كشفت منصة يمنية متخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية، معلومات جديدة تُسلّط الضوء على خريطة انتشار القدرات الدفاعية لجماعة الحوثيين، ذراع إيران في اليمن، واستراتيجيتها في التموضع العسكري بعد سلسلة إعلاناتها عن إسقاط طائرات استطلاع أمريكية.
وقالت منصة "ديفانس لاين"، ان المواقع التي أعلنت المليشيات الحوثية إسقاط طائرات أميركية فيها، تكشف بشكل غير مباشر عن البنية الدفاعية المتقدمة للجماعة في عدد من المحافظات اليمنية.
وادّعت الجماعة، المصنفة كمنظمة إرهابية، أنها تمكنت منذ أكتوبر 2017 من إسقاط 22 طائرة أميركية بدون طيار من طراز "MQ"، أغلبها من نوع "ريبر MQ-9"، وهي طائرات استطلاع وهجوم عالية التطور، وتزعم الجماعة أن جميع عمليات الإسقاط نُفذت باستخدام صواريخ أرض-جو "محلية الصنع".
إسقاطات متتالية في مناطق حساسة
آخر تلك الإعلانات جاء اليوم الأربعاء، حيث أعلنت الجماعة إسقاط طائرة استطلاع أميركية غير مأهولة من طراز MQ-9 في أجواء محافظة الجوف. وكانت قد زعمت في الثالث من أبريل أنها أسقطت طائرة مماثلة في محافظة الحديدة شمالي غرب اليمن، باستخدام صاروخ أرض جو محلي الصنع.
وسبق ذلك بثلاثة أيام إعلان آخر للجماعة عن إسقاط طائرة MQ-9 فجر يوم 31 مارس، حيث ادعت أن العملية تمت بصاروخ "محلي مناسب"، مشيرة إلى أن الطائرة سقطت فوق أجواء محافظة مأرب. لكن معلومات ومصادر المنصة، أكدت أن حطام الطائرة وُجد قرب منطقة "السيل" جنوب شرق مديرية الحزم بمحافظة الجوف، وهي منطقة محاذية لمديرية مجزر شمال غرب مأرب.
وفي الخامس من أبريل، أعلنت الجماعة إسقاط طائرة استطلاع أخرى فوق أجواء محافظة صعدة، قالت إنها من طراز Giant Shark F360، وتعمل لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد كانت المصادر قد كشفت سابقًا عن قيام الجماعة بنشر أسلحة وذخائر جوية وبحرية، وأعتدة دفاع جوي بينها صواريخ متطورة في المرتفعات الجبلية الغربية المطلة على البحر الأحمر شمال غرب اليمن.
خبراء يحللون: الدعم الإيراني وراء التقنية
يرى محللون عسكريون في المنصة، أن تكرار إسقاط الحوثيين للطائرات الأميركية المتقدمة يُظهر تطورًا ملحوظًا في قدراتهم الدفاعية، مدعومًا باستمرار تدفق الأسلحة من إيران، بالإضافة إلى دعم من الحرس الثوري وفيلق القدس، الذي يعمل على تطوير مراكز تصنيع حربي لدى الجماعة. كما يُعتقد أن الحوثيين حصلوا على تقنيات وقطع إلكترونية حساسة ومعلومات استخباراتية من حلفاء طهران.
صعدة في الصدارة... ومناطق إسقاط الطائرات تكشف البنية الدفاعية
بمراجعة توزيع المناطق التي أعلنت فيها الجماعة عمليات إسقاط الطائرات، تتصدر محافظة صعدة – المعقل الرئيسي للجماعة – قائمة المحافظات، إلى جانب مأرب والحديدة، حيث تزعم الجماعة إسقاط خمس طائرات في كل منها، بالإضافة إلى طائرتين في كل من الجوف، البيضاء، وذمار، وطائرة واحدة في العاصمة صنعاء.
وتشير التحليلات إلى أن هذه المناطق تحتضن نقاط تموضع الدفاعات الجوية ومراكز الرصد التي أنشأها الحوثيون داخل مخابئ جبلية محصنة يصعب اختراقها، مما يتيح لهم تغطية جغرافية واسعة على مستوى البر والبحر والجو.
صعدة... المركز العصبي العسكري للحوثيين
تُعد صعدة بموقعها الجغرافي والجبلي مركز التمركز الرئيسي للجماعة، بفضل قربها من الحدود السعودية، واحتضانها لمخابئ وقواعد عسكرية تحت الأرض، تضم مخازن أسلحة وتقنيات متطورة، مراكز قيادة واتصالات، وورش تصنيع وتجميع.
تنتشر هذه القواعد في سلسلة الجبال الممتدة من وسط صعدة إلى حجة غربًا، الجوف جنوب شرقًا، وعمران جنوبًا، ما يُتيح للجماعة نشر أنظمة مراقبة واستطلاع، ورادارات، ومنصات إطلاق الدفاع الجوي تغطي نطاقات واسعة.
الامتداد العسكري إلى مأرب والجوف... والطموح نحو الشرق
جهود الجماعة امتدت إلى مأرب والجوف، حيث أنشأت مراكز استطلاع في الجبال الغربية لمأرب، المطلة على الصحراء شرقًا، والممتدة من جبال هيلان حتى مرتفعات صنعاء الشرقية.
هذا التمركز يمنح الحوثيين قدرة تغطية مناطق شبوة، حضرموت، والمهرة، وهي مناطق غنية بالنفط والغاز وتُعد مسارات تقليدية للتهريب.
وجاء هذا الانتشار عقب التقدم الميداني الذي حققته الجماعة مطلع عام 2020 في مواجهات مع القوات الحكومية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية في الجوف، مأرب، والبيضاء.
وبحسب معلومات منصة "ديفانس لاين"، نجحت الجماعة في تأمين حظائر محصنة للصواريخ والطائرات بدون طيار، مما يعزز من قدرتها على شن هجمات بعيدة المدى، والبقاء في مأمن من الاستهداف المباشر.