منذ سنوات المنتديات الأولى، ثم فيسبوك، فهجرات تويتر وواتساب، وأخيرًا مخيمات التليغرام، ونحن نتابع مسيرة نضالية إلكترونية حافلة. بطلها خبير استراتيجي في التشكيك والتخوين، لا يُشق له كيبورد، ولا يُرد له بوست. ناقد رسمي لكل شيء، وعبقري سياسي لم يقرأ كتابًا في السياسة، لكنه يشرحها وكأنه وريث مباشر لـ"حيدر أبوبكر العطاس"... بل وأذكى!
هذا المناضل الإلكتروني المخضرم لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب. كل قيادي خائن، كل سياسي عميل، كل ناشط متسلق، أما الشعب؟ مخدوع. هو وحده من يملك الحقيقة المطلقة، يحتضنها، ويرددها في كل بوست وتدوينة وتعليق، حتى بات يظن أن الرؤية السياسية والوطنئية الصائبة لا تولد إلا من تحت أصابعه.
الأجمل أنه، منذ تلك الأيام وحتى اليوم، لم يُعرف عنه موقف شجاع، ولا دعم خطوة إصلاح، ولا قال عن أحد: "ربما لديه رؤية". لا، لا وألف لا. هو هنا ليشكك، ويخوّن، ويضحك بسخرية مريرة من أي محاولة تغيير، لأنه ببساطة "عارف اللعبة من البداية". ولا ينسى أن يختم أي جدال بجملته الأسطورية: "قد قلت لكم"... ونحن لا نعلم متى قال، ولا أين!
ولذلك، نقترح – وبكل جدية – منحه منصبًا رفيعًا يليق بعقله الجبار. بل ونقترح استحداث وزارة جديدة له، ليصبح: "وزير وزارة التشكيك الاستراتيجي"، أو "المندوب السامي لشؤون التخوين الشعبي". نمنحه كامل الصلاحيات، ونجرب أخيرًا رؤيته التي لم ترَ النور قط.
لكن مهلاً... هو لا يريد أن يحكم. يريد فقط أن يبقى في موقعه الأبدي: خلف الشاشة، يكتب بمنتهى الغضب، ويعيش بسلام في عالمه الموازي، حيث هو الزعيم... الذي لم يحكم بعد.
- تنويه: التدوينة لا تستهدف شخصًا بعينه، بل هي مرآة لنسخة مكرّرة، نجدها في كل زمنٍ ومكان.
من صفحة الكاتب على فيسبوك