آخر تحديث :الأحد-24 نوفمبر 2024-12:44ص

الحقيقة كلمة مرة.. زمن الحمدي !

الإثنين - 04 نوفمبر 2024 - الساعة 12:03 ص

جميل الصامت
بقلم: جميل الصامت
- ارشيف الكاتب


زمن الحمدي عنوان جرى الترويج له في إحدى الشاشات التي تبث من تركيا ،وتم عرضه امس الاول الاربعاء وكان من المفترض عرضه في ال11 من اكتوبر المنصرم للمناسبة ،الا ان تاخيره حتى نهاية الشهر ربما كان لاسباب ... والملاحظ ان ما تم عرضه كان محاولة دعائية للقناة اكثر منه تقديم حالة توثيق معتبرة ،من خلال جمع اراء عدد من المستطلع اراءهم ،

فزمن الحمدي ظن الناس ان هناك عمل تلفزيوني كبير وبمستوى قائد ك إبراهيم الحمدي فيه اعادة تسليط الاضواء على المرحلة الذهبية التي شهدتها اليمن ،وكشف مالم يكن مكشوفا واعادة قراءة ل ما لم يقرأ بعد ،ليتضح الامر ان العمل لم يكن بالمستوى المأمول ،

فقد كان مجرد عمل لجذب المشاهد للشاشة اكثر منه تقديم اهم شخصية حكمت اليمن في العصر الحديث وثالث ابرز وافضل ثلاثة حكموا اليمن خلال تاريخه على الاطلاق ( الملكة بلقيس - والملكة اروى - الرئيس إبراهيم الحمدي) .

كانت التوقعات ان د اروى محمدثابت صاحبة اول رسالة علمية (الماجستير) في تجربة الرئيس ابراهيم محمدالحمدي ستكون اولى المستطلعين ،وكذا د حمود العودي اهم من كتب في تجربته الابرز (التعاونيات) من الاكاديمين ،فضلا عن شخصيات سياسية وفكرية مهتمه جرى تجاهلها ،وكان بامكانها اثراء الحلقة اليتيمة للقناة التي عمدت لتقديم شهادات منقوله وجامدة لمن لايستشهدوا ولايعتد بشهادت بعضهم كونها مجروحة .

حاولت القناة تقديم صورة غير موضوعية عن صعود ابراهيم الى السلطة ،وتقديمه بصورة لاتليق بالقناة وباي يمني من خلال تضخيم الدور السعودي وابرازه كما لو كانت السعودية هي من فجرت ثورة سبتمبر ،مع ان الرجل كان هو المخلص ،وهو من فرض نفسه على الجميع واضطرت السعودية للتعامل معه وطلب وده ،وليس صحيحا ان السديري وصالح الهديان والاحمر ...الخ مما حاولت القناة تسويقه كانوا هم صناع اومساعدين ابدا .

القارئ الحصيف والمتابع اللبيب والمحلل المدقق والكاتب او المؤرخ او حتى السياسي الموضوعي لايمكنه ان تنطلي عليه ماتم ترويجه اوبمعنى اصح تسريبه ،

من الواضح ان المستطلعين تم اجتزاء احاديثهم والوقف القبيح والانتقاء ربما كان هو المعمول به لتقديم زمن كبير من اعظم الازمنة الجمهورية وتعمد تقديمه بتلك الصورة ،ربما ان القناة تحاول تقديم نفسها للرياض ،

لم يتم التركيز على حقيقة الصراع مع السعودية وجيشها الاحتياطي في الداخل اليمني (الاحمر وبقية قوى التخلف المعيقة للدولة الحديثة)

اذ جرى التركيز على محمد خميس -ذو السمعة السيئة- واعتبارها خطئة جاء بها الحمدي ،فيما لايعد خطيئة استمرار عبدالله الاحمر وبقية المرتضعين من اللجنة السعودية الخاصة تامرهم على وطنهم في اعاقة الحمدي من الانتصار للثورة والجمهورية ،

مع ان خميس موظف دولة ،وليس صحيحا انه كان مقربا من الحمدي ،وربما مقتضيات الحال ان بقي الرجل وكان سيصل به الحال الى ماوصل اليه حال بيت ابولحوم وبقية مراكز القوى ،

وسيصل الامر الى احمدالغشمي وعلي صالح وغيرهم ممن حالفهم الحظ في الوصول الى ما وصلوا اليه ،لان متطلبات بناء الدولة الحديثة ستعصف بهم يوما ،ولان عجلة التغيير ستطالهم ،عجلوا في خيانتهم لصالح السعودية ، اعمالا لنصيحة آل ابولحوم وبعث مجاهد ونزعة الاحمر وبقية عملاء السعودية في الداخل اليمني .

