يعيش الاقتصاد اليمني أزمة كبيرة في ظل ارتفاع شدة الاحتياجات الإنسانية ومعدلات البطالة والفقر الذي يعيشه أكثر من 80% من السكان.
تقرير حديث صادر عن المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سلط الضوء على الوضع الاقتصادي الذي تعيشه اليمن اليوم في ظل استمرار الأزمة والحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي في البلد ورفضها المتكرر لكل الحلول السلمية للجنوح للسلام.
التقرير كشف أن هناك 96907 أسر نازحة داخلياً ومجتمعات مضيفة (588835 فرداً) تم تقييمها حتى الآن في عام 2024، أفاد ما يقرب من 50% أنهم يكسبون 25 ألف ريال يمني (50 دولاراً) أو أقل شهرياً، بينما أفاد 35% بعدم وجود دخل على الإطلاق.
وأشارت إلى أن هذا يجبر بعض الأسر على الاعتماد على آليات مواجهة ضارة، مثل تخطّي الوجبات، وإخراج الأطفال من المدرسة للعمل، والتسوّل، وتعريض النساء والأطفال لأشكال أخرى من الاستغلال والإساءة، بما في ذلك الزواج المبكّر.
وترك الصراع المستمر والانهيار المرتبط به للبنية التحتية والخدمات الأساسية، فضلاً عن التوافر المحدود للمساعدات الإنسانية، العديد من الأفراد والأسر النازحة يعيشون في ظروف دون المستوى. وتساهم مرافق المياه والصرف الصحي غير الكافية في تفشّي الكوليرا بشكل متكرّر ما يؤدّي إلى سوء التغذية.
ومنذ فبراير 2024 تصاعدت التوتّرات القائمة مسبقاً في القطاع المصرفي في اليمن، في أعقاب سلسلة من القرارات التي اتخذها البنكان المركزيان في عدن وصنعاء والتي قيّدت المعاملات التي تشمل البنوك التي تقع مقارها خارج مناطق سيطرتهما.
وفي الممارسة العملية، يعني هذا أنه لم يعد من الممكن تحويل الأموال بين البنوك في شمال وجنوب البلاد. وعلى الرغم من أن البنوك نجحت منذ ذلك الحين في تهدئة الموقف، إلا أن الوضع الاقتصادي الكلي لا يزال صعباً للغاية، مع نقص العملة الصعبة، والعقبات أمام صرف العملات، والانخفاض السريع في قيمة الريال اليمني.
وفرضت هذه التطورات ضغوطًا إضافية على الأسر النازحة، وأثّرت على تنفيذ الأنشطة الإنسانية والحماية، مع توقّف بعض الأنشطة تماماً، ما أدّى إلى تفاقم مخاطر الحماية القائمة.
وأشار التقرير إلى أن الوصول الإنساني لا يزال يشكّل مصدر قلق كبير في اليمن. وتستمر العوائق البيروقراطية، إلى جانب انعدام الأمن العام، والتهديد الذي تشكّله مخلّفات الحرب المتفجّرة، واعتقال واحتجاز العاملين في مجال الإغاثة، في إعاقة تقديم الأنشطة الإنسانية والحماية.
وتشكّل القيود المفروضة على حركة العاملات في مجال الإغاثة اليمنيات (وخاصةً في مناطق سيطرة الحوثيين) تحدياً خاصاً لتقديم أنشطة التوعية والدعم المناسبة ثقافياً، حيث يكون وجود الموظّفات أمراً ضرورياً.
ويجعل الوجود الواسع النطاق لمخلّفات الحرب المتفجّرة والألغام الأرضية في محافظات الحديدة وتعز ومأرب، اليمن واحدة من أكثر البلدان الملوّثة بالألغام في العالم.
ولفت التقرير إلى أن التغيّرات المناخية والتدهور البيئي والظواهر الجوية القاسية هي عوامل رئيسية تدفع إلى الحاجة والنزوح في اليمن، وتستمر هذه الظواهر في التفاقم من حيث الشدّة والتكرار سنة بعد سنة.
وجلب موسم الأمطار لعام 2024 فيضانات غير مسبوقة لجميع المحافظات، ما أثّر على 100 ألف أسرة، وأدّى إلى تفاقم الاحتياجات القائمة من المأوى والبنية الأساسية والحماية.
وفي الوقت نفسه، تعد اليمن من بين أسوأ أزمات المياه في العالم. ويشكّل ندرة المياه مصدر قلق متزايد، مع انخفاض مستويات المياه الجوفية بشكل مضطّرد. وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى تفاقم التوتّرات في البلاد، مع زيادة المنافسة على الوصول إلى إمدادات المياه المتناقصة.
وبعد عشر سنوات من الصراع، لا تزال اليمن تعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، والتي تتّسم بالصراع وتغيّر المناخ والانهيار الاقتصادي، فضلاً عن انهيار المؤسّسات والخدمات العامة.
ووفقاً لتقرير الاحتياجات الإنسانية لعام 2024، فإن أكثر من نصف السكان (ما يقدّر بنحو 18.2 مليون فرد) يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك 4.5 مليون نازح داخلياً وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا.
وخلص تقرير الأمم المتحدة إلى أنه بدلاً من التوصّل إلى حل سياسي طويل الأمد للأزمة المستمرة، تظل احتمالات تحقيق سلام دائم ضئيلة، في حين تستمر التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر في التأثير سلباً على الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي في اليمن.