1- العلمانية هي الحيادية الدينية للدولة ومؤسساتها تجاه الأديان . تتخذ الدولة العلمانية نفس المسافة من المتدينين ومن غير المتدينين، ولا تمنح امتيازات للدين أو اللادين. الركنين الأساسيين للعلمانية هما احترام وحماية التنوع واقامة الاجتماع على اساس المواطنة. ولا يمكن حماية التنوع ورعاية المواطنة إلا بابتعاد الدولة ومؤسساتها عن أي توجهات وايديولوجيات دينية.
2- لا يوجد تناقض بين الدين والعلمانية. بل إن العلمانية لا يمكن ان توجد إلا اذا كان الدين موجودا وفاعلا ومؤثرا. واذا افترضنا أن الدين انتهى او انقرض فان الحاجة للعلمانية تنتفي تلقائيا.
3- العلمانية ثورة روحية وليس صحيحا أنها تهمش الروح لصالح المادة. المجتمعات العلمانية هي اكثر المجتمعات سعادة واهتماما بالقضايا الانسانية وانخراطا في التجارب الروحية في ظل الحرية التي تضمنها لها القوانين العلمانية.
بإتاحة العلمانية المجال لكل الأديان والمذاهب والتجارب الروحية التعايش على قدم المساواة، والحوار الراقي، وبتأكيدها على حرية الفرد في التدين أو اللاتدين أو الانتقال او التحول تفتح المجال لحياة دينية وروحية غنية وحقيقية.
أما الأنظمة الدينية فانظمة مادية قمعية في حقيقتها لأنها تحول الدين إلى مجموعة من الطقوس والأوامر الميتة التي تدمر الروح وتجعل الدين خوفا اكثر منه التزاما.
4- العلمانية لا تهمش الدين ولكنها تحرر الدين من سيطرة السياسة ومن سيطرة السياسيين، وتحرر المؤمنين من سيطرة الكهنة والفقهاء. ما تفعله العلمانية انها تحول الدين من سلاح في يد الأقوى إلى زاد روحي يمتلكه كل شخص لاثراء حياته الروحية الذاتية.
5- الأديان تُضطهد دائما في الانظمة الدينية (أو الأنظمة الملحدة). أما الانظمة العلمانية فلا تضطهد الأديان وانما تنظم "المجال الديني العام" وتقننه في حين تترك "المجال الديني الخاص" حرا ومفتوحا. ولا يتدخل القانون في المجال الديني إلا عندما يزحف على "المجال العام" ويؤثر على الحريات الدينية والمدنية للاخرين.
6- الأنظمة الدينية تتحول في الاخير الى أنظمة مذهبية طائفية تتحيز لمذهب واحد/طائفة مسيطرة وتقمع بقية المذاهب حتى داخل نفس الدين. وبالتالي لا يمكن ضمان الحرية الدينية في أي نظام ديني (وهذا ما هو واضح أمامنا في كل الدول التي لا زالت ترفض العلمانية). أما العلمانية فتقضي على المذهبية بتعاملها العادل مع كل الأديان والمذاهب.
بل إن بعض الانظمة العلمانية تقدم دعما ماديا للجمعيات والمنظمات الدينية وتسهل لها التعبير الحر عن قناعاتها الدينية بما لا يتعارض مع قوانين الدولة وحريات الآخرين.
7- لا تمنع العلمانية الاستفادة من التشريعات الدينية ( الفقه الإسلامي او المسيحي) لكنها تختار منه ما لا يتناقض مع مباديء المساواة والمواطنة والحقوق الانسانية. لا تعزل العلمانية الدين عن الحياة، بل تفتح المجال لكل الاديان لإثراء الحياة بشكل حر ىدون اي إجبار أو قمع للأفراد والمجتمعات.
8- لا تعترف العلمانية بدين رسمي للدولة (لأن الدول كيانات مؤسسية لا دين لها) ولا تشترط ديانة لرئيسها ولا تنص علو ضرورة أن يكون المرشحون للبرلمان ملتزمين بالصلاة والواجبات الدينية. التشريعات الخاصة بالترشح والوظيغة وبالزواج والطلاق والميراث والأحوال الشخصية في الدولة العلمانية تشريعات مدنية لا تفرق بين الناس بسبب الدين أو المذهب أو الجنس.
9- لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية بدون علمانية ولا علمانية حقيقية بدون ديمقراطية. الديمقراطية بلا علمانية مجرد طريق سريع لسيطرة الأغلبية المذهبية او الأقلية الجهادية المنظمة على السلطة سواء عن طريق الانتخاب او الانقلاب، ونافذة لتفخيخ الحباة الاجتماعية والسياسية بأحزاب وتنظيمات طائفية تحت ستار التعددية. الديمقراطية تقتضي علمنة الحياة السياسية ومنع إقامة أي أحزاب على أساس ديني أو طاىفي وتحمي حق المتدينين والاسلاميين في ممارسة السياسة والوصول للسلطة ضمن تشكيلات مدنية مواطنية وليس ضمن كانتونات طائفية.
10- العلمانية بدون ديمقراطية تدمر للعلمانية وتحولها الى أداة بيد المستبد لتهميش المعارضة وقمع المجتمع. كما انها تحصر العلمانية في شعارات وتشريعات معزولة عن الواقع بينما يتم اسلمة المجتمع وغسيل دماغه ايديولوجية ودينياً (نموذج تركيا الاردوغانية).
11- جميع الدول التي تحتل المراتب الأولى في التنمية والعلم والاقتصاد والتحضر في الوقت الحالي دول علمانية، بينما تتركز اغلب الصراعات المذهبية والطائفية في حزام الدول التي لا تزال ترفضها.