آخر تحديث :الخميس-26 ديسمبر 2024-11:42م
اخبار وتقارير

"فساد وسوء إدارة".. فشل استغلال "النقد الأجنبي" أفلس الحكومة و"صفر" المركزي

"فساد وسوء إدارة".. فشل استغلال "النقد الأجنبي" أفلس الحكومة و"صفر" المركزي
الإثنين - 19 فبراير 2024 - 09:54 م بتوقيت عدن
- عدن ـ نافذة اليمن:

بعد طول انتظار، تلقى البنك المركزي في العاصمة عدن، في 12 فبراير 2024، دفعة ثانية من المنحة المالية السعودية بقيمة 250 مليون دولار؛ وجاء تسليم الدفعة الجديدة في ظل ظروف اقتصادية صعبة وتحديات مالية تعيشها المناطق المحررة وصلت إلى عدم تسليم المرتبات وانهيار مريع للعملة المحلية.

وتأتي هذه الدفعة في إطار المنحة المالية التي أعلنت عنها الرياض في أغسطس 2023، بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي لتمويل الموازنة العامة ودعم قيمة الريال اليمني إثر تدهور الموقف المالي بسبب فشل إدارة الملف الاقتصادي ومواجهة الحرب الاقتصادية التي تشنها الميليشيات الحوثية للإضرار بالقطاع المصرفي وإيرادات الدولة الرئيسة.

ومنذ مطلع العام الجاري، تواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية غير مسبوقة وصلت إلى عدم قدرتها تسليم مرتبات موظفي القطاع العام، ناهيك عن ارتفاع كبير في أسعار صرف العملات والاحتياجات الأساسية، ليتخطى سعر صرف الدولار الواحد حاجز الـ1600 ريال، في سابقة هي الأولى منذ اندلاع الحرب الحوثية في 2015.

وعلى الرغم من التفاؤل الحكومي في اليمن من تسلم الدفعة الثانية لتغطية مرتبات الموظفين المتأخرة وإيقاف تدهور العملة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن استمرار الحكومة بإدارة الملف الاقتصادي والمالي بذات الطريقة سيعيد الأزمة مرة أخرى في ظل استنزاف الموارد المالية وعدم القدرة على إيجاد حلول مستدامة خصوصا مع استمرار توقف أهم مورد للخزينة العامة المتمثلة في إيرادات النفط بسبب الهجمات الحوثية على الموانئ النفطية.

مساعدات في مهب الريح

الملاحظ أن الحكومة التي تعاقبت على إدارة المحافظات المحررة باتت تعول بشكل كبير على المنح والودائع المالية الخارجية لتغطية العجز الاقتصادي والمالي الذي تعيشه البلد، ومن خلال متابعة ما تلقاه البنك المركزي في العاصمة عدن من ودائع مالية خارجية خلال السنوات الماضية، بما في ذلك الودائع المالية المتكررة التي تقدمها السعودية والإمارات بهدف تحسين الوضع المالي والاقتصادي في اليمن، يتبين حقيقة عجز الحكومة عن الاستفادة من تلك الودائع المالية واستغلالها في خلق استقرار دائم وإيقاف الانهيار الاقتصادي المتواصل.

وخلال العامين الماضيين، وتحديدا منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي مطلع أبريل 2022، حظيت الحكومة بمساعدات مالية متعددة، تم الإعلان عنها بشكل رسمي لدعم خزينة البنك المركزي بالعاصمة عدن ورفده باحتياطي من النقد الأجنبي. وبدأت تلك المساعدات المالية في 7 أبريل 2022، مع إعلان تشكيل المجلس الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، حيث أعلنت السعودية والإمارات حينها تقديم دعم مالي عاجل بقيمة ملياري دولار أمريكي مناصفة بينهما لصالح خزينة البنك المركزي اليمني، إلى جانب مليار دولار أمريكي من المملكة منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية. 

