آخر تحديث :الأربعاء-16 أبريل 2025-02:03ص

التنين رمز التسوية الاجتماعية والثقافية والدينية

الثلاثاء - 15 أبريل 2025 - الساعة 02:05 ص

د. قاسم المحبشي
بقلم: د. قاسم المحبشي
- ارشيف الكاتب


التنين الصينيّ كائن مختلق، ليس له وجود فعلي في الواقع الأرضي مثله مثل طائر الفينيق، أو العنقاء. يعود تاريخ ولادة التنين إلى أكثر من خمسة آلاف سنة كما تقول الحكاية حين كانت الصين مجموعة قبائل متناحرة، ولكلّ قبيلة طوطمها الخاص بها، إلى أن جاء الإمبراطور الأصفر “خْوَانْغْ تي” الذي لم يرض عن التناحر بين القبائل الصفراء الذي يستنزف طاقاتها فقام بتوحيدها تحت رايته، ولم يكن يريد أن يظهر تفوق قبيلته على القبائل الأخرى فما كان منه إلا أن أنجب من مخيلته الراغبة في توحيد أشتات القبائل الصينية هذا الكائن الخرافي الذي لا يثير ضغينة أحد. نحت الإمبراطور من طواطم القبائل الواقعة تحت سلطانه الطوطم الجديد الذي ترى فيه كلّ قبيلة عضواً من أعضاء طوطمها الغابر. كان التنين بمثابة تسوية ذكيّة تاريخية وسياسية ودينية، يقوم بوظيفة الخيط الذي ينتظم حبات السبحة. أخذ مكوناته من طواطم البر والبحر والجو. كائن هجين وفعّال -لأنّه امتصّ نقمة المهزومين من خلال إشراكهم في تلقيح الرمز- مركّب من كائنات مختلفة، فرأسه رأس جمل أمّا قرونه فقرون الأيائل، وأذناه أذنا ثور، جسمه جسم أفعى أما جلده فمن حراشف السمك وكذلك ذيله، قوائمه قوائم نمر أمّا مخالبه فمخالب نسر وكلّ أسرة صينية تحلم بأن يكون مصير ولدها كمصير التنين أو ألـ ” لونغ ” أي أن يكون مستقبله زاهراً قادراً بفكره الليّن وجسده المرن على تدجين الصعاب أياً كان مصدرها وقد تعاشقت التيارات الفكرية والمعتقدات الدينية الصينية في مزيج ثقافي واحد يحمل هوية الصين ومشتركها الثقافي شديد التنوع والخصوبه في رمزية التنين الصيني العظيم الذي يرمز إلى الطريق والتنوع والتكيف والمرونة والولادة والطموح والتجديد والفضيلة والتسامح والمحبة والإيثار والاحترام الشامل غير المتحيز، والاهتمام بجميع الناس بغض النظر عن العلاقات أو الانتماءات، والتركيز على فضائل التقشف والسلوك النافع.الخ