آخر تحديث :الثلاثاء-26 نوفمبر 2024-12:49ص

خطابات ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة وصكوك غفران الانتكاسة الكبرى ٢١!

الخميس - 19 سبتمبر 2024 - الساعة 01:02 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


مع اقتراب موعد الاحتفال بالعيد الوطني الخالد لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة الذي أخرج اليمن أرضًا وأنسانًا من ظلمات الإمامية الكهنوتية البغيضة إلى نور الجمهورية، تسعى الكهنوتية السلالية بشتى السبل إلى استبداله بيوم الانتكاسة الكبرى ٢١ سبتمبر الذي يحاول إعادة اليمن مجددًا إلى ظلمات "إمامية ولاية الفقيه"؛ وذلك بواسطة التدليس والمغالطة والتلفيق وجس النبض وخلط الأوراق في أوساط المضللين التابعين لها عبر الترويج بأنه امتداد تصحيحي لتحقيق السيادة، ووسيلة لإنقاذ الشعب، وطريقة للحفاظ على اليمن من الضياع، ومنهج لاستعادة الحرية والاستقلال!. وفي نفس الوقت، تعمل الكهنوتية السلالية بكامل طاقتها على دفن ومحاربة وقمع كافة مظاهر الاحتفاء والاحتفال بذكرى الثورة المجيدة (٢٦ سبتمبر) في مناطق سيطرتها؛ حتى أصبح رفع علم الجمهورية في شوارع العاصمة السياسية للجمهورية نوع من الخيانة والعمالة، وغدت طباعة أهداف الثورة الخالدة مهدد للسكينة العامة، وصار احتفال أبناء الشعب بعيدهم الوطني جريمة يٌعاقب عليها قانون "مرجعية الولاية والتسليم"!.

ولمعرفة أسباب توجه الكهنوتية السلالية لقمع كافة مظاهر الاحتفال بالعيد الوطني الخالد، ولكشف مكرهم وخداعهم وخبثهم وتدليسهم، لا بد من العودة خطوة للوراء لمحاولة استعراض خطابات ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة والمتمثلة بأهدافها السامية الخالدة، وتفكيك ما يقابلها من خطابات (صكوك الغفران) الكهنوتية السلالية العنصرية البغيضة.

الخطاب "الثوري" لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة يدعو إلى التحرر ورفض الاستبداد والاستعمار، ويرسخ مبدأ العدل عبر إزالة الفوارق والامتيازات الطبقية؛ بينما خطاب الكهنوتية "التدّجيني لا الثوري، والظلامي لا التحرري" يؤصل لمبدأ التسليم والخضوع والخنوع للسلالية، ويغرس التبعية المطلقة لولي ولي الفقيه (الحاكم الفرد المطلق)، ويرسخ مُسَلَّمة استساغة الظلم، ويجذَّر معادلة الاستسلام للظالم، ويوطد التبعية الكاملة للعجم بالهوية والشعار والمحتوى والمضمون، ويبث نتانة العنصرية، ويشيع سموم الامتيازات الطبقية باستخدام عباءة دينية متمثلة بحق الولاية والحكم والثروة والسلطة لشرذمة صغيرة دخيلة على الأرض تدّعي قداسة عرقها وسماوية حكمها.

خطاب ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر الخالدة "العسكري والأمني" يؤسس لبناء جيش وطني لحراسة الوطن، وإقامة مؤسسة أمنية لحماية المواطن، وكلهما لحراسة الثورة من أعدائها وللحفاظ على مكتسبات الجمهورية على مختلف الأصعدة؛ بينما خطاب الكهنوتية السلالية "اللا عسكري" قائم على تأسيس ميليشيا عكفوية (جائعة باطشة) تهدف لتنفيذ كافة أوامر ولي الفقيه (الحاكم الفرد المطلق) والتضحية من أجله لا من أجل الوطن، وتسعى لصَوْن السلالية، وتعمل على البطش بأبناء الأرض عبر مهاجمة المحافظات ومحاصرة المدن وتدمير القرى وتفجير المنازل، وتُسهم في سلب الممتلكات الخاصة، وتٌساعد على نهب مقدرات الدولة العامة، ومنطلقات استعراضتها ومناوراتها موجهة لاستعداء المحيط العربي ولتنفيذ أجندة مشروع قائد الأذرعة، وتذييل خطابها ينص على أنهم القادة الآمرون المُطاعون بينما أبناء القبائل اليمنية هم "التابعين الخانعين" من الأنصار وأهل الفتوحات، وكل إنجازاتها المليشاوية -لا العسكرية- تتمثل بالحروب الداخلية والدمار واستغلال سيول الدماء.

