ارتفعت نسبة الفتيات والنساء في محافظة تعز اللاتي يمضغن القات ويدخنَّ الشيشة في مجالسهن الخاصة، وعادة ما تكون هذه الجلسات جماعيةً يوميَّةً أو أسبوعيَّة، يرافقها عدد من الطقوس التي يتم التباهي بها والتنافس عبرها، ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في حالات الواتس آب.
ويدور كلام كثير وخطير حول أن الكثير من الفتيات والنساء يعتقدن أن تدخين الشيشة وتناول القات ميزة اجتماعية وتطور ثقافي يتفاخرن به. وهذا ما دفعني للمضي للتحقق من ذلك للوصول إلى الحقيقة، أو على الأقل إلى شيء منها... وهاكم الحصيلة:
حنان - موظفة تقول: «نحن نلتقي في منزل قريب جدًا لنا في الحارة التي نسكن فيها، حيث لا نصل إلا والترتيبات تكون شبه جاهزة من زميلتنا التي تستضيفنا في منزلها، وهي كما تصفها حنان "شابة" في منتصف الثلاثينات من العمر، ولديها طفلان، وزوجها مغترب في السعودية ويتقاضى راتبًا كبيرًا من عمله هناك».
وتمضي حنان قائلة: «إن صديقتها التي رفضت أن تكشف عن اسمها تفرح كثيرًا بمجيء صديقاتها إليها، لأنهن حسب رأيها يضفين على الجلسة طابعًا ممتعًا من المرح والأنس. كما أنها تقوم في كثير من الأحيان بشراء القات لهن على حسابها، أو يقمن بتسديد ثمنه في الجلسة ذاتها، وربما تتأخر عن تسليم بعض المبالغ حتى مجيء الراتب نهاية الشهر، كما تفعل حنان معها كما تقول».
أماني - تربوية تعتبر أن الجلسات النسائية، والتي يتم فيها إفشاء أسرار الحياة الزوجية، تمثل خطرًا كبيرًا على كيان الأسرة، وهي دليل على عدم صلاح الزوجة. وتضيف: «حين تصبح أسرار الحياة الزوجية مشاعًا للآخرين، فهذا دليل غياب ثقافة الحوار بين الزوجين».
وتؤكد أماني أن جلسات النسائية لا تخلو من أحاديث عن أدق تفاصيل الحياة الزوجية وأسرار الفراش التي تفضح العلاقة الحميمة بين الزوجين، وتقول: «بعض الزوجات لا يجدن حلاً لمشاكلهن إلا بالحديث مع صديقاتهن عن كل ما يعانين منه دون دراية بالعواقب الوخيمة لهذه الثرثرة، مما يعطي الفرصة للآخرين ليتدخلوا في حياتهم الخاصة، إما بتحريض الزوجة، أو إفشاء الأسرار الزوجية».
(ع. س) تصف الجلسات النسائية التي تحضرها بأنها جلسات مرح وضحك، ولا يمر يوم دون أن تجتمع مع صديقاتها بجلسة تجمعهن، حد قولها، وتقول: «أجتمع مع صديقاتي تقريبًا كل يوم في نفس الحارة، وكل يوم في بيت واحدة من الصديقات. تكون جلستنا محورها القات والشيشة، فبالبيت الذي نجتمع فيه تقوم صاحبة البيت بتجهيز احتياجات المقيل من شيشة وماء بارد ومستلزمات القات. وتبدأ جلستنا من الساعة الرابعة إلى الساعة التاسعة، نستمع فيها إلى أغانٍ تناسب جلسة المقيل، ويتخلل الجلسة بعض الأحاديث عن مشاكلنا، وأوضاع البلاد السياسية، والأزمات الحاصلة في البلاد».
وتضيف (ع. س): «عينك ما تشوف إلا النور، تصبح الواحدة منا محللة سياسية، وأخرى معارضة، كأنهن في مجلس النواب. المهم أن الجلسة لها مذاق خاص مع الصديقات، وفي ظل حوارات تسعدنا».
أما (أم رهام) - ربة بيت فتقول: «نحن في جلستنا النسوية نناقش مشاكلنا، وكل واحدة تطرح ما يؤرقها ويكدر خاطرها، وتأمن على أسرارها في الجلسة التي نعتاد على حضورها».
وتضيف (أم رهام) قائلة: «لا أرى أي مانع أن تقوم المرأة المتزوجة بالحديث عن زوجها ومساوئه حتى تحصل على العبرة، وتتعلم من تجارب الأخريات، فتتمكن من تغيير سلوكها، أو تتخلص من مشكلة قد تقع فيها بفضل نصيحة قد تحصل عليها من إحدى قريناتها. فقد يكون لدى الأخريات تجارب مماثلة، فأنا أجد من الضرورة التحدث مع صديقات في جلساتنا الخاصة عما يدور بيني وبين زوجي، وأخذ نصيحة واستشارة إحداهن».
