آخر تحديث :الأربعاء-27 نوفمبر 2024-03:01ص

عن جيل العشرية الثانية في اليمن (2)

الأحد - 03 نوفمبر 2024 - الساعة 05:00 م

أحمد السلامي
بقلم: أحمد السلامي
- ارشيف الكاتب


"تعقيب لا بد منه"

أكتب هذا التعقيب بعد ملاحظتي أن بعض الشباب وجدوا في مادتي المنشورة بعنوان "جيل العشرية الثانية في اليمن .. الكتابة بأصابع مرتجفة وحسابات لا تنتهي في واقع مرير" ما يشبه التأكيد على أن مرارة الواقع أقوى من كل محاولة لتجاوزه، وهذا ما لا أريده أن يترسخ في الأذهان ولا أن أساهم بتكريسه في وعي أحد من المبدعين القادمين إلى ساحة الكتابة، فلكل جيل مآزق من نوع مختلف، واسألوا من قبلكم لتعرفوا كم واجهوا من الصعاب والعوائق.

أثق باللغة الغاضبة التي تكتبون بها، وأثق أكثر بأن كل إنسان قادر على أن يضع بصمته وأن يترك أثره في الوجود.

ولمن قرأ منشوري السابق وتماهى معه ووجد فيه ما يبرر الاستسلام والاستمتاع بالشكوى، دعوني أصارحكم كصديق لكم بأن الحديث عن الجيل -أي جيل أدبي- لا يعني أنه كتلة واحدة محكومة بمصير واحد وأبدي وأن نتيجة محسومة لها كيفية محددة تنتظر جميع أفراده. فعندما يكتب ناقد أو متابع عن جيل أدبي فهو إنما يستخدم مُسمّى (جيل) للإضاءة على المشترك العام والبيئة السائدة والقواسم التي نشأ في ظلها ذلك الحشد من الأسماء ليسهل التعامل معهم بصيغة جماعية، باعتبارهم أبناء فترة زمنية واحدة، لكن لكل فرد منهم مزاجه في الكتابة والحياة والتفكير.

وتبقى خيارات الكتابة والإبداع والنجاح والخروج من المأزق كلها خيارات فردية. ولا أريد أن يفهم أحد من المادة التي كتبتها ونشرتها عن جيلكم أن مصيره محدد سلفًا وأن الشقاء والألم مكتوب عليه للأبد!!

فإذا كان الجيل بدأ في لحظة متقاربة زمنيا فإن الإبداع يتسم بطبيعة فردية، والحياة كذلك ومصائر الأفراد وحظوظهم فيها مختلفة وتبقى فردية دائما، وبقليل من العناد والتمرد الشقي والقفز على الظروف وحتى على الجغرافيا يمكن للإنسان أن يصنع مصيره الشخصي بعيدًا عن جيله وواقعه وزمنه المنكوب.

ستلاحظون التفاوت في طرائق التفكير والكتابة والمزاج لدى جيلكم، جيل العشرية الثانية. أنتم لستم كائنا واحدا بعدة رؤوس. أنتم أفراد تشقون طريقكم ضمن جيل واحد ولكن بشكل منفرد. ولا يوجد سوى شعيب الأحمدي واحد و طه العزعزي واحد و حميد الرقيمي واحد و خالد أحمد الشرماني واحد و عمران مصباح واحد و عمران الحمادي واحد و أمين اليماني واحد و مجاهد الشوكي واحد، إلى بقية الأسماء ممن أعرف وممن لا أعرف.

أؤكد أنني لا أفضل لأحد السقوط في حالة من الشكوى والتعلل بالظروف العامة التي دمرت حلم جيل بل أكثر من جيل. وما يحدث في اليمن أو غير اليمن يفترض أن يمثل الدافع الأكبر للنهوض وانتشال المصير الفردي من الضياع وعدم الاستسلام لأي نوع من الإحباط الأسري أو المجتمعي. وأرى أن هذه المقاومة هي الأنبل والأرقى والأجدى، لأن انتشال مصائرنا كأفراد من الاستسلام للضياع يصنع الكثير.

*أحمد السلامي

**رابط المقال السابق على صفحتي في التعليقات.