آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-02:39م

مطارح مأرب.. مطارح الجزيرة العربية

الأربعاء - 18 سبتمبر 2024 - الساعة 12:08 ص

د. ثابت الأحمدي
بقلم: د. ثابت الأحمدي
- ارشيف الكاتب


منذ زمنٍ قديم واليمنيون في حروبٍ متواصلةٍ ضد كهنوتِ الإمامةِ البغيض، إلى حد أن المشهد التاريخي قد تبدى في سلسلةِ حروب متواصلة، ما أن تخمد نار حرب حتى تتسعر أخرى. بين كل حربٍ وحربٍ حربٌ ثالثة. إمام يولي وآخر يأتي. وحطب هذه الحروب هم اليمنيون، ولو قدر لجماجم القتلى اليمنيين أن تتكومَ لكانت جبالًا، ولو قدر لدمائهم أن تتجمع لكانت بحرًا، وإذا كانت الجزائرُ بلد المليون شهيد كما يُقال، فإن اليمنَ بلد العشرة ملايين شهيد ضد "المحتل الداخلي" منذ إبراهيم الجزار مطلع القرن الهجري الثالث وحتى اليوم. 

لهذا السبب تعطل الإنتاج، وتعطلت حركة الحياة، وأصبح اليمني ترسًا في آلة الحرب الإمامية مع هذا الإمام مغرر به، أو مدافعًا عن نفسه وكرامته. وهاتوا لي إمامًا واحدًا من أئمة الهادوية خلت سنواتُ حكمه من الحروب. قطعًا لا يوجد. بل لقد خاضَ بعضهم عشرات الحروب دمرت الأخضر واليابس، كما قتلت اليمنيين وشردتهم إلى مختلف الأصقاع، وهاهم اليمنيون اليوم في جولة حرب جديدة من جولات حروب الإمامة، وحالهم ما بين قتيل، أو معتقل، أو مشرد، أو نازح، أو مفقود. مأساة ممتدة لألف عام وأكثر، لا شبيه لها بين كل مآسي المعمورة. لهذا كانت مطارح مارب..!

مطارح مأرب ليست مجرد عملية رد فعل عابرة فحسب؛ بل إلى جانب ذلك موقف تاريخي نضالي وطني ضد أسوأ عصبة سلالية عبر التاريخ. 

مطارح مأرب تاريخ يتحدث عن نفسه. إنها سيول اليمن المتدفقة، وسده المنيع، وروح نضالها الجمعي، ومصيرها المشترك. 

مطارح مأرب روح اليمن الواحدة، "تجمعت فيها أيدي سبأ". وقالت للإمامة بكل حزم وصمود وشجاعة: نحن هنا، ودون أرضنا جماجمُنا؛ متمثلين المعنى الحقيقي في أغنية عثمان أبو ماهر: "قولي لمأرب متى سده يضم السيول"؟ التي غناها فنان الوطن أيوب طارش. 

مطارح مأرب انتصار للحرية والكرامة والإنسانية. 

مطارح مأرب أعمدة الجمهورية العتيدة التي تتحطم عليها خرافات وأوهام الإمامة. 

على أرض سبأ الحضارة والتاريخ، وقريبًا من أرض عواصم اليمن الحضارية التاريخية الكبرى: أوسان، قتبان، معين، حِمْيَر تشكل هذا السد البشري المنيع ضد مخلفات الإمامة التي تحاول ــ عبثًا ــ أن تلوثَ أرض المكاربة والملوك. وقد تذكرت هذه الجموع إرث أجدادها وتاريخ آبائها الملوكي الباذخ. كل قَيل يماني صامد اليوم في وجه الإمامة الكهنوتية هو من نسل أولئك الملوك الأقدمين الذي رقموا مفاخرهم الخالدة على الصّخر، ودونوا مآثرهم على الحجر. يشهد لهم بذلك المعبد والسد. براقش وصرواح، أوسان وقتبان، معين وحمير.

إن شعبًا تمتد جذوره إلى ما يزيد عن خمسة آلاف عام لن تكسره الإمامة مهما انتفش ريشُها، وإن أمة بهذا العمق الحضاري الكبير قد تمرضُ لكنها لن تموت. وها هي اليوم شامخة شموخ شمسان وعيبان وغيمان، مناوئة للكهنوت الأرعن. 

باختصار.. مطارح مأرب سياج دفاعي عتيد ضد العصابة الإيرانية المارقة التي تحلم بالسيطرة لا على اليمن فحسب؛ بل على الجزيرة العربية قاطبة، وهو حلم إمامهم الأول عبدالله بن حمزة حين ذكر أنّ حلمه ليس ذمارا أو صنعاء؛ بل "كرد الجيادِ على أبواب بغداد"..! وها هم أحفادهم المارقون اليوم يعاودون ذات الحلم، مسنودين بإيران الخمينية، ولكن هيهات، فأمامهم مصدّاتٌ عملاقة اسمها: "مطارح مأرب " والحقيقة إنما هي: "مطارح اليمن"، وإن شئت قل: "مطارح الجزيرة العربية" قاطبة، بما تمثله هذه المطارح من قوة عتيدة وصامدة تجاه أطماع الطغمة الإمامية الخمينية المارقة التي حاولت غيرَ مرةٍ اختراقها، مقدمة في سبيل ذلك الغالي والنفيس.!
 
أخيرًا.. التحية لكل يمني مقاوم وصامد في وجه الكهنوت الأرعن، والتحية لمأرب أرضًا وإنسانًا، والتحية على وجه أخص لسلطانها الأكبر وقيلها الأعظم: الشيخ سلطان العرادة، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، محافظ محافظة مأرب، لدوره الوطني المشهود المشكور. والله المستعان.