الخمر ليس شايًا ولا قهوة.
الشاي والقهوة لا يحتاجان رفقة؛ جلسة صامتة، تأمل، ربما كتاب وربما نافذة مطر.
لكن الخمر يحتاج.
الخمر لا يكتفي بنفسه.
الخمر يتطلب طقسًا؛ غناءً، رقصًا، هيامًا… وأشياء أخرى.
هذا المشهد ما زال يشغل تأملي منذ سأل أحد الرفاق الليلة: هل سنكون سكارى في الجنة؟
هذا يفتح بابًا عميقًا للتأمل.
الآن، لنفترض: أنهار خمر.
تشرب وتشرب (تسكع وتسكع)، والنهر لا ينضب.
ماذا بعد؟
لا بد أنك ستخرج عن طورك.
لكنك هناك، في عالم ليس عالمك الذي تفهمه وتشعر به الآن،
فما معنى أن "تخرج عن طورك" في الجنة؟
وما جدوى السكر هناك؟ (هناك مؤمنون لن يشربوا؟ وهل يُعد امتناعهم فضلًا، أم انتقاصًا؟)
الخمر أيضًا لا يعرف الاكتفاء.
تكتفي من القهوة بعد فنجانين.
لكن الخمر: هل من مزيد؟
فكيف نتصور كل هذا هناك؟
كيف نمسك بخيوط هذا المشهد دون أن يفلت من معناه؟
ثم، سؤال الأسئلة:
شربت، سكرت، طيب… وبعدين؟
أأنت في جنة الله أم في مكان آخر؟
هل يحتاج الخلود إلى زجاجة؟
وهل في حضرة الخالق، كلّي الجلال والكمال والجمال جل جلاله،
يُطلب النسيان والسُّكْر؟
لقد فتحت بسؤالك يا أبا منير بابًا للتأمل لن نخلص منه الليلة ولا غدًا ولا بعد غد.