لا" في بعض المحطات.
"لا" صريحة واضحة كما يجب، وكما يتوجب علينا إزاءه أن نساعده/إذ نساعد بعضنا على المضي قُدمًا في كل ما ينتمي للإنسان/المواطن. المواطنة يا خلق (الله) المواطنة حيث يجب أن يكون الإنسان مواطنًا حرًا يحظى بحق الاختيار والعيش بكرامة.
لا يوجد أي وصي على الإنسان مهما كان إلا أن يكون وصي ذاته، له ما له وعليه ما عليه إزاء عقد اجتماعي ينظم الحياة في المنظومة الاجتماعية ككل.
عقد اجتماعي نحن من نقرره بما يناسبنا ويناسب عصرنا وحياتنا، لا وصايا فيه لأي نص أو وصي.

كرامتك أنت لا أي ارتباط آخر.
خيارك أنت لا أي تأثير آخر.
أنت أيها الإنسان حيث يجب أن تكون إنسانًا أولًا، وأن تعي جوهرك الأعظم.