وجهت مليشيا الحوثي رسالة إلى السعودية تدعو فيها إلى استئناف مسار السلام، وذلك بعد أيام فقط من تهديداتها المتصاعدة على خلفية أزمة البنوك التجارية في اليمن، في تطور يعكس تراجع وارتباك الجماعة.
وجاءت هذه الدعوة ضمن خطاب لرئيس ما يُسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى" للمليشيا، مهدي المشاط، بمناسبة الذكرى العاشرة للحرب، حيث حاول إلقاء اللوم على السعودية، مطالبًا إياها بتنفيذ الاتفاقات التي قال إنها تقود إلى "سلام شامل ودائم".
لكن هذه الاستجداءات تأتي في وقت تواجه فيه الجماعة ضغوطًا غير مسبوقة، ليس فقط من السعودية، بل أيضًا من الولايات المتحدة، حيث تشن القوات الأمريكية ضربات جوية مكثفة على معاقل الحوثيين منذ منتصف مارس، ردًا على هجماتهم في البحر الأحمر.
لم تكن الرسالة الموجهة للرياض سوى جزء من سلسلة تحركات تعكس أزمة الحوثيين، إذ سبق أن بعثت الجماعة رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حملت لغة تحدٍ ظاهري لكنها كشفت في مضمونها حالة من القلق والعجز أمام العقوبات الأمريكية والضربات المستمرة.
وفي رسالته، وصف المشاط العقوبات الأمريكية بأنها "خرقاء"، لكنه أقر ضمناً بوقعها المؤلم، مشيرًا إلى أنها تشكل تهديدًا واسعًا دون أن يقدم أي حلول عملية لمواجهتها، مكتفيًا بالحديث عن "تنسيقات جارية" لم يُفصح عن طبيعتها.
أما على الصعيد العسكري، فقد تجاهل المشاط ذكر أي رد فعلي حقيقي على الغارات الأمريكية، مكتفيًا بالقول إن لدى الجماعة "خيارات سيتم الإعلان عنها عند اللزوم"، وهو ما يعكس حالة العجز أمام الضربات المتواصلة التي تتكبد بسببها الجماعة خسائر فادحة.
في ظل هذا الواقع، تجد مليشيا الحوثي نفسها أمام خيارات محدودة؛ فبينما كانت تهدد الرياض وتحاول فرض شروطها بالقوة، اضطرت اليوم إلى تغيير لهجتها والحديث عن السلام، بعدما أدركت أن التصعيد العسكري والسياسي لم يعد في صالحها.