في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات الميدانية مع استمرار الانسداد السياسي، شرعت السلطة الشرعية في اليمن، بترتيب صفها من خلال مجموعة من القرارات والتعيينات غير المعلنة رسمياً في مناصب مدنية وعسكرية، وأبرزها ملف التعيينات الدبلوماسية لسفراء اليمن في العديد من البلدان، وهو الملف الذي حسمه الرئيس، عبدربه منصور هادي، بعدما ظل عالقاً لسنوات. وشهدت العاصمة السعودية الرياض، أمس الإثنين، تطوراً حسم التسريبات حول التعيينات الدبلوماسية، إذ أدى تسعة من السفراء المعيّنين، أخيراً، بقرارات غير معلنة، اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي. وكانت أسماؤهم قد وردت ضمن قائمة تضم تعيين 25 سفيراً عُينوا بقرار غير معلن في عواصم عربية وأجنبية، وبعضهم من السياسيين والمسؤولين السابقين.
وجاء على رأس قائمة السفراء الجدد، يحيى محمد الشعيبي، سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية. شغل في السابق العديد من المناصب الوزارية، منها منصب وزير للتعليم العالي في حكومة الوفاق 2014، وقبل ذلك كان وزيراً للدولة أميناً للعاصمة صنعاء، ومحافظاً لعدن، والعديد من المناصب الأخرى. وعُين رياض ياسين عبدالله، سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى جمهورية فرنسا، وهو من الشخصيات المقربة من الرئيس هادي. كان وزيراً للصحة في حكومة خالد بحاح أواخر العام 2014، ثم وزيراً للخارجية ابتداءً من مارس/آذار2015 حتى أواخر العام نفسه.
وشملت التعيينات علي أحمد العمراني سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى الأردن، وهو برلماني عن حزب المؤتمر، استقال عام 2011 وأيد الثورة. شغل منصب وزير للإعلام في حكومة الوفاق الوطني، التي تألفت بالمناصفة بين قوى الثورة وحزب المؤتمر، الذي يتزعمه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح. ومن أبرز التعيينات أيضاً، محمد طه مصطفى، سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي، وهو من الأسماء المعروفة في وزارة الخارجية. شغل في السابق سفيراً لليمن في لندن، كما شغل مستشاراً في سفارة اليمن في واشنطن، وهو شقيق مستشار الرئيس الإعلامي نصر طه مصطفى.
ومن ضمن التعيينات التي جرى الكشف عنها، سمير محمد خميس سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى اليابان، وعبد الله فضل السعدي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى تركيا، وعبدالناصر حسين باحبيب سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى جمهورية تونس، وعبدالله مسلم السقطري سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى جمهورية جيبوتي، وعبد الله علي مقبل السرِّي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدى جمهورية أرتيريا. وقسم من هؤلاء هم من كوادر وزارة الخارجية، وكانوا بمثابة قائمين بأعمال السفراء قبل أن يتم تعيينهم رسمياً.
ويعد السفراء التسعة، الذين جرى تأكيد تعيينهم رسمياً، قسماً من قائمة تضم تعيين 25 سفيراً بحسب وثيقة مسربة في وقت سابق، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها. ومن أبرز الأسماء المشمولة فيها، تعيين محمد عثمان المخلافي، سفيراً لليمن لدى الصين، وهو من كوادر الخارجية، ومن أقارب وزير الخارجية عبد الملك المخلافي. وتتضمن تعيين مروان نعمان سفيراً لليمن لدى روسيا، وهو دبلوماسي من وزارة الخارجية، شغل سفيراً في أكثر من دولة في السابق، وجمال عبد الله السلال سفيراً لليمن في كندا، وهو وزير الخارجية الأسبق، وشغل سفيراً في أكثر من دولة سابقاً.
وتشمل التعيينات عادل باحميدان سفير اليمن في ماليزيا، وسحر غانم سفيرة اليمن في هولندا، وأحمد الوحيشي في قطر، وعمر المداوي سفيراً في السودان، ومحمد اليزيدي في الجزائر، وعبد الله فضل في تركيا، ومحمد ناشر في كوبا، ومحمد العشبي في باكستان، وعبد الله الدعيس في لبنان، فيما صدرت قرارات معلنة، سابقاً، بتعيين علي حسن الأحمدي سفيراً في البحرين، وهو رئيس جهاز الأمن القومي السابق، وأحد المقربين من الرئيس هادي. كما عُين في وقت سابق، رياض الكعبري ممثلاً لليمن في الجامعة العربية.
وبالنظر إلى هذه التعيينات وما سبقها في أهم العواصم من قبل الرئيس هادي، يكون ملف تعيينات السفراء والدبلوماسيين قد حُسم تقريباً، بعدما ظل عالقاً لسنوات. وكان لافتاً أن الرئيس هادي احتفظ بتعيينات لمقربين منه في أبرز العواصم. ففي حين يعد سفير اليمن في واشنطن، أحمد عوض بن مبارك، من الشخصيات المقربة جداً من هادي، يأتي تعيين رياض ياسين في باريس، وقبل ذلك ياسين سعيد نعمان في لندن، لترتب بذلك الشرعية أوضاعها دبلوماسياً في أغلب العواصم.
من زاوية أخرى، تأتي التعيينات ضمن سلسلة قرارات غير معلنة، صدرت، أخيراً، ترتب أوضاع السلطة المحلية، ومنها، تعيين القيادي القبلي والميداني في "المقاومة الشعبية"، أحد قيادات حزب الإصلاح، أمين العكيمي، محافظاً لمحافظة الجوف.
وعُين القيادي في حزب الإصلاح، أحد الشخصيات القبلية، هادي طرشان، محافظاً لمحافظة صعدة، معقل الحوثيين. كما صدرت سلسلة تعيينات غير معلنة تتضمن وكلاء للمحافظات وللوزارات، وبعضها أثارت انتقادات لأسباب عدة، أبرزها العبء الذي تضيفه تلك التعيينات على الدولة المختطفة أصلاً، والتي يسيطر الانقلابيون على أبرز مؤسساتها في صنعاء.
وعلى الرغم من الانتقادات، تُظهر التعيينات المختلفة، والدبلوماسية على وجه التحديد، أن الشرعية ترتب صفّها وتوزع رجالها في مواقع مسؤولية مختلفة.
كما صدرت قرارات للمّ أكبر عدد من شرائح المجتمع في السلطة العليا، إذ عين الرئيس هادي ثلاثة من وجهاء القبائل في هيئته الاستشارية، وهم الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر، أحد أبرز زعامات حلف قبائل حاشد، المعروفة بالنفوذ السياسي شمالاً، والشيخ محمد بن ناجي الشايف، أحد زعماء قبائل بكيل، المؤثرة أيضاً، والشيخ عوض العولقي، أحد شيوخ قبائل العوالق في محافظة شبوة، جنوب البلاد.