تواصل ميليشيا الحوثي اختلاق المبررات والبحث عن متهم تحمله المسئولية في استمرار معاناة الموظفين، وتلجأ لاستخدام ورقة المشاورات مع المملكة العربية السعودية، لشرعنة رفضها صرف المرتبات واستمرارها في نهب الإيرادات وتوجيهها لخدمة أهداف الجماعة ومشاريعها وبرامجها الطائفية.
تحولت القضايا الإنسانية التي تزداد تفاقما نتيجة لسياسة التجويعية التي تنتهجها الميليشيا الحوثية ضد المواطنين إلى واحدة من أبرز الأوراق التي تستخدمها جماعة الكهف وتتجه إليها لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، بل وتلجأ إليها كلما شعرت بالهزيمة تحاصرها في إعادة ترتيب صفوفها وايقاف انهيار قواتها في الجبهات، وهو ما ظهر جليا في معركة الحديدة التي كانت القوات المشتركة قاب قوسين أو أدنى من تحرير المدينة من الميليشيا التي وجدت في التواطؤ الدولي والدعوة إلى الحوار مخرجا فاتجهت بشعارات إنسانية للحوار في السويد والخروج "اتفاق ستوكهولم" الذي استند على تعهدات الجماعة بتوريد عائدات الميناء لحساب المرتبات.
وبذات المبررات والشعارات التي ترفعها في كل مرة تستغل ميليشيا الحوثي قضية المرتبات وتتجه لإستثمار الأصوات التي تطالبها بصرف المرتبات لمصلحتها وتوجيهها لتحقيق مكاسب سياسية جديدة، موهمة اليمنيين بأن مشاوراتها في الرياض وما سبقها من زيارات للوفد العماني تدور حول قضية المرتبات التي تزعم بأن تسليمها للموظفين أهم شرط لقبول الهدنة والدخول في أي تسويات سياسية وعسكرية.
مراقبون رأوا أن ميليشيا الحوثي تحاول من خلال هذه المشاورات تبرئة ساحتها من نهب موارد الدولة وفي مقدمتها الإيرادات المهولة التي تتحصل عليها من ميناء الحديدة وعائدات الضرائب وعائدات بيع المشتقات النفطية، وتحويل أي التزامٍ من السعودية بدفع المرتبات إلى اعترافٍ يسقط عنها المسئولية بل ويعفيها من تحمل المسئولية مستقبلا فيما يتعلق بانتظام صرف المرتبات ويمنحها الحق في رفض وتجاهل مطالب الموظفين.
من جهتها أكدت مصادر في صنعاء أن سبب إصرار الميليشيا الحوثية على رفض صرف مرتبات الموظفين، لا يأتي من واقع شحة في الموارد وعدم قدرتها على تغطية بند المرتبات، وإنما لأنها لا تتعامل بمعيار الدولة ولا تخضع فيما تقوم بتحصيله وانفاقه لأي معيار محاسبي أو موازنات عامة، بل تتعامل مع المال العام وإيرادات الدولة على انها غنيمة وأسلاب حرب يتم تقسيمها بين أجنحة الجماعة وقياداتها التي تتمسك بنصيبها وترفض التنازل عنه أو حتى اقتطاع جزء منه لصالح المرتبات.
وأشارت المصادر إلى أن إرتفاع الاصوات المطالبة بصرف المرتبات أصبح يمثل كابوساً لقيادة الجماعة التي تجد نفسها اليوم تقف بين خطرين يتمثل أولهما في مطالبات الموظفين التي تزداد رقعتها اتساعا وتتجه نحو تفجير ثورة شعبية يصعب ايقافها أو احتوائها، بينما يتمثل الخطر الثاني في رفض أجنحتها التنازل عن غنائمها من إيرادات الدولة المنهوبة، والذي قد يؤدي عدم التوصل لحلول إلى تفاقم الخلافات داخل الجماعة وتحولها إلى صراع مسلح ومواجهات عسكرية.