وفي 27 نوفمبر 2022، شهدت الرياض توقيع الحكومة اليمنية وصندوق النقد العربي اتفاقاً لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي الشامل لليمن بقيمة مليار دولار، بدعم من السعودية والإمارات. وقبل ذلك بأيام وتحديدا في 23 نوفمبر، أعلن رئيس الحكومة حينها، معين عبد الملك، أنه تم إيداع مليار و100 مليون درهم إماراتي (300 مليون دولار) في حساب البنك المركزي اليمني.

وفي فبراير من العام 2023، تم الإعلان من قبل الجانب السعودي عن إيداع مليار دولار في حساب البنك المركزي اليمني بالعاصمة عدن، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والحد من الانهيار المتسارع الذي تشهده العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. وعقبها بأشهر وتحديدا في 1 أغسطس 2023، أعلنت السعودية عن منحة مالية جديدة للحكومة اليمنية بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي لتمويل الموازنة العامة ودعم قيمة الريال اليمني إثر تدهور الموقف المالي للأخيرة؛ وجرى تسليم الدفعة الأولى حينها بقيمة وصلت لـ250 مليون دولار.

الكاتب والصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، ماجد الداعري أوضح لـ"نيوزيمن" أن الودائع المجزأة والمشروطة ليست حلا للوضع الاقتصادي المنهار بمستويات كبيرة كما هو حاصل اليوم في اليمن. واصفاً تلك الودائع بأنها "أبر تخدير" مؤقتة، لا يمكن أن تؤثر إطلاقاً في الوضع الاقتصادي المنهار على الآخر في البلد.

وقال: لا يمكن أن يتحسن الوضع الاقتصادي أو العملة المحلية ما دام أن البنك المركزي وقيادته والحكومة اليمنية تنتظر الودائع والمساعدات من الخارج، دون الالتفات إلى تحسين وجمع موارد الدولة المحلية وتوريدها إلى الخزينة العامة من بنك مركزي أو حسابات دوائر اقتصادية أو صناديق المؤسسات الإيرادية وغيرها.  

وأشار إلى أن الوضع الحالي تجاوز موضوع التأثير أو التأثر بمجرد دخول وديعة من مليار أو مليارين أو 3 مليارات دولار. مشيرا إلى أن الاقتصاد اليمني بحاجة إلى مؤتمر مانحين يتم من خلاله تقديم وديعة مالية لا تقل عن 10 مليارات دولار دفعة واحدة حتى يستطيع البنك المركزي من الاستفادة منها، ويستعاد ما فقده الاقتصاد من دخل قومي جراء توقف صادرات النفط والغاز.

مساعدات خارجية 

وبموازاة الدعم السخي من الأشقاء في السعودية والإمارات لصالح الخزينة العامة، تحصل البنك المركزي في العاصمة عدن، على دعم مالي خارجي من عدة جهات. بينها دفعتين من عمليات السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي (SDR)، وبلغت قيمة السحب الأول التي جرى الإعلان عنها في 17 نوفمبر 2022، نحو 300 مليون دولار. و17 يونيو أعلن البنك المركزي اليمني تسييل الدفعة الثانية من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي وإيداعها في حساب البنك لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك. ووفقًا للبنك، أن مبالغ السحب تُستخدم لعقد مزاداته الأسبوعية لبيع العملات الأجنبية، علمًا أن الدفعة الثانية هي جزء من وحدات حقوق السحب الخاصة لليمن بقيمة 665 مليون دولار أمريكي.

ومؤخرا دعا البنك المركزي اليمني في عدن والجهات الاقتصادية الموالية للحكومة إلى تبني سياسة تقوم على ترشيد تحويلات المعونات والمساعدات الخارجية لدعم احتياطي النقد الأجنبي وتوفيره لمستوردي السلع الأساسية. هذه السياسة سترفد الاقتصاد بشكل عام وستدعم استقرار أسعار المواد الغذائية على وجه التحديد، باعتبارها محركًا رئيسيًا لانعدام الأمن الغذائي. إلا أن الجهات الفاعلة بمجال الإغاثة ترددت في التعامل مع هكذا مقترحات خوفًا من تسييس التدخلات الإغاثية. 

رغم هذه المحاولات، يظل البنك المركزي في عدن عاجزًا عن تنظيم المؤسسات المالية اليمنية للاستفادة من الأموال المخصصة للمساعدات من أجل تمويل الواردات ودعم استقرار سعر صرف العملة المحلية. 

