بأسلوب أقرب لـ"كلام الشارع"، هاجم عبدالإله بنكيران، زعيم إخوان المغرب، صحفياً، ما عرضه لسيل من الانتقادات.
هروباً من الأزمة الخانقة التي يعيشها التنظيم الإخواني في المغرب، اختار بنكيران كعادته اللجوء إلى أسلوب "التهريج والنكتة"، لحصد مُشاهدات لكلمته في أحد التجمعات التي نظمها تنظيم الإخوان.
وبدل الاعتذار للمغاربة عن السنوات العجاف التي قضاها المواطنون في ظل حكومة يقودها حزبه وما مررته من قرارات وقوانين مجحفة، اختار الرجل الاستهزاء بالمشهد السياسي قائلاً: "على الأقل كان المغاربة يضحكون".
وفي أعقاب ذلك، عاد ليهاجم مُنتقديه، سواء كانوا خصومه أو صحفيين يُؤدون واجبهم المهني، مقتبساً من "كلام الشارع".
وهاجم زعيم الإخوان، أحد الصحفيين الشباب، واصفاً إياه بـ"المأجور" و"البرهوش"، وهي كلمة دارجة في المغرب تعني "الكلب الهجين الذي لا يُعرف أصله"، وتستعمل في الشوارع للدلالة على الشخص الذي لم يحظ بالتربية الكافية من والديه، والشخص الذي لا يُعرف والداه.
ومضى الزعيم الإخواني تحت تصفيقات مريديه في الحديث عن المنبر الذي يعمل فيه هذا الصحفي، وممارسة الوصاية على الصحفيين بشكل عام، والسبب في ذلك أن الصحفي خالد الفاتيحي، رئيس تحرير موقع "العمق" المغربي، أجرى حواراً مع أحد قيادات الحزب الإخواني، وحاصره بأسئلته المُحرجة، ما أظهره وأطروحته الإخوانية بدون حجج عقلانية وواقعية.
غضب عارم
وخلفت تصريحات عبد الإله بنكيران، وأسلوبه غير المحسوب والذي لا علاقة له بالنقاش العام ولا يليق بقيادي حزبي، حالة من الرفض والغضب في صفوف السياسيين من جهة، والصحفيين على وجه الخصوص.
حنان باكور، مديرة موقع صوت المغرب، كتبت تدوينة طويلة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تنتقد فيها سلوك بنكيران، لتشدد في آخرها على أن "النقاش العمومي يحتاج إلى قدر من الحدة والتناقض والمبارزة حتى، لكنه لا يحتمل الإساءات والشخصنة والعنف، وإن كان لفظياً".
أما رضوان الرمضاني، صاحب برنامج في قفص الاتهام بإذاعة "هيت راديو"، ومدير الأخبار بالإذاعة، فقد شدد على أن بنكيران "تجاوز كل الحدود، ليتجرأ، بكل وقاحة، على وصف صحفي بالبرهوش، تحت تصفيقات حارة لجماعة من المناضلين ضد الفساد والاستبداد، فيما أكبر فساد هو ما ينطق به لسان مخرف المملكة، وأكبر استبداد هو سلوكه ضد كل من رفض التغريد في سربه".
وزاد الرمضاني في تدوينته "أتفهم حالة الرهاب السياسي التي أسكنها هذا المخرف في نفوس من تبقى معه، لكنتهم يرتكبون جرما بصمته على انحداراته".
بدوره، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الحق عظيمي، أن ما قام به الزعيم الإخواني "يمثل إساءة مرفوضة وتهجما غير مبرر”، مضيفا “كل التضامن مع الصحفي خالد فاتحي".
"اعتذار فيسبوكي"
وحينما وجد رئيس الحكومة المغربية الأسبق نفسه في موقف مُحرج، ومُحاصراً بالانتقادات، اختار الهروب إلى الأمام عبر منشور فيسبوكي، يُعبر فيه عن اعتذاره عن الأوصاف التي هاجم الصحفي بها.
وقال في تدوينة على صفحته الرسمية بالموقع: “حين قدمت ملاحظاتي البارحة الأحد في مهرجان حزبي بفاس على طريقة إدارة السيد خالد فاتيحي الصحفي بموقع العمق لحواره مع الأخ إدريس الأزمي الإدريسي، وبالنظر لكوني غضبت من الطريقة غير اللائقة التي أدار بها هذا الحوار، تجاوزت الحدود من الانتقاد إلى وصفه بأوصاف غير لائقة”.
وعلى الرغم من تقديمه للاعتذار بشأن الكلام الساقط الذي وصفه به، استمر بنكيران في التشبث بممارسته للوصاية على حرية الصحافة، بالتدخل في عمل الصحفي خالد الفاتحي، مشدداً على أنه يؤكد انتقاداته بخصوص ما قال إنه "طريقته السيئة وغير المهنية في إدارة الحوار".
مقاطعة ومُقاضاة
إلى ذلك، أعلنت جريدة "العمق المغربي"، التي ينتمي إليها الصحفي، اللجوء إلى القضاء ضد بنكيران، خاصة وأن تصريحاته "تضمنت اتهامات بالارتشاء وأوصافًا مسيئة مثل مأجور وقليل الآدب". بحسب بيان للجريدة، وصل "العين الإخبارية" نسخة منه.
وعبرت الجريدة عن استغرابها ودهشتها الكبيرين لتصريحات زعيم حزب "العدالة والتنمية" المغربي، مشددة على أنها تضمنت "عبارات السب والقذف والتشهير، ضد صحفي ذنبه الوحيد أنه أجرى حوارا صحافيا احترم قواعد المهنية مع رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، علما أن طريقة إدارة الحوار تمت بنفس الأسلوب مع جميع ضيوفه السابقين، وآخرهم الناطق الرسمي باسم الحكومة".
وأضاف البيان، أن اللجوء إلى عدالة القضاء، يأتي طلبا للإنصاف ضد التهم الخطيرة التي وجهها عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية خلال لقاء حزبي له بفاس، وبثت على المباشر، ضد رئيس تحرير جريدة “العمق المغربي”، التي ألحقت ضررا نفسيا ومعنويا بالغا بالزميل خالد فاتيحي وعائلته.