حذرت وسائل إعلام أمريكية، اليوم السبت، من توسع الحرب الطاحنة في قطاع غزة، وانتقالها بشكل أكبر في المنطقة، مع استمرار مليشيا الحوثي في استهداف السفن التجارية.
و قالت صحيفة "الغارديان"، إن الحرب الطاحنة في غزة بين إسرائيل وحركة حماس قد تتجه نحو الأسوأ، لا سيما إذا قررت الولايات المتحدة الرد عسكريًّا على هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة التي تشنها ميليشيا الحوثي منذ عدة أسابيع ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.
وأضافت الصحيفة أن هجمات الحوثيين تسببت بحالة من الفزع في الأسواق العالمية في ظل تزايد المخاطر على حركة الشحن عبر مضيق باب المندب.
ولفتت إلى تزايد الضغوط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمواجهة إيران وحلفائها الحوثيين؛ بهدف وقف تلك الهجمات، والحيلولة دون نشوب حرب أكبر.
وتابعت: "مع ذلك، ثمة تحذيرات من تجاوز الولايات المتحدة حدودها، وبالتالي تجد نفسها منجذبة إلى حرب تسعى بشدة إلى تجنبها، إذ يَلوح في الأفق احتمال نشوب صراع موسع يشمل اليمن وسوريا ولبنان والعراق وإسرائيل وإيران، في أوقات حرجة ومحفوفة بالمخاطر بالنسبة لواشنطن التي تكافح لتقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، والتعامل مع تصاعد التوترات المتعلقة بتايوان وبحر الصين الجنوبي في شرق آسيا".
وأشارت إلى إمكانية أن تستمر التداعيات الإقليمية والعالمية المتوقعة لأي حرب، لعقود طويلة من الزمن، ما سيجر الولايات المتحدة من جديد إلى صراعات واسعة في الشرق الأوسط تترتب عليها تكاليف باهظة.
وأضافت "الغارديان"، أنه "بينما تمكنت الولايات المتحدة حتى الآن من احتواء التصعيد الخطير بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، وذلك عبر إرسال حاملتي طائرات إلى المتوسط، والضغط على إسرائيل لعدم توسيع نطاق عملياتها في لبنان، إلا أنه ولسوء الحظ، فإن استمرار مضايقات الحوثيين لحركة الشحن والملاحة في البحر الأحمر يهدد باندلاع حرب واسعة في المنطقة".
ورأت أن "البحرية الأمريكية، ورغم إسقاطها عشرات الصواريخ والمسيّرات الحوثية، إلا أنه لا يمكنها الاستمرار إلى أجل غير مسمى، في اعتراض كل ما يطلقه الحوثيون".
ورغم حديث بعض المحللين عن الضرر الذي تلحقه هجمات الحوثيين بمبدأ حرية الملاحة، إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق يكمن في التكاليف الاقتصادية المباشرة التي يتحملها الشحن العالمي وأسعار النفط، خاصة في الوقت الذي يبدو فيه التضخم تحت السيطرة.
ووفق تقرير الصحيفة فإنه من الصعب تحديد الأثر الاقتصادي للأزمة، ولكن من المحتمل حدوث ضرر كبير إذا تم تغيير مسار المزيد من السفن.
فقبل الأزمة، كان نحو 12% من التجارة العالمية، و30% من حاويات الشحن يمران عبر البحر الأحمر، في حين أن رأس الرجاء الصالح الذي يعد الطريق البديل، هو أطول مسافة وأكثر تكلفة.
وتابعت "الغارديان": "يمكن القول إن هجمات الحوثيين فرضت على إدارة بايدن خياراً صعباً للغاية، في ظل مطالبة تيار "الصقور" الأمريكي بالرد بقوة على إيران لردعها وردع عملائها عن القيام بالمزيد من الاستفزازات".
وأشارت الصحيفة إلى تصريح لجون بولتون مستشار الأمن السابق في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، حين قال إن "بايدن فشل في إنشاء حتى الحد الأدنى من الردع"، داعياً إلى المزيد من الضربات الأمريكية بعيدة المدى، بما في ذلك الهجمات المباشرة على إيران.
وأضافت الصحيفة: "ولكن مثل هذا السيناريو محفوف بالمخاطر، لا سيما إذا أقدمت إيران على الانتقام بشن هجوم مضاد يسفر عن سقوط ضحايا أمريكيين، وبالتالي تقع واشنطن تحت المزيد من الضغط للرد والانتقام، وهذا ما سيقود في نهاية المطاف إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً من شأنها أن تلحق ضرراً هائلاً بالمصالح الوطنية الأمريكية".
وحسب "الغارديان" فإن "البيت الأبيض تصرف بحكمة حتى الآن، وسعى إلى تجنب هذه المغامرة، إذ ربما يختار بايدن الاستمرار في تحمّل مضايقات الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر، رغم التكاليف الاقتصادية المترتبة على ذلك.
وثمنت الصحيفة في هذا الشأن فكرة إدارة بايدن "تدويل" الرد على هجمات الحوثيين من خلال إقامة تحالف بحري دولي، للمساعدة في حماية الملاحة والشحن عبر الأحمر، لكنها تستدرك قائلة إن التحالف لا يزال صغيراً "للأسف"، وقدراته ونهجه الاستراتيجي غير واضحين حالياً.
وأضافت: "ربما تصبح تكلفة هجمات الحوثيين، كبيرة ولا تحتمل لدرجة تجعل من العمل العسكري خياراً لا يمكن تفاديه في نهاية المطاف. وهنا يبرز خيار توجيه ضربات تكتيكية للحد من قدرة الحوثيين على تهديد طرق التجارة العالمية".
وأردفت أن "مثل هذه الخطوة قد تقلل من الأضرار الاقتصادية، ولكنها من غير المرجح أن تثني إيران عن دعم الهجمات الإقليمية الأوسع نطاقا، هذا بالإضافة إلى احتمال إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، إضافة إلى التداعيات الإنسانية المترتبة على الشعب اليمني، وهي عوامل تتضافر معاً لإضفاء المزيد من التعقيد على الخيار العسكري".
وبينت "الغارديان" أنه "بالنظر إلى أن تهديد الحوثي هو مشكلة ذات طابع عالمي، من المهم لصانعي السياسات الأمريكيين حشد دعم دولي خاصة من الصين، مع التركيز على المصالح المشتركة في الحفاظ على طرق تجارة آمنة".
ورأت الصحيفة أنه: "في خضم تصاعد التوتر، يجب توخي الحذر في توجيه أي ضربات أمريكية للحوثيين، والحرص على تجنب النزاعات التي يصعب احتواؤها بعد اندلاعها".
وختمت: "في ظل تأجج المشاعر وتزايد المخاطر الاقتصادية، تصبح ممارسة ضبط النفس أمراً ضروريًّا لمنع السيناريو الأسوأ، وهو الحرب الإقليمية الأوسع نطاقاً، والتي لا تخدم المصالح الأمريكية".