آخر تحديث :الجمعة-25 أبريل 2025-12:40ص

حتى لا تنسَ الأجيال…أرض اليمن غدّت منشأة ميليشياوية فارسية!

الجمعة - 25 أبريل 2025 - الساعة 12:40 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


تدوين الأحداث الراهنة بكافة تفاصيلها، ورصد نقاطها المضيئة والمظلمة، وتتبع منعطفاتها ومراقبة منحدراتها، ليس حكرًا على المؤرخين فقط، بل يعدّ واجب وطني وأخلاقي يقع على عاتق كل من شهد هذه المرحلة أو عاش جزء من أحداثها، حيث تساعد ذاكرة التدوين على معرفة تشّكل المجتمعات والثقافات، وفهم مكامن الخلل، وكشف ثغرات تجارب الأجيال السابقة. كما أن التدوين يدحض افتراءات المزورين الذين يسعون لدفن الحقائق وحرف مسار وعي المجتمع تجاه ماضيه وحاضره ومستقبله، ويضع حواجز مانعة في وجه ما يطلق عليهم بدعاة العقلانية، ويكشف الغطاء عن نادي أدبيات "التكتل الثالث" ومرتاديه، ويغلق الأبواب أمام الناعقين بمفردات "مدري" أو "ما في شيء"، ويقطع الشريان أمام الانتهازيين ممن جُل همهم موضع قدم في السلطة، وممن يعملوا على خلط الأوراق ما بين دور الضحايا والمُضللين والمجرمين بواسطة القول "هم كانوا غاويين أو مضطرين" أو "سلموا لنا العاصمة والسلطة" أو "تعالوا نتقاسم السلطة وعفا الله عما سلف"!.


وأهم حدث مٌظلم في تاريخنا البائس الحالي، أن حفنة من بقايا الدخلاء والغرباء من أحفاد الكهنوتية السلالية تمكنوا من جعل أرض سبأ وحِميّر منشأة ميليشياوية فارسية، وذلك عبر الاستعانة بأدواتها التاريخية القذرة المتمثلة بالعكفة المصابين بداء مذهب السلالية؛ وقد تم استدعاء واستعداء مختلف القُوى من كل حدب وصوب لمهاجمة وتدمير اليمن أرضا وإنسانا!. ثم أن ملشنة أرض اليمن وجعلها تابعة للفٌرس عبر تلك الشرذمة الدخيلة النكراء، ليست وليدة اللحظة، بل لها امتدادها التاريخي وارتباطها التوارثي بعودة الفرع للأصل، حيث عاد الفرع من شظايا أحفاد الباذانيين والرّسيين إلى أصولهم (الفارسية) في أول منعطف بسيط أتيح لهم القيام بذلك، ولو تكررت لهم الفرصة مرة أخرى، فلن يتأخروا لحظة واحدة!.


يجب أن تدرك الأجيال أنه خلال العقود الأخيرة سُلمت مقدرات الدولة العسكرية لعصابة مليشياوية مُجرمة بواسطة التزاوج الوظيفي ما بين دخلاء الكهنوتية وأدواتها التاريخية من أبناء بعض المناطق اليمنية المصابة بداء مذهب أئمة السلالية، وتحولت معسكرات الجيش اليمني إلى ثكنات ميليشياوية تفتك بأبناء الشعب اليمني بدلًا من حمايته!. في العقود الأخيرة، تغّيرت التنمية من تطوير البنية التحتية إلى "التنمية الميليشياوية" عبر حفر الأنفاق وثقب الخنادق ونحت الكهوف، وأصبحت الطاقة الكهربائية تُضيء أنفاق وكهوف الجبال الخاوية، بينما الشعب يغرق في الظلام الدامس بشتى جوانبه!. في العقود الأخيرة، تَبَدُّل دور خريجي الكليات العسكرية والقيادة والأركان من الدور القيادي إلى دور حراسة بوابات الكهوف وحماية الأنفاق وتفتيش منافذ دخول وخروج المراكز المقدّسة!.


في العقود الأخيرة، أصبح اليمانيون من أحفاد سبأ وحِميّر مٌهجرون ومشردون وغرباء في أرضهم؛ بينما اُستبيحت أرض اليمن وأصبح شذاذ الآفاق يتقاطرون من كل حدب وصوب!. في العقود الأخيرة، تحولت المحميات اليمنية الطبيعية الساحرة إلى مناطق مغلقة ممنوعة الوصول أمام أبناء الأرض؛ بينما تطأها أقدام الغرباء وتُدار من قبل الدخلاء، وغدت المزارع والمصانع مخابئ مخفية للمنشآت والمعدات الميليشياوية!. في العقود الأخيرة، بدلاً من بناء السدود وصيانة الصهاريج وتوسيع أنظمة الرأي وتعبيد الطرقات، فقد حُفرت الأنفاق والخنادق، وعبّدت طرقات الكهوف، ولم تأمن المناطق اليمنية الواقعة خارج سيطرة الكهنوتية من استهداف البنية التحتية من مطارات ومدن ومنشآت، ولم تسلم من الكمائن والتسللات الليلية، وتحولت المؤسسات الخدمية إلى مؤسسات سلالية نهبوية!.


