نشرت مجلة أمريكية معنية النشاط التجاري البحري في العالم، تقريراً أوضحت فيه أن إيران وعلى مدى عقود من الزمن ظلت ترعى شبكة حلفاء في أنحاء متفرقة من الشرق الأوسط، إلا أنه هذه الشبكة التي أطلق عليها أسم "محور المقاومة" تتعرض لضغوط وتتراجع في كل مكان تقريباً.
وأوضحت مجلة Maritime Executive - وهي مجلة تجارية مقرها ولاية فلوريدا الأمريكية، وتعمل على تغطية صناعة النقل البحري العالمية- الحملة العسكرية التي تقوم بها ميليشيا الحوثي ضد الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن لا تظهر حتى اللحظة أي علامات على التراجع. ولم تنجح الضربات التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد الصواريخ المضادة للسفن والطائرات بدون طيار والبنية التحتية الداعمة في كبح جماح شدة الهجمات.
وتواصل شركات الشحن تحويل حركة المرور حول رأس الرجاء الصالح، كما أن العمليات البحرية التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر، على الرغم من فعاليتها عند وجودها، لم يكن لديها عدد كاف من السفن في البحر لتحييد التهديد. ويبدو أن هذه المعركة بالذات عالقة في طريق مسدود.
وأشار التقرير إلى أن دول المنطقة وبسبب رغبتها في عدم إثارة المشاعر الشعبية المؤيدة على نطاق واسع لحماس والقضية الفلسطينية، يلتزم الحكام في المنطقة الصمت ولم ينضموا صراحة إلى المحاولات الرامية إلى الحد من أنشطة الحوثيين في البحر.
ولكن الغضب يتصاعد داخل الحكومات إزاء التكاليف التي تفرضها حملة الحوثيين ضد الشحن البحري والتجاري. ففي الفترة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول، انخفضت صادرات النفط عبر البحر الأحمر بنسبة 50%، من متوسط 8.7 مليون برميل يوميا إلى 4.0 مليون برميل يوميا.
وفي سوق النفط الخام الضعيف، يتحمل المنتجون التكاليف الإضافية المترتبة على تحويل مسارهم حول رأس الرجاء الصالح. كما يتعين على التجارة العامة وحركة الحاويات من الخليج أن تسلك الطريق الأطول، الأمر الذي يؤدي إلى تضخم أسعار المستهلك. ولن يكون مفاجئا أن يفكر حكام الخليج في نشر جزء صغير من التكاليف الإضافية الكبيرة المفروضة عليهم، والتفكير فيما إذا كان من الأفضل إنفاق بعض هذه الأموال على محاولة متجددة لتهجير الحوثيين أو تحييدهم.
وكشف التقرير أن هناك نقاشات كثيرة حول كيفية المضي قدماً في حملة مناهضة الحوثيين وردع ما يقومون به في البحر الأحمر وخليج عدن، وهذا الأمر كان موضوعاً ساخناً في المؤتمرات رفيعة المستوى التي عقدت الأسبوع الماضي في كل من البحرين والدوحة. ومن بين الأفكار التي ناقشها الزعماء الإقليميون وخبراء الأمن الحاضرون إعادة تنشيط القوات التي يسيطر عليها طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي اغتيل على يد الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017.
وأضافت المجلة الأمركية أن قوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح - والتي تسيطر حاليًا على الساحل الجنوبي الغربي لليمن - هي التي انسحبت من الحديدة في عام 2022، ويضغط صالح الآن لاستعادتها. إن طرد الحوثيين من الحديدة من شأنه أن يخلف تأثيرًا كبيرًا على الحوثيين اقتصاديًا، وعلى العمليات الإنسانية التي تغطي المناطق الحوثية. ولكن لن يكون لذلك بالضرورة تأثير فوري على حملة الحوثيين المناهضة للشحن إذا استمر الحوثيون في السيطرة على الساحل اليمني إلى الشمال.
لقد سعت عُمان، جارة اليمن المستاءة إلى الشرق، دوماً إلى تشكيل حكومة موحدة مستقلة عن الداعمين الأجانب، وهي الخيمة التي يمكن للمجموعات المتنافسة أن تتصالح في إطارها مع بعضها البعض. والحل المتنافس هو تقسيم اليمن بشكل دائم بين ثلاث أو أربع فصائل، ولكل منها راع أجنبي مختلف. وليس من الواضح ما هو الحل الذي قد يقدم أفضل الحلول للسكان المدنيين الذين يعانون منذ فترة طويلة في اليمن، وللدول المجاورة التي تسعى إلى إرساء حدود مستقرة، وللشحن العالمي الذي يرغب في التسلل بسلام.