آخر تحديث :الخميس-03 أكتوبر 2024-12:54ص

بين البازار والسجاد

الخميس - 03 أكتوبر 2024 - الساعة 12:32 ص

مصطفى ناجي
بقلم: مصطفى ناجي
- ارشيف الكاتب


هذا المهاد الطويل
ليس له من الفرح إلا دخان
وليس له من الفوز إلا اضواء مسروقة
رقصة الديك الذبيح

ليس هذا ما يهم حقاً. يشغل بالي تصور اختزالي ورائج للذهنية الإيرانية او كما يقول لها البعض الفارسية وهذي او تلك توهمات وتعميمات .

يرى البعض ان عبقرية الذهنية الإيرانية - ويسقطون الأمر بالصبر الاستراتيجي المدعى من نظام ملالي طهران - نجمت عن فن صناعة السجاد وان الهندسة الزخرفية هي قدرة تخيلية وان مدة صناعة السجاد الطويلة هي مصدر الصبر والتخطيط الاستراتيجي .

هذا موضوع مثير لسببين على الاقل : الاول هو كيف تطور فن صناعة السجاد الايراني وعلى يد اي شريحة اجتماعية وفي اي نسق معيشي؟ والثاني اين تقع شريح صنائعية السجاد في التقسيم الطبقي الاجتماعي في المجتمع الايراني لنعرف ما إذا كانت على صلة بتشكيل ذهنية صنع القرار؟
لكن سؤالا اكثرا الحاحا من هاذين السابقين هو هل تتفرد ايران بصناعة السجاد ؟
لنبدأ من آخر ما وقفنا عنده.

تاريخيا لا. لا تتفرد ايران ولا الحضارة الفارسية تاريخيا بصناعة السجاد. اذ عُرفت هذه الحرفة في مجتمعات كثيرة من سيبيريا إلى اطلس المغرب وبالطبع مرورا بالجزيرة العربية ومصر. وهناك من انواع السجاد يعد يدويا في الجزيرة العربية من شمالها وصولا إلى جزيرة سقطرى اليمنية.

ازدهار صناعة السجاد في ايران يعود إلى العهد الصفوي وللمغول دور في الأمر.

والمدهش ان صناعة السجاد لم تأتِ من الحواضر الكبيرة في ايران بل هي قادمة من المنطقة الفاصلة بين السهوب على جبال زاغروس والامتداد الصحرواي شرقا وتطورت على يد جماعة بدوية متنقلة. بمعنى آخر ان صناعة السجاد ولدت من رحم الذهنية البدوية وليس الذهنية المستقرة .
الأمر بديهي لان السجاد يعتمد اساساً على صوف الأغنام وهذا النطاق الجغرافي هو نطاق رعي.

كما ان للمهارات والمعارف الزخرفية الأرمنية والاذرية دور كبيرة في تغذية هذا الفن الذي اشتغل عليه ايضا اليهود الإيرانيون.

سيما والصنائع الحرفية رغم أهميتها العملية وقيمتها الجمالية ظلت منوطة إلى شرائح اجتماعية لا تملك القوة والجاه وتعيش في وضع اجتماعي ادنى.

الجاه والقوة في المجتمع الايراني -كمعظم المجتمعات لصيق بالملكية والمعارف وبالمكانة الاجتماعية المتوارثة. يمكنك ان تكون ثريا في ايران لكن هذا لا يعني انك صاحب جاه وسلطة داخل المجتمع. لذا يتربع كبار ملاك الأراضي وكبار موظفي الدولة والاختصاصيين ورجال الدين مرتبة اعلى ولا يشتغلون باعمال حرفية محتقرة في الغالب.

تشكل صناعة السجاد اليدوية مصدرا مهما في الاقتصاد الإيراني ويشتعل فيها اكثر من مليوني شخص . لكنهم على اتصال بالتجار البازارايين. وهولاء لهم مكانة خاصة في المجتمع الإيراني إذا يتموضعون بين الطبقة الوسطى والوسطى العليا داخل المجتمع وهم مدينيون وعلى احتكاك بصناع القرار ورجال الدولة ويؤثرون في السياسات الداخلية داخل الحواضر. دون إغفال حدوث تغييرات هيكلية كبيرة في البناء الاجتماعي الإيراني منذ قرابة قرن نتيجة سياسة التحديث التي شرع فيها بهلوي وأثرها على البازارايين وتداعيات الثورة الإسلامية في قلب او تغيير هرم السلطة والقوة داخل المجتمع.
ربما لذهنية البازار اثر اكبر في صياغة الذهنية العامة الايرانية، عقلية التاجر. وللصديق ايمن نبيل مقال شائق هو هذا الأمر نشره موخراً.
وعليه يمكن قياس السلوك الإيراني سياسيا في هذه المرحلة.
ما يمكن الخروج به من هذا النقاش العاجل هو انه لا علاقة بين صناعة النسيج او السجاد والعقلية السياسية للنظام الايراني حاليا التي هي أقرب إلى ذهنية تاجر البازار.

من صفحة الكاتب مصطفى ناجي على موقع إكس