آخر تحديث :الثلاثاء-26 نوفمبر 2024-12:49ص

بماذا يدين الإسلام لليهودية؟

الثلاثاء - 26 نوفمبر 2024 - الساعة 12:25 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


قد لا يكون الوقت المثالي لهذا التساؤل، لكنني أحمل معي هذا التساؤل منذ سنوات.

والهدف ليس نقد المقدس الإسلامي. هذا ليس مهما، فاهميته الدين في وظيفته وفي قدرته على حشد الشعور الجمعي أولا وأخيرا. وعملية التقديس مرتبطة بمشاعر الناس لا بحقيقة المصدر.


هدفي أن نتمكن نحن المسلمين من رؤية الإسلام في تطوره التاريخي، لأن قدرة المسلم على فهم تاريخية الاسلام خطوة جوهرية لصياغة تدين عصري قادر على الجمع بين الدنيا بتحدياتها القاسية والدين بوعوده الضخمة.


سيكون هذا المنشور مختصرا لأنني أوفر التفاصيل لروحانية شهر رمضان.


ما أريد مشاركته اليوم هو أن العلاقة بين الاسلام واليهودية تتجاوز المضمون (تشابه القصص والتشريعات والأخلاق) الى الشكل والتطور التاريخي نفسه.

بمعنى أن الاسلام لم يتأثر بمضمون اليهودية فقط، بل أنه تابعها حتى في تطورها اللاهوتي والتاريخي.


بدأت اليهودية بالنص المحوري (التوارة)، ثم مع تطور الأوضاع الاجتماعية وعجز التوراة عن اجابة التساؤلات المستجدة ظهرت المشناه (الأحاديث، التوراة الشفوية). لكن الزمن جاء بتحديات واسئلة اكثر فكان لا بد من التوسع في عملية الشروح والفتاوى والتفصيلات القانونيه فظهرت الجمارا (وهي تقابل مدونات الفقه عند المسلمين).


هذا التطور نفسه حدث في الإسلام. ومع الأخذ بعين الاعتبار النقاش المحتدم الذي دار حول "الاسرائيليات" واختراقها للمتن الاسلامي، فان هذه العملية لم تحدث بالصدفة، بل كانت واعية ومنظمة استجابة لظروف لم تدرس حتى الآن.


سأعطى مثالا حول النص الثاني في اليهودية (المشناه) الذي يقابل النص الثاني في الاسلام (الأحاديث أو السنة. البعض برى أن كلمة سنة مأخوذة من مشناه اليهودية!)


الكتاب الاول في المشناه هو كتاب التوحيد. وهو نفس الكتاب الأول في مدونات السنة الاسلامية (البخاري، مسلم). وبقية كتب المشناه مقسمة الى كتب (أبواب) مثل كتاب الصلاة، وكتاب الوضوء، وكتاب الطهارة، وكتاب الزورع، وكتاب الزكوات، وكتاب الأحكام.. وهي نفس الكتب الأبواب التي اتبعتها فيما بعد المدونه الحديثية في الإسلام.

لماذا سار المشرع الإسلامي في هذا الطريق؟ وإلى أي مدى ؟

هذا سؤال لم يطرح بعد.

لكن لدي بعض الإجابات

على الأقل نحن نعرف أن أول "فقهاء" في الإسلام (قبل تأسيس الفقه كعلم) كانوا أربعة يهود يمنيين!


دراسة الاسلام كحالة تاريخية مهمة لتكوين إيمان عقلاني معاصر.. وموعدنا رمضان!