يعتبر سكان المناطق التهامية الأكثر فقرًا في البلاد، وقد جاءت الحوثية لتزيد من معاناتهم بشكل ممنهج. فلم تسرق مرتبات الموظفين وحسب، لكنها أيضا سرقت المساعدات المخصصة لهم.
أواخر العام 2016م، انتشرت صور في مواقع الانترنت لمجموعة من السكان – في الحديدة وحجة- تلتصق جلودهم بعظامهم من شدة الجوع، كما أكدت العديد من التقارير سقوط وفيات من النساء والأطفال جراء انعدام الغذاء وانتشار الأوبئة. حدث ذلك، في الوقت الذي تتواجد في هذه المناطق العديد من المنظمات الإغاثية على رأسها منظمة الإغاثة الإسلامية، أوكسفام، اليونيسيف، منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، برنامج الأغذية العالمي، منظمة مكافحة الفقر الفرنسية، منظمة أكتيد العالمية، وكالة التنمية والتعاون الفني، النداء الإنساني الدولية، منظمة المساعدة الطبية الدولية، المنظمة الدولية للهجرة، المجلس النرويجي للاجئين، صندوق الأمم المتحدة للسكان، منظمة الصحة العالمية، منظمة أدرا، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، منظمة إنترسوس، الجمعية الدولية للتعاون الدولي، أطباء بلا حدود، اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فما الذي حدث؟ أين ذهبت المساعدات التي تُقدِّمها المنظمات لسكان هذه المناطق المحدودة؟ كيف عجزت هذه المنظمات الكبيرة عن إنقاذ الجياع هناك؟
وبتتبُّع نشاط الحوثيين في هذه المناطق، كان من الواضح أنَّ عمليات النهب المُمنهَجة وفرض الهيمنة الحوثية، ساهمت في إعاقة أعمال المنظمات التي كانت تصمت بدورها كي تحافظ على دعم الدول المانحة التي قد توقف دعمها إذا ما ظهرت المنظمات بعدم قدرتها على توزيع المساعدات والوصول إلى الفقراء، وتلجأ إلى توزيعها في مناطق أخرى سكانها أقل احتياجا.
من أمثلة هذه الحوادث، قيادي حوثي يدعى «أبو مشغل» وعشرة مرافقين مسلحين معه نهاية 2016م في مديرية الخشم بمحافظة حجة، بإغلاق مكتب منظمة المجلس النرويجي للاجئين. وقد أكد لي أحد العاملين في المنظمة أنَّهُم أخذوا الحواسيب المحمولة الخاصة بالموظفين وستالايت الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ليتم إغلاق مكتب المنظمة هناك، كما فَرَّ عدد من الموظفين بعد اتهامهم بأنَّهُم «دواعش». المنظمة ذاتها تعرَّضت لاعتداء آخر في فبراير/ شباط 2017م على يد الحوثيين الذين قاموا باعتقال ثلاثة من موظفي المنظمة وسائق متعاقد معها حينما كانوا يُوزِّعون مساعدات في محافظة الحديدة(9).
وفي المناطق الساحلية التابعة لمحافظة حجة، منع القيادي الحوثي علي شرف الدين، توزيع مساعدات للنازحين حتى يتم تسليم ما يُسَمَّى بالمجهود الحربي، كما قام باختطاف مدير الأمن الغذائي بمنظمة أوكسفام بمكتب شفر، التابعة لمحافظة حجة.
كان لهذه الممارسات -وكثير مثلها- دور في تأزيم الوضع الإنساني، وهذا ما قصده المسؤول الرفيع في منظمة الأمم المتحدة لـ «أسوشيتد برس» حين أكد وجود كميات كبيرة من المساعدات التي تكفي لمواجهة أزمة الجوع في اليمن، إلَّا أنَّ كثيرًا منها سُرق و «إذا لم يكُنْ هناك فساد، فلا مجاعة».
في أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2018م، بثَّت وسائل إعلام دولية مختلفة مشاهد لمواطنين يمنيين في المناطق التهامية التابعة لمحافظة حجة غربي اليمن، وتحديدًا في مديرية أسلم، وهُم يأكلون أوراق الشجر من شِدَّة الجوع والفقر. كانت المشاهد صادمة لكثير داخل اليمن وخارجه. وبعد حوالي عام، جاء تقرير وكالة «أسوشيتد برس» ليكشف عن الأسباب الرئيسة التي جعلت أهالي تلك المديرية يصلون لتلك المرحلة.
حيث أكدت الوكالة في التقرير المشار إليه أعلاه، أنَّ الحوثيين امتنعوا –ولشهور- عن تقديم الإذن للمنظمات الدولية بتوزيع 2000 طن من الطعام (وهو ما يكفي لإطعام 160 ألف شخص) في مديرية أسلم التي اضطر سكانها لأكل أوراق الشجر المسلوقة بسبب الجوع، وأنَّ الموافقة على توزيع المواد الغذائية جاءت بعدما فسدت المساعدات(10)(11).
#الحوثي_يعدم_ابناء_تهامه