فجّر الباحث السياسي المختص بالشأن الإيراني، محمد علي الحسيني، تصريحًا لافتًا نفى فيه ما يُشاع عن تخلي إيران عن دعم جماعة الحوثيين في اليمن، مؤكدًا أن "العكس هو الصحيح"، وأن طهران باتت في هذه المرحلة الحساسة أكثر احتياجًا للحوثيين كذراع ميدانية لتحقيق أجنداتها الإقليمية.
وفي تحليله لتطورات المشهد، أشار الحسيني إلى أن الدعم الإيراني للحوثيين مرشح للتصاعد، وليس التراجع، مؤكدًا أن التحديات التي تواجهها إيران على أكثر من جبهة تدفعها للاعتماد أكثر على أدواتها الإقليمية، وفي مقدمتها الحوثيون.
وأضاف الحسيني أن جماعة الحوثيين لم تعد مجرد ورقة في يد طهران، بل تحولت إلى أداة متعددة المهام تُدار من قبل أكثر من جهة إيرانية لتحقيق أهداف متداخلة. هذا التنوع في المهام - حسب قوله - يمنح الجماعة قابلية للبقاء، حتى في ظل الضغوط العسكرية والسياسية.
وحذّر من أن استمرارية الحوثيين مرتبطة بما وصفه بـ"الأوكسجين الأمريكي"، في إشارة لما يعتبره دعماً غير مباشر توفره السياسات الغربية، والتي تمنح الحوثيين هامشاً للبقاء والتحرك، قائلاً: "سيُسمح للحوثي القيام بعدة أدوار مع تزويده بالأوكسجين الأمريكي حتى يبقى ويستمر".
الحسيني شدد على أن العلاقة بين إيران والحوثيين ليست تكتيكية أو عابرة، بل شراكة استراتيجية عميقة تهدف إلى ترسيخ النفوذ الإيراني في قلب الجزيرة العربية. وفي المقابل، يُمنح الحوثيون الدعم الكامل الذي يعزز قبضتهم في اليمن ويضمن استمرارهم في خريطة النفوذ الإقليمي.
وتأتي تصريحات الحسيني في توقيت بالغ الحساسية، إذ تتصاعد التوترات في اليمن بالتزامن مع تحركات دولية لإنهاء الصراع. لكن استمرار إيران في استخدام الحوثيين كورقة ضغط، بحسب مراقبين، يعمّق الأزمة ويُبقي المنطقة في دائرة اللا استقرار.
كما يثير الحديث عن الأدوار الأمريكية "الرمادية" تجاه الحوثيين علامات استفهام حول مدى جدية القوى الكبرى في إنهاء الصراع اليمني، أو ما إذا كانت تستخدم الملف اليمني ضمن تفاهمات إقليمية أوسع.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحوثيين باقون في قلب لعبة النفوذ الإقليمية، وأن معركتهم لم تعد يمنية فقط، بل امتدت لتصبح عنوانًا لصراع أكبر بين القوى الدولية والإقليمية.