كما انصب التركيز على محاولة تسريب فقاعة ان السعودية اوصلت الحمدي لسدة الحكم متجاهلة حقائق ان الحركة لم تكن وليدة 13يونيو 1974م ،بل كان متوقعا لها قبلها بعامين ،لولا ما قام به اللواء عبدالله العليبي القيادي الناصري واحد قادة الجناح العسكري المنفذ لحركة 15 اكتوبر 1978م الناصرية ،دون ان وعي منه ،

الحمدي كان معروفا بوطنيته ورجاحة عقله وصفاء ذهنه علاوة عن كونه قاضيا ،وما كان يتمتع به من كارزما اهلته للعب دور مهم في ان يصبح اهم ضباط الجيش ،ناهيك عن قدرته في التاثير والاستقطاب لمن حوله ،فضلا عن امتلاكه رؤية ومشروع اسر من هم فوقه ومن هم دونه ايضا ،ليصبح اقوى رجل في القوات المسلحة والدولة وهو خارج السلطة ،

لا ننسى كيف جرد الفريق حسن العمري اقوى شخصية في نظام 5نوفمبر من مناصبه واقناعه بتقديم استقالته من رئاسة الوزراء وعضوية المجلس الجمهوري ،والقيادة العامة للقوات المسلحة لينتهي به المقام منفيا في القاهرة .

ابراهيم تنبأ له الامام يحيى حميد الدين بانه سيكون له شأن عظيم عندما زاره القاضي محمد الحمدي بصحبه نجله الشاب اليافع ابراهيم الى مقر علاجه في مشفى في روما الايطالية .

الامام احمد كان لديه علم في جانب الحسابات الفلكية ،ولم يدرك ان ذلك الشاب سيصبح حاكما على مملكته بعد اقل من عقد ونصف من ذلك اللقاء .

ابراهيم ذو الشخصية الفذة والطاغية على المشهد في اليمن اتت السعودية اليه ولم يتكئ اليها كما تحاول بعض الروايات الغير دقيقة تسويقه للنيل من عظمة الرجل وعظمة مشروعه المخلص،ربما لتبرير عمالة من خلفوه في كرسي الحكم او لم يحن بعد فطامهم من رضاعة اللجنة السعودية .

غير ان كل المعايير الموضوعية التي تطلبها السعودية لمن يكونوا في خدمتها ،لا تتوفر في الحمدي الذي صنع مجده بنفسه وبتوفيق من الله ،

ومما اورده تقرير القناة ان الحمدي ناصب التيار الناصري وهو تيار الثورة العداء ،ولم يكن هناك مايؤكد انه كان كذلك حتى يكون ضد الوجود المصري الحامي للثورة كما حاولت القناة تمريره عبثا عبر شاشتها او تقريرها التلفزيوني ،

زمن الحمدي عنوان كبير جرى اختصاره في تقرير صغير شابه الكثير من القصور والمغالطات ايضا ،

المشروع الذي كان يحمله الحمدي لم يكن بالشكل البسيط الذي تم عرضه بالتقرير ،فقد كان مقلقا لقوى كبرى اكدت انها لن تسمح ب (ناصر) جديد يظهر في جنوب الجزيرة العربية ،ولعل ذلك كان ما ذهبت إليه المخابرات الامريكية والفرنسية والالمانية ايضا ،وليس فقط ان السعودية كانت متاذيه وبغداد مساندة وتحملا معا الجزء الاكبر في المهمة الصعبة ،

عندما يتحدث الناس عن الحمدي فالحمدي مشروع لليمن والامة ،وليس كما يحاول البعض تقديمه ،بعيدا عن حقائق الامور وبواطنها قبل ظواهرها .

فزمن ابراهيم هو ذلك الزمن الجميل الذي عشقه اليمنيون وسكر فيه الوطنيون ،ما ان تنس ببنت شفه حتى يسارع الصغير قبل الكبير والانسان البسيط العادي قبل المهني اوالسياسي الى الاشارة اليه والتوقف امامه لنبش مايمكن ان يجده الباحث عن وطنه ،

لا ابالغ ان قلت ان البحث في تاريخ او مجرد الحديث عن زمن الحمدي ،هو اشبه بشغف المنقبين عن ثروات وآثار الحضارات اليمنية ،

وبالتالي من الصعب حصر زمن عظيم ورجل عظيم بمجرد احاديث عابرة من المؤكد انها تعرضت للبتر والاختصار .

لقد بات من المؤكد الذي لاجدال فيه ان السعودية ممثلة في آل سعود ارتكبت ابشع جريمة في تاريخها - بعد تورط مؤسسها عبدالعزيز في بيع فلسطين ،والتآمر لاسقاط الرئيس عبدالتاصر ،فكانت النتيجة سقوط الارض العربية في حرب 67م - ليس في حق اليمن بتصفية مشروع الحمدي ،بل في حق نفسها هي ايضا ،عندما تخلصت من الحمدي صاحب مشروع الدولة ،تاركة البلاد لقمة صائغة لايران لتاتي لتهددها من خاصرتها الجنوبية ،

وما كان للسعودية ان تتعرض للابتزاز الغربي اوالايراني فيما لوكانت لليمن دولة ..