الكتابات الأخيرة حتى من الوسائل الاعلامية للدول الداعمة له ذكرت أن الأسد تجاهل النصائح الروسية والايرانية بالدخول في تفاوض مع تركيا ومع المعارضة السورية والانتقال للحل السياسي لان الأوضاع تغيرت ولم يعودوا قادرين على دعمه مجددا.
لكن الأسد بعقلية طفل مدلل تعود على مراكمة الانجازات بجهود الآخرين رفض فكرة أي تنازل.
لنقل أيضا أن الدول العربية التي كانت قاطعت نظامه بداية الربيع العربي كانت كريمة معه وفتحت له المجال للعودة الى الصف العربي، لكنه ظل صنما متجمدا وعاجزا عن تحقيق أي مكسب سياسي من الانفتاح العربي.
من الداخل، كان الوضع الاقتصادي هو القشة التي قصمت ظهر النظام المنهك بتحديات لا تنتهي. حتى المواطنين الذين فضلوا عصا النظام على خنجر الجهاد لم يقووا على تحمل صلافة النظام وعجزه وغبائه.
بدون روسيا وايران وحزب الله نزعت آخر اجهزة الانعاش والتنفس الاصطناعي التي ابقته حيا بعد 2014.
لكن الصورة ليست وردية.
صحيح أن هناك حالة استبشار واضحه بسقوط النظام وعودة الأمل في حل سياسي لسوريا. لكن الصورة أعقد وأخطر.
تركيا، محركة التحول الاخير، تسعى لإعادة اللاجئين السوريين عن طريق حكومة أو ميليشيا أمر واقع موالية لها. قسد تتوسع وتسيطر على حوالي ثلث الاراضي السورية بأجندة مختلفة تماما. داعش تنهض من البادية مجددا، ملفات حمص ودمشق والساحل السوري اكثر تعقيدا من حلها بالحرب وحدها.
ووعود الجولاني بالتغير والتسامح لا يمكن الوثوق بها دون التحلي بكمية سذاجة تفوق المتوفرة حاليا في المنطقة.
وحركة النزوح الجديدة من حلب وحماه وحمص تخلق تعقيدات هائلة وفرزا طائفيا جديدا.
نعم، كانت هيئة تحرير الشام ذكية في حملتها الاعلامية التي صورت الوضع في سلسلة من الفيديوهات الرومنسية عن مهجرين عائدين وسجناء محررين ومسيحيين يمدحون الجهاديين. لكن مقابل ذلك هناك موجة نزوح ضخمة جديدة بدات، ويجون واصفيات في الخفاء تجري على قدم وساق، والوضع الاقتصادي في كل منطقة تتحرر او تبقى تحت يد النظلم يرداد سوءا.
التفاؤل صعب.. لكنه يظل حالة بشرية لا يمكن مصادرتها.