تشير الانتقادات الموجهة لسياسة صندوق النقد الدولي في دول العالم الثالث، إلى أن من بين أبرز اسباب فشل المنح والقروض المقدمة لهذه الدول، يتمثل في عدم اهتمام الصندوق بضبط ومحاسبة الأنظمة السياسية للدول في قنوات الاقتراض، بقدر اهتمامه بمعرفة قدرة الدول على سداد القروض، وبالتالي تنعكس بشكل سلبي لصالح زمرة في النظام السياسي تصعد إلى مرتبة الثراء الفاحش، على حساب الشعب الذي يتحمل تكلفة هذه القروض وفوائدها.
وعلى الرغم من وجود أسباب أخرى مثل الاشتراطات التي يضعها صندوق النقد على الدول المقترضة، إلى أن عدم الاهتمام بمحاسبة الأنظمة السياسية، يكاد ينطبق على واقعنا في اليمن، ليس فيما يخص الاقتراض من الصندوق منذ عقود، ولكن حتى من المنح الأخرى والقروض والدعم الخارجي بشكل عام، منذ ما بعد الانقلاب الحوثي، وعلى وجه الخصوص الودائع المقدمة من دول الخليج للبنك المركزي تحديداً.
صحيح أن الودائع المقدمة من الأشقاء في الخليج، ليس قروض، وتختلف عن ما هو متبع من قبل صندوق النقد الدولي، إلى أن العامل المشترك - في عدم الاستفادة منها - يتمثل في غياب الإهتمام بمحاسبة النظام السياسي، وهذا ما يؤكده واقع الحال حيث أن المواطن لم يلمس تحسن اقتصادي، ولم تجدي الودائع للبنك المركزي حتى في إيقاف إنهيار الريال اليمني وليس تحسينه، والذي نجده انهياره يتضاعف عام عن عام.
وأما هذا الواقع فإن استمرار اي دعم ومنح من الأشقاء في الخليج للبنك المركزي دون محاسبة ومراقبة دقيقة على قنواتها التي تستغلها زمر وقوى النفوذ في النظام السياسي، سوف يجعل الوديعة السعودية - التي وردت تسريبات حولها - تتبخر ولن تجدي نفعاً في تحسين الاقتصاد أو إيقاف إنهيار العملية، وهو ما يتطلب وضع ضوابط لهذا الدعم بعيداً عن أدوات النظام ورموزه الفاسدة والقوى التي سبق وفضحها التقرير الأممي بأنها تستحوذ على الوديعة لصالحها، والمقصود بمحاسبة النظام هنأ متعلق بالمنح والقروض والودائع، أما محاربة الفساد داخل النظام السياسي فهو بحاجة إلى معركة أخرى.
#فتاح_المحرمي
15 نوفمبر 2024م