أما بلقيس أحمد - موظفة فتقول: «هجرت الجلسات النسائية لما يتم فيها من تبادل ألفاظ بذيئة وسوقية من أغلب الصديقات اللاتي يجتمعن في الجلسة، وكذلك بوح عن مشاكل زوجية خاصة لا يجب أن تخرج عن إطار غرفة النوم».
وتضيف بلقيس: «إن البوح أحيانًا ببعض المشكلات التي تعكر صفو العلاقة بين الزوجين من الممكن أن يريح أعصاب المرأة، ويخفف من حدة الضغوط التي تعانيها، ولكن لا يصل الأمر أن تبوح بأسرار الفراش وما يدور بين الزوجين في العلاقة الحميمة. فهذا الأمر أرفضه تمامًا، ووجدت أنه أمر عادي جدًا عند بعض صديقاتي، وهو ما جعلني أنفر من جلساتهن».
سهام - معلمة تقول: «أكثر ما يدور في الجلسات النسائية التي أحضرها هو الحديث عن المشاكل وضغوط الحياة التي تعاني منها الزوجة، لاسيما ربة البيت غير العاملة، والتي تدفعها هذه الضغوط إلى الحديث في الجلسات النسائية مع صديقاتها عما تعانيه من مشاكل زوجية وضغوط الحياة».
وتضيف سهام: «كما أن أغلب الجلسات النسائية لا تخلو أيضًا من النميمة والخوض بالسياسة، وأغلبنا لا نفقه ما يدور فيها. ولكن حسب توجه الزوج، تجد المرأة تتجه بنفس الاتجاه السياسي له. فإن كان من حزب معين، فإنها تدافع عن ذلك الحزب، وتذم الحزب المنافس لحزبه، حتى يصل الأمر أحيانًا إلى المشادة الكلامية والألفاظ القبيحة بينهن، وتنتهي الجلسة بزعل».
أما (أم خالد) فتجد في الجلسات النسوية فرصة لتسويق منتجاتها، وتقول: «دائمًا أحضر الجلسات النسائية لأني أجدها فرصة لتسويق منتجاتي للنساء المجتمعات في الجلسة. نقضي وقتًا ونستفيد، فأنا أعول ثمانية من الأبناء والبنات، وأقوم بعمل البخور والأخضرين والعطور، وأبيعها للنساء لكسب لقمة حلال. والحمد لله، في الجلسات النسائية أبيع بشكل كبير. وما يدور في الجلسات النسائية شيء يُصيب بالدوار، تارة يتحدثن بالسياسة بشغف، وتارة عن المسلسلات التركية، وتارة المشاكل الزوجية، والنميمة والغيبة، وكل ما يتصوره العقل نجده في الجلسات النسائية».
وعلى الطرف الآخر، هناك نساء يعتبرن هذه الجلسات هدرًا للوقت، ومناخًا سلبيًا لتبادل الأقاويل، ونقل الكلام، وكشف الفضائح والأسرار وتناول الأعراض بالسوء. وفي ذلك تقول (أم عمر): «كنت أحب هذه الاجتماعات كثيرًا، لكني مع الوقت بدأت أكتشف في كل مرة وجود أحاديث تتناول الخصوصيات وأسرار البيوت التي يتم فضحها على الملأ وبطريقة مسيئة لفلانة أو تلك. وتكبر المشكلة وتصل إلى الأزواج، وتأثرت من هذه الاجتماعات، لذلك قررت العزوف عن هذه الجلسات، والاهتمام بمسؤوليتي تجاه بيتي وزوجي، وتطوير نفسي، والبحث عما هو جديد بالنت. ووفرت على نفسي المشاكل، وتمتعت براحة بال».
في السياق، يقول صاحب محل بيع معسلات وشيشة في شارع العواضي: «إن نسبة الفتيات اللاتي يترددن على محله للشراء كبيرة، وتتراوح أعمارهن ما بين 17 - 50 عامًا، منهن من تأتي بشكل يومي، وأخريات بشكل أسبوعي».
ويضيف: «الكثير من الفتيات يقمن بتغيير الشيشة الخاصة بهن ويصرفن مبالغ باهظة، حبًا في الظهور والتباهي بين صديقاتهن».
وخلاصة القول: تعتقد الكثير من الفتيات والنساء أن تدخين الشيشة وتناول القات ميزة اجتماعية وتطور ثقافي يتفاخرن به. والجزء المهم لدى الكثير من النساء في مجالس القات هو تباهيهن بالظهور مرتديات أجمل الفساتين والإكسسوارات. وتقوم المرأة التي دعت صديقاتها للمقيل بتجهيز الوجبات الخفيفة والمشروبات التي تقدمها لضيفاتها قبل البدء بجلسة مقيل القات.