كما أن خطابات العيد الوطني لأيلول "الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية" تدفع نحو رفع مستوى الشعب بكافة تلك المجالات، ابتداءً من الشراكة والتعاون والمشاركة والتنمية، والمواطنة المتساوية، والعدالة الاجتماعية، ومروراً بالحفاظ على العقد الاجتماعي "الدستور" والديمقراطية والتعددية السياسية، وممارسة الانتخابات والاستفتاءات العامة، وانطلاقاً من أن الشعب مالك السلطة ومصدرها، وانتهاءً بدفع الأجيال نحو العلم والتعليم والثقافة والفكر؛ بينما خطابات الكهنوتية السلالية على النقيض تمامًا في كافة تلك المجالات.

خطاب الكهنوتية "اللا اقتصادي" وممارساتهم معتمدة على جمع الخُمس وأموال المكوس، وتحبّيس الأراضي، واستغلال الأوقاف، والاستيلاء على عقارات وممتلكات الدولة، وتزوير البصائر(أوراق الملكية)، وفرض الجبايات والإتاوات، وازدواجية التحصيل المالي، وابتزاز التجار والشركات والمؤسسات، وتنفير البيوت التجارية، وتغيير الخارطة السوقية والتجارية لتصبح مُستحوذة ومصبوغة بطيف الكهنوتية السلالية، ومصادرة الممتلكات، ونهب الإيرادات، وتجويع أبناء الشعب بشكل ممنهج ليكونوا بعد ذلك عمالة في ممتلكاتهم، وعكفة تابعين لجلاديهم وناهبيهم.

أما خطاب السلالية "اللا اجتماعي" فأنه قائم على نظرية السادة والعبيد، ومستمد من فرضية الأشراف والعكفة، وناتج من معادلة الخانعين والمتوكلين بأمر الله، وأن هنالك عرقًا مقدسًا يقابله عرقًا عكفويًا يمنيًا، وتتوكأ على بث سموم الفتنة بين أبناء القبائل اليمنية، وتستند إلى تحريف الأنساب لإيجاد طبقة اجتماعية مائعة الهوية والانتماء، وتحاول توطيد مفاهيم الظلم واللامساواة واللا عدالة، وتعمل جاهدتًا على طمس الهوية ومحو الحضارة وإزالة الانتماء الوطني، وتعوّل كثيرًا على تقطيع أوصال المجتمع، وتعمل على تهجير المخالفين لمنهجهم، وقذف المناوئين لصلفهم، وتستهدف الهامات الوطنية من أبناء الأرض، وتستقطب الفاشلين والمجرمين ومخدوشي السيرة والسلوك، وترفع من شأن الأشخاص الانتهازيين -أو المنبوذين- في أسرة أو قبيلة مقابل التقليل من شأن الشخصيات التي تحظى بالاحترام والإجماع بغرض توسيع الفجوة وإشعال نار الفتنة والفرقة، وتركز -بشكل مكثف- على وتر الخلافات والثارات والنزاعات القبلية، وغيرها.

أما خطاب الشظايا "اللا سياسي" فإنه خطاب ثيوقراطي قائم على مرجعية حكم الفرد المطلق (السلالي المقدّس) الذي بيده كافة السلطات وكل الامتيازات وجميع الصلاحيات، وأساسه مرتكز على أنه لا يصلح حال الأمة في شتى الجوانب -ومنها الجانب السياسي- إلا إذا تولى قيادة الأمة قادة من كهنة الآل (أي من الشظايا والدخلاء والغرباء)، ولا مجد للأمة إلا بقيادتهم، ولا عزة للشعب إلا باتباعهم، والدستور رجل شرير خبيث يهدم الدين ويٌذهب الاخلاق ويٌمهد للغزاة المحتلين ويمكن استبداله بـ "المرجعية المقدّس"، والديمقراطية وحق اختيار الحاكم دعوى من دعاوى الشيطان، والتعددية الحزبية خروجًا على الأوامر الإلهية، وسياساتهم الداخلية تفرض العزلة والجهل، وسياساتهم الخارجية تتمحور حول استعداء الجوار العربي، ويُصورون للمضللين من أتباعهم أنهم المُخلِّص لقضايا الأمة، ويقدمون أنفسهم لمن تم تجهيلهم (من عكفتهم) على أنهم المدافع والمنقذ والمعيد للأمجاد -وهم على النقيض تمامًا من ذلك-.

