رسائل بنذر تصعيد حوثي، اختزلها استعراض لقدراته العسكرية بالعاصمة صنعاء، في ذكرى نكبة اليمن بهدف تبديد جهود السلام.
والخميس، أقام الحوثي عرضا عسكريا في ميدان السبعين بصنعاء بمناسبة مرور 9 أعوام على نكبة الانقلاب، في كرنفالات شارك فيها عشرات الأطفال ممن دفعت بهم المليشيات لتضخيم صفوفها، بالإضافة للعشرات من أصحاب الاحتياجات الخاصة.
وجاء عرض مليشيات الحوثي بعد أيام من عودة وفدها التفاوضي المشارك في محادثات سلام، ترعاها السعودية وسلطنة عُمان، إلى صنعاء، في خطوة استهدفت تقويض فرص السلام ونسف الجهود الإقليمية والأممية لتمديد الهدنة باليمن.
وتضمن عرض مليشيات الحوثي لأول مرة مشاركة طائرة حربية وحيدة من طراز إف-5، كانت سابقا في ترسانة الجيش اليمني، بالإضافة إلى تحليق 3 مروحيات حوثية من طراز Mi8T وMi17 وMi171، بعد إعادة تأهليها في ورش خاصة بمطار صنعاء.
كما تضمن العرض الحوثي 3 أنواع من الزوارق المفخخة والمسلحة لتهديد الملاحة وألغام بحرية مضادة للسفن وصواريخ باليستية من طراز كروز، وأخرى مضادة للسفن بالإضافة لـ12 نوعا من الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع.
وبالتزامن مع الاستعراض، خرج ناطق مليشيات الحوثي العسكري المدعو يحيى سريع يزعم أن "السلام لن يتحقق إلا بفرض معادلة عسكرية رادعة لإخضاع الحكومة الشرعية لمطالب وشروط المليشيات".
العرض العسكري لمليشيات الحوثي حمل رسائل صريحة بتهديد الملاحة البحرية خصوصا أنه جاء بعد أيام من تهديدات علنية خرجت بها قيادات المليشيات تزعم أن البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب مناطق عسكرية.
وهذا ما أكده رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، في كلمة له من منبر الأمم المتحدة، قال فيها "إن استعراض مليشيات الحوثي لقدراتها العسكرية في ذكرى النكبة يستهدف خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بعد أن زعمت المليشيات أنها مناطق عسكرية".
وأشار العليمي إلى أن تهديدات مليشيات الحوثي تضمنت تلويحا "باختبار أسلحة جديدة في الجزر اليمنية، واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط"، مؤكدا استمرار هذه المليشيات في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتقويض جهود التهدئة، وإفشال المساعي المبذولة لتجديد الهدنة واستئناف العملية السياسية.
وجدد التأكيد على أهمية ضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وعلى رأسها برنامج إيران النووي، وصواريخها البالستية ودورها التخريبي في المنطقة.
خبراء عسكريون وسياسيون يمنيون يرون أن عرض مليشيات الحوثي العسكري في صنعاء جاء لتعويض الفشل الذي تعيشه المليشيات على المستوى السياسي والعسكري إلى جانب كونه رسالة صريحة ضد جهود السلام.
وقال الخبير في الشؤون العسكرية اليمنية المقدم أحمد العاقل، إن "مليشيات الحوثي تعوض فشلها الاقتصادي والسياسي بالاستعراضات العسكرية المبهرة وادعاء تصنيع أسلحة محلية، بينما يدرك الجميع أنها ليست كذلك".
كما استنكر الضابط استعراض الحوثي قائلا إن المليشيات "زجت بالأطفال وشباب المدارس في وقت لا ترى أين وصل العالم في الاستعراضات العسكرية بشريا وعسكريا وأين بلغ التدريب والتأهيل والاحتراف للقوات".
وأضاف أن رسائل العرض العسكري الحوثي "تستهدف الداخل، أما الخارج فيدرك جيدا مضمون وهشاشة تلك الاستعراضات، حيث يصور الحوثيون أنفسهم خصوصا أمام القبائل بأنهم قادرون على كبح جماحها حال انتفاضها المسلح أو أي انتفاضات شعبية كون المليشيات تعيش الكثير من الصراعات الداخلية واحتقانا شعبيا عارما بمناطق سيطرتها".
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي تمارس الابتزاز ضد الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية الساعية للسلام، لافتا إلى أن النقطة المهمة التي يجب أن يأخذها العالم بجدية هي التهديدات التي ترسلها المليشيات من خلال عروضها كونها مستعدة دائما لقتل آلاف اليمنيين وجر البلد لحروب بالوكالة.
من جهته، أكد السياسي الجنوبي اليمني أحمد عمر بن فريد أن الاستعراض الحوثي والغطرسة والعنجهية تشير إلى أنها تمضي عكس جهود السلام وأنها لا تريد أي سلام باليمن.
وقال بن فريد إن "أبسط قواعد الدبلوماسية السياسية تقتضي عندما تخوض عملية حوار مع طرف آخر أن يكون خطابك حكيما وحصيفا ومحفزا على المضي قدما تجاه تحقيق نتائج إيجابية خاصة أن وفد صنعاء قد عاد بالأمس القريب من الرياض مستبشرا بالحوار".
وأردف مستدركا: "لكن ما نسمعه في هذا الاستعراض العسكري من لغة تتسم بالعنجهية والغطرسة والغرور تشير إلى عكس ذلك، بل تؤكد على ما أشرنا اليه أكثر من مرة بأن هذه الجماعة لا تريد سلاما وإنما استسلاما".
وأوضح في تغريدة عبر موقع "إكس" (تويتر سابقا) أنه "على الجميع أن يدرك أن من يعتمد لغة الابتزاز الرخيص في هذه المرحلة سيكون خطابه أكثر عنجهية، وأكثر خطورة في حال التمكين".
وأكد أن "الحقيقة تقول إن هذه المليشيات هي امتداد طبيعي للجيش الإيراني، وأنه لا يمكن أن يكونوا شركاء موثوقا بهم للسلام، لأن مهمتهم الأصلية ليست السلام وإنما البقاء خنجرا في خاصرة الأمن القومي العربي لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الإيرانية في الإقليم"، وفق تعبيره.
من جهته، بعتبر الناشط السياسي رشاد الصوفي أن "مليشيات الحوثي تسعى إلى تحقيق عدة أهداف ورسائل من خلال الاستعراض العسكري بذكرى انقلابهم على السلطة، أبرزها التأكيد على وجودهم وإبراز قوتهم والقدرة على السعي والنفوذ وتأكيد وجودهم كقوة عسكرية قادرة على التحدي والمواجهة".
كما تسعى المليشيات وفق إلى"الضغط السياسي حيث يمكن أن يكون الاستعراض العسكري وسيلة للضغط السياسي على الأطراف الأخرى للمشاركة في جهود السلام، بهدف إجبارها على الموافقة على تنفيذ مطالبها أو تحقيق تنازلات أكبر".
أما الرسائل التي تريد إيصالها فمفادها أنها "استعداد تام لخوض جولات جديده من الحرب"، وأنها ترفض مقترحات السلام التي لا تتوافق مع مصالحها وابتزاز المجتمع الدولي، وفقا للناشط السياسي اليمني.