آخر تحديث :الإثنين-21 أبريل 2025-09:59م
اخبار وتقارير

حوض صينة... منقذ السيول الذي تحوّل إلى مستنقع أوبئة ومكب فساد

حوض صينة... منقذ السيول الذي تحوّل إلى مستنقع أوبئة ومكب فساد
الإثنين - 21 أبريل 2025 - 02:36 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - محرم الحاج

تحوّل حوض صينة المائي في مديرية المظفر - محافظة تعز، من مشروع أُنشئ خصيصاً لتصريف مياه الأمطار وحماية المدينة من كوارث السيول والفيضانات، إلى مستنقعٍ لمياه الأمطار والمجاري، ومكبّ للقمامة ومخلّفات البناء والأتربة.

هذا التحوّل الخطير أثار جدلًا واسعًا وسخطًا كبيرًا في أوساط المواطنين والناشطين والمهتمين بالشأن الصحي والبيئي، الذين استنكروا الغياب الملحوظ لصندوق النظافة والتحسين وسلطة المديرية، وتقاعسهم عن رفع المخلفات ومنع رميها في الحوض المائي وقنوات السيول.

من جهة أخرى، حمّل مواطنون مكتب أشغال المظفر مسؤولية ما يحدث، متهمين إياه بالتقاعس عن متابعة أعمال الإعمار والترميم، والتغاضي عن إلقاء المخلفات في السائلة، دون ضبط للمخالفين.

وأفاد مواطنون بأن مصادر القمامة متعددة، إذ لا يقتصر رميها على سكان الأحياء المجاورة، بل يتوافد أشخاص من مناطق أخرى عبر سياراتهم وباصاتهم، ليفرغوا نفايات منازلهم ومحلاتهم في ممرات السيول.

كما شوهدت شاحنات وبوابير محمّلة بكميات كبيرة من الأتربة ومخلّفات البناء، تُلقي حمولتها داخل الحوض أو على مقربة منه، برفقة مسلحين أحياناً، كما قال المواطن سعيد محمد (58 عاماً)، الذي أكد أن هؤلاء يمنعون أي شخص من الاعتراض.

وتغضّ النقاط الأمنية والعسكرية الطرف عن تلك الشاحنات، وتسمح لها بالمرور مقابل مبالغ مالية، وهو ما أشار إليه المواطن هاشم أمين (35 عاماً) الذي يقوم بصيانة منزله، وينقل المخلفات إلى السائلة ويدفع 3000 ريال لمن يعترضه.

ويُعتبر رمي المخلفات في الحوض المائي عملاً منظماً، كما يؤكد موظف في مكتب الأشغال، موضحًا أن البلطجية يتكسبون من هذه العملية عبر تحصيل مبالغ مالية من المواطنين مقابل إفراغ نفاياتهم نيابةً عنهم.

وتتفاقم معاناة السكان المقيمين قرب الحوض بسبب الروائح الكريهة التي تُزكم الأنوف، وتحوّل منازلهم إلى أماكن غير صالحة للعيش، رغم محاولاتهم لتلطيف الأجواء بالروائح العطرة والبخور.

بعض السكان لم يتمكنوا من التحمل، مما دفعهم للتفكير بمغادرة منازلهم، مثل المواطن عبدالله سيف (52 عاماً)، الذي أخلَى منزله وعرضه للبيع، لكنه تلقّى عروضًا منخفضة، ففكّر بتأجيره دون جدوى.

في المقابل، يُجبر بعض الأهالي على التعايش مع الوضع القائم، لعدم امتلاكهم منازل بديلة أو قدرتهم على الاستئجار، في ظل كابوس صحي متفاقم يهدد حياة عشرات الأسر.

وبالرغم من خطورة الوضع، فإن جهود رفع المخلفات شحيحة جداً، حيث لم يُسجَّل سوى عمليتي تنظيف خلال السنوات الماضية؛ الأولى في مارس 2019 بقيادة مدير صندوق النظافة السابق سمير إسماعيل، والثانية في ديسمبر 2020 من قبل السلطة المحلية، التي رفعت المخلفات وغطّت 5000 متر من ممرات السيول، لكنها لم تُكمل سوى قناتي وادي القاضي والنجيشة.

وتشكل هذه المخلفات المتكدّسة بيئة خصبة للحشرات والقوارض، التي تهاجم المنازل وتُفاقم خطر الأوبئة في المدينة، حيث يتدهور الوضع الصحي بشكل كارثي.

في هذا السياق، تنتشر الأمراض في مديريات تعز، خاصة في المظفر، وأبرزها: الملاريا، حمى الضنك، الكوليرا، الحصبة، الحميات الفيروسية، التهاب السحايا، وغيرها من الأوبئة، التي سجلت العام الماضي مئات الإصابات المؤكدة والمشتبهة، بحسب تقرير مركز الترصد الوبائي في المحافظة.

وتستقبل المرافق الصحية يومياً عشرات الحالات المرضية الناتجة عن تراكم النفايات، مما يدفع المواطنين أحياناً إلى حرقها للتخلص منها، ما يتسبب بتصاعد دخان وغازات سامة تلوّث الهواء، وتؤدي إلى ارتفاع حالات الاختناق والربو والأمراض الجلدية والسرطانية، وفقاً لأطباء التقيتهم أمس.