يقولون عنه أنه مسؤول قطاع مهم في الجيش، ونزيه ومحترم وعابد وزاهد وناسك وملاك وصاحب أخلاق سامية، ولا يسرق أبدا "وهو كذلك بحق وحقيقة ولا أحد يختلف عليه".
لكن من تحته في الإدارات سرق ونصابين نزلوا مأرب بالترنكات وشنط الكريستال، وأصبح اليوم لديهم عقارات وسيارات واستثمارات ووإلخ.
كيف تريدون من الناس أن يفهموا عندما يقال مثل هذا الكلام؟
الفهم الأول: أن هذا المسؤول نزيه وزاهد ونظيف اليد وعفيف اللسان، لكنه فاشل وضعيف شخصية ولا يصلح للمسؤولية، فهو يسمح لمن تحته بالنهب والعبث والإثراء غير المشروع بهذا الشكل المروع.
والحقيقة أن أبطال الجيش، والجيش نفسه، لا يريد مسؤولا كهذا؟!
تدينه الشخصي وصلاته وأخلاقه العالية ونزاهته الفردية، إن لم تمنع الفساد المفزع في دائرة مسؤوليته فما حاجة الناس إليها.
ستتحول إلى غطاء مخادع يستغله من هم تحته من اللصوص، ويكون سلبية وليس إيجابية في مقام كهذا.
الناس يريدون منك إيقاف الفساد والعبث وتطهير مؤسستك منه، وإن لم تستطع فعليك تقديم استقالتك ككل القادة الشرفاء في العالم، والخروج مع الأحرار لمحاربة الفساد وعدم الصمت والسكوت عنه.
ما يفعل لي نزاهتك وزهدك الفردي، وأنت ساكت على كل هذا الفساد المهول في مؤسستك.
لنفترض أن المسؤولية المباشرة ليست عليك، وأن غيرك هو المسؤول، وأنك مساعد للمسؤول، هنا سنقول لك: لماذا تصمت على هذا الفساد؟
أليس الصمت عار وخيانة؟
أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟!
أسر الشهداء والجرحى وأبطال الجيش في وضع مأساوي وأنت صامت؟!
تحدث، تحرك، واجه هذا الفساد بالكلمة والاعتراض ووالخ.
الثاني:
أن هذا المسؤول الطيب والصديق المقرب لي جدا، ليس مسؤول فعلي، بل كوز مركوز، وهناك من يدير المؤسسة من الباطن "من النظام الخاص" ولذلك فإن مدراء الإدارات تحته ينهبوا ويسرقوا على راحتهم، من دون أن يخافوا منه.
وأنه مثل البقية في النظام الخاص "الجهاز العسكري لجماعة الإخوان المسلمين-اليمن" يسمع ويطيع طاعة عمياء، مع بقاء تدينه ونزاهته وأخلاقه الشخصية العالية "الفردية".
وهنا أيضا سنكرر: ما يفعل لنا نزاهتك وتعبدك وتقشفك وزهدك "الفردي" وأنت تسمع وتطيع لمنظومة فاسدة، ولا تسعى لتصحيح الأوضاع المختلة داخلها؟!
أستغرب من هذا المسؤول والصديق المقرب والطيب والعابد والناسك، حين يكمل الصلاة في جماعة، ثم تجلس معه في بيت الله، لتحدثه عن رؤوس الفساد والعبث والجرائم والمخازي التي رآها ولمسها الجميع في مأرب، فيدافع دفاع شرس عن هؤلاء الفاسدين وكأنهم أولياء الله، وكأنه لا يعرف الخوف من الله.
تحدثه وهو مسؤول أيضا عن لجنة بشأن المعتقلات، فيدافع دفاع مستميت عن السجانين والخاطفين، بل ويتبنى كلامهم وأكاذيبهم.
هو طيب فعلا، ومحترم جدا، وعابد وزاهد وناسك وطائر مسجد، وأنزه شخص بمجمع مأرب، وهذا حقيقي وواقعي، لكن حين يأتي توجيه من النظام الخاص لجماعة الإخوان فإنه ينفذ التوجيه مهما كان، قل كذا، فيقول كذا..اصمت فيصمت!!
حينها تقول سبحان الله، ما أغرب وأعجب الإنسان..وما أكثر تناقضاته.
لهذا المسؤول الطيب، صديقي المقرب جدا منذ أكثر من عشرين عام نقول بكل حب: ما هكذا تورد الإبل.
وما هكذا يكون التدين.
وما هكذا تكون النزاهة والمسؤولية.
وما هكذا يعبد الله.
مع خالص حبي ووافر احترامي ومنتهى تقديري لشخصه الكريم ومعدنه الأصيل.