أما خطاب الدخلاء "اللا ثقافي والتجهيلي" فإنه قائم على التجهيل الممنهج، ومرتكز على محاربة المنظومات التعليمية والثقافية بمختلف أشكالها، ومَنْصِب على تدمير عناصر العملية التعليمية العامة وعلى هدم ركائز منظومة التعليم الجامعي، ويروجون بأن العلوم المتعددة لا فائدة منها، ولا علمًا نافعًا إلا ما يقره كهنة الآل من علوم، ويصّرون على تلقين النشء بالتفسيرات الضالة من ملازم صريعهم (السابق)، وتعبئة ذهنية الشباب بالنصوص ذات المدلولات العدمية في خطابات قائدهم المقدّس (الحالي)، ومصدر الثقافة ما تجود به رفوف مكتبة كهنة الآل، ومنبع المعرفة ما تنتجه أطروحات السلالية، ومبعث الفكر ما تؤلفه الكهنوتية، وتشكيل الوعي يتم عبر الدورات الثقافية، واكتساب المهارات (العكفوية) يتم عبر المراكز الصيفية، وكل ذلك يهدف لترسيخ عقيدة التسليم والخنوع والتبعية، ولمحو وتزوير التاريخ وطمس حضارة أبناء الأرض وأصحاب الحق.

إضافة إلى ذلك، خطاب ثورة الـ ٢٦ السبتمبرية المجيدة الخاصة بـ "الوحدة" عمل على تحقيق الوحدة الوطنية الداخلية عبر مرحلتين تمثلت بـ الإجهاض على شطرية الإمامية البغيضة والتحرر من المحتل الخارجي (داعم الإمامية البغيضة باطنيًا والمعادي لها ظاهريًا)، وسعى إلى تحقيق الترابط والتماسك والتلاحم مع المحيط العربي؛ بينما خطاب الكهنوتية السلالية مكرسًا للانفصال الداخلي، ويدفع نحو التشرذم عبر تفكيك النسيج الاجتماعي، ويهدد المحيط العربي من أجل خدمة مصالح قائد الاذرعة. إضافة إلى ذلك، خطاب عيد أيلول المجيد "التعايشي والمواثيقي" ينص على احترام المواثيق وإقرار السلام ويدعم مبدأ التعايش؛ بينما خطاب الكهنوتية السلالية قائم على نقض المواثيق ونكث العهود وخيانة التعهدات وخْلفَ التفاهمات، والخداع والكذب والمخاتلة والمراوغة، وزج أبناء الشعب في حروب متتالية غير متناهية!.

وللتوضيح أكثر، إذا كانت كافة خطابات الكهنوتية السلالية في المراحل التاريخية الظلامية السابقة عبارة عن حبر على صفحات الكتب، خاصة للأجيال التي لم تعايش فترة الإمامية الكهنوتية البغيضة، فإنها اليوم واقعً معاشً، وشاهدًا على بشاعة وقبح وفظاعة وشناعة أحفاد الكهنوتية السلالية بشتى خطاباتها وممارساتها وطرقها وأساليبها ومنهجياتها.

ختامًا، يدرك الأحرار من أبناء الشعب اليمني بأن الاسباب الكامنة وراء توجه الكهنوتية السلالية في قمع احتفالات أبناء الشعب بعيد ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر ناتجًا من أن كافة خطابات الثورة السبتمبرية المجيدة الخالدة تتصادم وتقضي كليًا على خطابات (صكوك غفران) الكهنوتية السلالية، ومساري الخطابين باتجاهين متعاكسين، ومحتوى ومضمون الخطابين بحالة تنافر وتصادم وتضارب دائم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلتقي مسار الخطابين بأي نقطة تقاطعية، ولا بد من أن يقضي إحداهما على الآخر؛ وقطعًا بأن خطابات ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة الخالدة سوف تنتصر في نهاية المطاف، ولا بد لها هذه المرة من تمزيق وحرق ودفن رماد جيفة خطابات أجداد وأحفاد الكهنوتية السلالية وللأبد.