ويؤكد الخبير الاقتصادي- رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر أن الدعم الدولي متعدد ويأخذ أشكالا مختلفة، وحدات السحب الخاصة  التابعة لصندوق النقد الدولي (SDR)، للأسف استنفدت، واستخدمها البنك المركزي في عملية تحقيق توازن لأسعار الصرف وإجراء المزادات العلنية خلال الفترة الماضية. ومعظم المنح والودائع الأخيرة المقدمة من السعودية والإمارات استخدمت لأجل تغطية نفقات الحكومة. 

وأضاف إن هناك تمويلات أخرى تمر عبر وكالات الأمم المتحدة، وهذه مسارها مختلف تحت مسمى خطة الاستجابة الإنسانية، حيث يتم تسليم هذه الوكالات المبالغ التي تقوم هي بتسييرها وفق خططها. 

وحول طريقة الاستفادة من الودائع، قال نصر لـ"نيوزيمن": إن البنك عمل على إجراء المزادات العلنية لبيع الدولار الأميركي من أجل السيطرة على أسعار الصرف وإيقاف الانهيار، إلا أنه للأسف تواجد سوق نقدية موازية متمثلة في شركات الصرافة غير المنظمة التي أصبح لها اليد الطولى في التلاعب بأسعار الصرف. وأكد أن المزادات هي واحدة من أدوات السياسة النقدية، ولكن في استمرار الخلل في السياسة المالية تفقد قيمتها، وهذا يتطلب من الحكومة وقيادة البنك أن تكون هناك عملية تكاملية في السياسة النقدية لتحقيق استقرار العملة. 

ولفت إلى أن المزادات واحدة من الإجراءات، فهناك إجراءات أخرى، منها تحسين الإيرادات الحكومية وتعزيز مصادر النقد الأجنبي وضبط السوق الموازية، وتحقيق الكفاءة الذاتية لإدارة موارد الدولة.

وحول الإصلاحات قال مصطفى: إن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي، وإرادة سياسية من داخل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، بدءا من ممارسة المهام من الداخل وكذا تفعيل المؤسسات الإيرادية وإجراء إصلاحات حقيقية سيحدث تحسن في الوضع الاقتصادي الذي يعيش تراجعا كبيرا في الإيرادات والنقد الأجنبي بعد توقف صادرات النفط والعائدات الضريبية والجمركية.

إيرادات مهملة

التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني كبيرة، وتتسع يوماً بعد آخر، خصوصا مع توقف صادرات النفط في اليمن منذ أكتوبر 2022، عقب هجمات شنتها الميليشيات الحوثي على عدد من الموانئ النفطية في محافظتي حضرموت وشبوة. بالرغم من أن تلك الهجمات فاقمت الأوضاع وتسببت بتداعيات اقتصادية كبيرة على المناطق المحررة، إلا أن هناك إيرادات رئيسية أخرى تمثل دخلاً للبلد وبالعملة الصعبة في مقدمتها الإيرادات الضريبية والجمركية التي تعد مصدرا هاماً للإيرادات الوطنية، وتشكل حوالي 30% من إيرادات الحكومة في عام 2022، مقارنة بـ58% لحصة إيرادات النفط والغاز.

ووفقاً للتقارير الاقتصادية يعد معدل تحصيل الضرائب في اليمن من بين الأدنى على مستوى العالم، نتيجة ضعف الامتثال للقوانين الضريبية حتى منذ ما قبل اندلاع الصراع، كما أن الفساد وسوء الإدارة أدى إلى خسارة حوالي 4.7 مليارات دولار أمريكي بصورة ضرائب غير محصلة.