في العقود الأخيرة، استخدمت السلالية وأدواتها التاريخية أبناء اليمن المدنيين كدروع بشرية، وزعت تربة اليمن بالألغام الأرضية، وجعلت من جبال اليمن منصات صاروخية مفاتيحها بأيدي دولة معادية، وغيّرت وديان اليمن إلى مراكز تدريبية ومخابئ للطائرات المفخخة، وحولت المدارس والمعاهد والمستشفيات والمراكز العامة لأغراض عسكرية ميليشياوية. في العقود الأخيرة، تم اختطاف وتجنيد الأطفال، وتم تضليل شباب أبناء القبائل اليمنية من القرى والمدن بواسطة المُجرمين (لا المُضللين أو المضطرين)، وتم تعبئة عقول النشء بأفكار منحرفة تجعلهم لا يميزون ما بين "اسم الله" و"اسم ولي الله"، وتم إعادة توزيعهم بإستراتيجية تفريق دم أبناء القبائل اليمنية وتهييجها، والدفع بهم عبر أفواج كالقطيع لملاقاة مصيرهم المحتوم!. في العقود الأخيرة، فسدت شواطئ اليمن وسواحلها، وتم تهجير صياديها، وتحولت المرافئ إلى شبكات تهريب إقليمية ومراكز توزيع لتجارة كافة الممنوعات!. في العقود الأخيرة، نهبت أيدي الفُرس مليارات الدولارات من دولة عربية كربلائية يعاني أهلها التشريد والفاقة والجوع؛ وزودتها لدعم أبناء عمومتها من بقايا الدخلاء والشظايا المتواجدين في أرض اليمن؛ وذلك للفتك بأبناء سبأ وحِميّر.


وبعد كل هذا الدمار والخراب وسفك دماء أبناء الشعب، يأتي من ينفث من فمه كلمات ذات رائحة كريهة متمثلة بـ "مدري" أو "ما في شيء" أو "كانوا مضطرين" أو "كانوا غاويين ومُضللين" أو "سلموا لنا العاصمة والسلطة" أو "تعالوا نتقاسم السلطة وعفا الله عما سلف"، ويتم وضع كل تلك المفردات المستهلكة المنتنة تحت مبرر لافتة ممارسة الدهاء وإتقان السياسة!. السياسة لا تعني التنازل عن الحقوق، ولا ضياع دماء أبناء الشعب، وليس المقصود بها تكرار الأخطاء وعدم أخذ الدروس المستفادة، ولا تعني نسيان الماضي وتجاهل الحاضر وعدم الإكتراث بالمستقبل؛ بل الغرض الأساسي منها (السياسة) هو النقيض من كل ذلك، عبر صون مقدرات الدولة، ومراعاة المصالح القومية العليا، وحفظ حقوق أبناء الشعب، وتعظيم المصالح العامة، والتخلص من كافة الآفات المدمرة للشعب والدولة والمؤسسات، وعلى رأس تلك الآفات هي آفة الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة!.

ختامًا، لا يمكن التهرب عن الجناية بترديد مفردة "مدري"، ويُحال تسويغ الواقعة الإجرامية بكلمات "ما في شيء"، ويتعَذَّر تبرير أفعال مرتكبي الجنايات بوصفهم "كانوا مضطرين"، والقانون لا يقبل ترك المتهمين بالجٌنح المتعمد بحجة أنهم "غاويين ومٌضللين"، واسترداد الدولة من فكي الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية لا تكون بالمطالبة بتقاسم المؤسسات أو الاستجداء بألفاظ "سلموا لنا السلطة وعفا الله عما سلف"؛ وأما من يخلط بين دور الضحايا والمُضللين والمُجرمين، فإنه يعاني أعراض عمى الكهنوتية واختراق شبكة السلالية، وبحاجة ماسة إلى حقنة وطنية مضادة للسموم وإلى إعادة تأهيل قومي!. لذا، أرض سبأ وحِميّر بحاجة ماسة إلى ساسة ذو عقيدة سياسية قومية سبيئة حِميّرية، وإلى حماة وطن من ذوي العقيدة العسكرية القومية اليمنية المناوئة تاريخيًا للكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة، والتي جل اهتمامهم الدفاع عن اليمن أرضا وإنسانا؛ لا الدفاع عن عقيدة أحفاد عبد مناف (علي ومعاوية)!. وبالتالي، إذا لم تسترد الدولة ومؤسساتها من فكي الكهنوتية السلالية بواسطة أحفاد سبأ وحِميّر من ذوي العقيدة السياسية والعسكرية المستمدة من القومية اليمنية، فأنها ستظل على وضعها السابق دون أي تغّير، وستظل مياهها آسنة تنفث فيها الكهنوتية السلالية سمومها، ولا يمكن أن تتقدم خطوة للأمام!.