بدأت تظهر الكثير من الأعمال الفنية والأدبية التي تعالج جائحة كورونا، وإن كان أغلبها موجها إلى الحال الصحي والتحسيس بخطر الفايروس أو لفت الانتباه إلى الخوف والتباعد الاجتماعي والفقر وغيرها من تأثيراته، لكن الأعمال التي تناولت تأثير الفايروس على الأطفال قليلة جدا.
فكيف يرى الأطفال الواقع الجديد الذي فرضه انتشار الفايروس؟ سؤال حاولت رواية “ألاعيب خالد مع كورونا” للكاتب الموريتاني محمد ولد محمد سالم، الإجابة عنه بعيني ولسان ومشاعر طفل.
تحكي الرواية عن معاناة طفل تعوّد على اللعب مع أصدقائه بحرّية في حيّ شعبي، وعندما انتقل إلى دولة خليجية تأقلم سريعاً مع أجوائها، وكوّن مجموعة من الأصدقاء يخرجون معه ويشاركونه ألعابه، وذلك قبل أشهر من ظهور جائحة “كورونا”.
وفي ظل الواقع الجديد يجد الطفل نفسه محروماً من الخروج للّعب بسبب العزل والتباعد الاجتماعي اللذين فرضتهما الإجراءات الصحية في مواجهة الفايروس. وبما أنه تعوّد على الخروج واللعب مع أصدقائه، فقد وجد صعوبة في تقبّل الأمر، لهذا بدأ يضع خططاً يومية للاحتيال على تلك الإجراءات حتى يخرج ويفوز بلحظات من اللّعب خارج البيت. فكان الطفل تارة يلعب الكرة تحت العمارة التي يسكنها، وتارة يركب دراجته ويتجول في المناطق المحيطة، وتارة يدخل منطقة الألعاب في الحيّ، ليُمتّع نفسه بما فيها من ألعاب، وكان كل يوم جديد يحمل له خبرا غير سار عن إغلاق مكان من أماكن اللعب.
ومع اشتداد إجراءات الحجر، كان الطفل على تواصل مع أبناء عمته وأصدقائه في موريتانيا، وكانوا يحدثونه عما يمارسونه من ألعاب وما يجدونه من حرية وسعادة في حيهم الشعبي في نواكشوط، الذي لم تطله إجراءات الإغلاق والحظر.
تثور الذكريات لدى الطفل وينبعث الحنين في نفسه، وتتضاعف حسرته، ويقرر أنه لا بد من السفر، فيعدّ حقيبة ملابسه، ويتجه إلى أبيه ليطلب منه أن يشتري له تذكرة عودة إلى بلاده!
وفي نهاية الرواية الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، تتغلب إرادة الإنسان في الحياة والفرح على الجائحة، وتعود الحياة جميلة.