القراءة الاولى سوف تشبع الغريزة السياسية و تنشغل بالمضمون الفضائحي عن تدهور عملية صناعة القرار في البيت الابيض . ومدى خفة فريق ترامب الشعبوي .. خصوصا اذا ما قارناها مع يقظة البرلمان اليمني ومدى حرصه على سرية مجموعة الواتساب الخاصة به!
اما القراءة الثانية ، و هي الاهم ، فسوف تركز على ما ورد من تفاصيل كاشفة في ثنايا المراسلات بخصوص تداعيات التصعيد الحوثي وملامح الاستجابة الامريكية . والتي يمكن اجمالها في ٦ نقاط:
١- التنسيق السياسي للعملية الامريكية في اليمن بدأ في ١١ مارس ، وهو يوم اعلان الحوثي استئناف عملياته في البحر الاحمر ، وهذا يعني ان الدافع الرئيسي لواشنطن كان فعلا تامين الملاحة واستعادة الردع ، ولم يكن ثمة خطة مبيته لاستهداف اذرع ايران في المنطقة.
٢- المبادرة الامريكية الى ردع الحوثي ، هدفها ايضا لجم اسرائيل ، ومنعها من استغلال التصعيد القادم من اليمن كذريعة للعودة الى اشعال الاقليم بما يصب حصرا في صالح نتنياهو وبما لا يتسق حاليا مع حسابات ترامب.
٣- تدخل امريكا في اليمن لا يعني بالضرورة انذارا بالحرب المباشرة ضد ايران ، وذكر طهران المفرط في تصريحات ترامب كان ضرورة دعائية لتبرير القرار امام الراي العام الامريكي الذي يجهل من هم الحوثيون و يصعب ان يقتنع بجدوى محاربتهم . وهذا يفيد بان رهان ترامب على الصغط الاقصى اقتصاديا و فتح قنوات التواصل الديبلوماسية مع طهران ما زال راجحا.
٤- اندفاعة واشنطن بخصوص تأمين الملاحة لا تعني تغييرا في موقف ترامب تجاه اوروبا وقضية اوكرانيا.بل قد تكون ورقة مساومة لابتزازها.
٥- مصر هي المتضرر الاكبر من عمليات الحوثي ، وستحاول واشنطن ابتزازها مقابل تقويضه. وهذا يوكد ان تصعيد الحوثي لا يساند المقاومة في غزة بقدر ما يضعف الموقف العربي والفلسطيني الساعي الى وقف الحرب و تزخيم خطة اعادة الاعمار.
٦- ثمة تغير نسبي قي الموقف الامريكي من امن الخليج ، و الذي اصبح احدى اولويات ترامب.وبالتالي فان ذلك يرفع من المخاطر المترتبة على استهداف السعودية ، وهو ما لوحه به الحوثيون موخرا ردا على قرارات البنوك التجارية بالانتقال الى عدن.