وفقا للبنك المركزي اليمني في عدن (المُدار من قبل الحكومة)، ارتفعت الإيرادات الضريبية والجمركية بنسبة 36% خلال الفترة 2021-2022، لتصل إلى 790 مليار ريال يمني، (حوالي 700 مليون دولار أمريكي) وهو ما شكّل حصة 41% من إجمالي الإيرادات العامة. ولكن فقدت الخزينة العامة هذه الإيرادات مع قرارات الحكومة اليمنية برفع سعر صرف الدولار الجمركي للبضائع المستوردة بنسبة 50 في المائة، وتُظهر البيانات الصادرة عن مبادرة تتبع الأداء الاقتصادي لليمن (التابعة لمشروع قدرات التقييم -ACAPS) تراجعا كبيرا في حجم الواردات المتدفقة عبر ميناء عدن من 47.8% إلى 22.7% (من إجمالي واردات اليمن).

وبحسب ورقة اقتصادية نشرها الباحث نيد والي، في موقع مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية نهاية العام الماضي 2023، إن عملية تحصيل الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب عقب الحرب، أظهرت أوجها عدة من الفساد واستشرائه في المكاتب الحكومية المُدرجة تحت الهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب التابعة للحكومة، الأمر الذي يشجع دافعي الضرائب على عدم الامتثال بالقوانين ويحرم الحكومة من مصدر إيرادات كبير. موضحة أن هناك أيضاً تسرّبا ماليا كبيرا في آلية تحصيل الرسوم الجمركية، حيث يتم تحصيل 30 إلى 40% فقط من الرسوم الجمركية المستحقة للحكومة، في حين يتم نهب الجزء المتبقي نتيجة ممارسات الفساد والافتقار إلى آليات لرصد عملية تحصيل الرسوم الجمركية وكذلك إلى الكوادر المؤهلة بشكل كاف في مراكز التخليص الجمركي.

وقال الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي ماجد الداعري إنه يجب تحسين موارد الدولة التي لا تزال بحكم المعطلة حتى اللحظة، وتذهب لنافذين وتجار وأمراء الحرب؛ مجددا التأكيد أن الودائع ليست الحل للمرحلة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد خصوصا مع وجود التلاعب والفساد. 

ويتفق الخبير الاقتصادي- رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر أن الحكومة دخلت في مأزق آخر عقب استهداف منشآت النفط والغاز وإيقاف التصدير، وفتح ميناء الحديدة وإجبار التجار في مناطق سيطرتهم على الاستيراد عبر هذا الميناء. الأمر الذي تسبب في تراجع عائدات الحكومة فيما يخص الضرائب والجمارك إلى نسبة وصلت إلى نحو 80 %. 

وأشار مصطفى لـ"نيوزيمن" إلى أن الحكومة وصلت إلى درجة الإفلاس وعدم القدرة على تسليم مرتبات الموظفين، لولا الدعم المقدم من المملكة العربية السعودية تحت مسمى المنح المتعددة.

وحول المنح والمبالغ المالية التي يجري الإعلان عنها من صناديق ووكالات إغاثة ودول مانحة، يقول الداعري إن معظمها تذهب لصالح منظمات عاملة في اليمن وتحديدا لحساباتها البنكية في صنعاء، كون المقرات الرئيسية لا تزال هناك، وجزء من هذه المبالغ تستقطع كنفقات تشغيلية، قبل أن يتم ضخ جزء بسيط من المبالغ لصالح مؤسسات وجهات محلية لتنفيذ تدخلات ومشاريع خاصة.

فساد خفي 

ورغم محاولات احتواء الأزمة اليمنية من خلال تشكيل مجلس الرئاسة وإبرام هدنة أممية مع الميليشيات الحوثية في ذات الشهر، إلا أن ذلك لم يكبح جماح التدهور المستمر للعملة اليمنية، وانعكاساته القاسية على الوضع المعيشي لغالبية اليمنيين. هذا الأمر دفع بالقائمين على دفع الوديعة السعودية والإماراتية إلى ربط تسليمها بصندوق النقد العربي؛ خشية تكرار استنزاف الأموال التي ستقدم وعدم الاستفادة منها كسابقتها (2 مليار دولار قدمتها السعودية كوديعة في العام 2018). وتم وضع اشتراطات كبيرة من أجل إصلاح الجانب الاقتصادي والمالي والنقدي في الحكومة اليمنية تمهيداً لتسليم منحة المليار دولار التي جرى الإعلان عنها بالشراكة بين الحكومتين السعودية والإماراتية.

ووفقاً لإعلان المسؤولين الحكوميين في اليمن، إن برنامج الإصلاح الذي يقوم به صندوق النقد العربي يغطي الفترة (2022-2025)، ويهدف إلى إرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في اليمن، وتعزيز وضعية المالية العامة والموقف الخارجي للدولة. 

تشديد الجانب السعودي على ربط الوديعة بصندوق النقد العربي جاء في ظل اتهامات سابقة بممارسات فساد مالي وسوء الإدارة في استغلال المنح المالية المقدمة من الخارج. وبرزت هذه الاتهامات للحكومة اليمنية بشكل واضح في تقرير لفريق الخبراء الأممي التابع لمجلس الأمن الدولي في العام 2021، الذي اتهم بشكل واضح للبنك المركزي بسوء إدارة الوديعة السعودية المقدمة عام 2018 لتمويل واردات السلع الغذائية الأساسية بقيمة ملياري دولار أمريكي، وعلى الرغم من سحب الأمم المتحدة هذه الاتهامات ضد البنك في عدن والمستوردين اليمنيين، تظل مسألة انعدام الشفافية بيئة مواتية للاختلاس وسوء إدارة الأموال.

بحسب الخبير الاقتصادي- رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، خلال تقديم الودائع والمنح الأخيرة، تم وضع الكثير من الاشتراطات من قبل الجهات المانحة على الحكومة اليمنية. وهذه الاشتراطات تخص في الإصلاحات النقدية والمالية وأيضا الإدارية. إلا أن هناك إجراءات أخرى في جانب الإصلاحات المؤسسية والإدارية من قبل الحكومة لم تنفذ. بينها صرف مرتبات الموظفين في الجانب المدني والعسكري عبر حسابات بنكية وهو ما لم -للأسف- ينفذ كاملاً.

ديون متراكمة

ويؤكد البنك الدولي أن الاقتصاد اليمني يشهد انكماشاً هائلا منذ اندلاع الحرب في 2015 وحتى العام 2023، بنسبة تجاوزت 50% في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي. ما ترك ثلثي السكان أي حوالي 21.6 مليون يمني في حاجة إلى مساعدات إنسانية.

في تقريره الأخير عن الديون الدولية 2023، كشف البنك الدولي أن مجموع أرصدة الدين الخارجي لليمن بلغ بنهاية عام 2022 حوالي 7.351 مليارات دولار أهمها ديون خارجية طويلة وقصيرة الأجل واستخدام مخصّصات ائتمان صندوق النقد الدولي وحقوق السحب الخاصة وديون القطاع العام المضمون من قبل الحكومة والقطاع الخاص المضمون من القطاع العام.

وأوضح التقرير أن الدين الخارجي لليمن ارتفع تدريجيا منذ العام 2010 من 6.504 مليارات دولار  إلى 7.037 مليارات دولار عام 2018 ثم إلى 7.055 مليارات دولار عام 2019. وفي عام 2020 سجّل الدين الخارجي لليمن 7.121 مليارات دولار ليرتفع إلى 7.602 مليارات دولار عام 2021.

من جانبه لم يعلن البنك المركزي في عدن أي أرقام أو إحصائيات حول الدين العام الخارجي لليمن واكتفى فقط في تقريره السنوي لعام 2022 بذكر الرصيد القائم لمديونية هيئة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، إذ سجّل الرصيد القائم لها في نهاية العام 1.327.4 مليار دولار.

بالنظر إلى المستقبل، فلا تزال آفاق البلاد يشوبها عدم اليقين بسبب القيود المفروضة على تصدير النفط والمفاوضات السياسية الجارية وأي هدنة دائمة أو اتفاق سلام يمكن أن يعزّز الاقتصاد اليمني بسرعة. وعلى المدى الأطول يتوقّف تحقيق الرخاء في اليمن على حل النزاعات السياسية التي مزّقت اقتصاده، وسيكون التوصّل إلى تسوية سلمية وعادلة تعالج العوائق الاقتصادية المرتبطة بالصراع والقضايا الهيكلية أمراً بالغ الأهمية من أجل تحقيق التعافي والاستقرار الدائم في اليمن.