كثّف الجيش الأميركي ضرباته على معقل الحوثيين في صعدة، وبدأ في تصيّد تحركات قادة الجماعة على الطرقات، وذلك ضمن الحملة المتصاعدة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب منذ نحو 3 أسابيع لإرغام الجماعة على وقف تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وفي حين ركزت أحدث الغارات الأميركية، في ليل الأربعاء – الخميس، على مخابئ الجماعة المحصنة في صعدة، امتدت إلى محافظة إب لأول مرة منذ بدء الحملة، مروراً بريف صنعاء، ووصولاً إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة.
ومع ترقب دخول حاملة طائرات أميركية جديدة على خط المواجهة، زعمت الجماعة المدعومة من إيران، الخميس، أنها أسقطت مسيّرة أميركية في أجواء الحديدة، واشتبكت بالصواريخ والمسيرات عدة ساعات مع حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع البحرية المصاحبة لها.
وبحسب إعلام الجماعة، استهدفت غارة ميناء رأس عيسى في مديرية الصليف، شمال الحديدة، وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخر، وإلى أضرار مادية لم تكشف الجماعة عن حجمها.
وفي صعدة، أفاد الإعلام الحوثي باستقبال معسكر كهلان شرقي المدينة ومحيطه في الجنوب الشرقي 17 غارة، قبل أن تضرب أربع غارات أخرى مواقع في مديريتي مجز وكتاف.
ويرجح المراقبون العسكريون أن الضربات الأميركية واصلت استهداف المخابئ المحصنة في الكهوف والجبال في محيط مدينة صعدة وأريافها، استكمالاً لعشرات الغارات السابقة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وفي تطور نوعي للضربات، قالت الجماعة إن ضربة استهدفت سيارة في منطقة قحازة جنوب شرقي صنعاء في مديرية بلاد الروس، دون أن تكشف عن طبيعة الهدف، إلا أن مراقبين يرجحون أن الضربة اصطادت أحد القادة الحوثيين في أثناء تحركه في المنطقة.
وهذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها الضربات أهدافاً حوثية متحركة بعد غارة كانت الجماعة قالت إنها استهدفت قبل أيام سيارة في منطقة الطور في محافظة حجة (شمال غرب)، وأدت إلى مقتل شخصين.
وتسود تكهنات بأن هذه الضربات على الأهداف المتحركة تقوم بتنفيذها طائرات مسيرة، تقوم بالرصد والمتابعة المسبقة، قبل أن تقوم بالاستهداف الدقيق.
إلى ذلك شهدت محافظة إب لأول مرة، أول غارة منذ بدء حملة ترمب، حيث اعترفت الجماعة بتلقي ضربة استهدفت شبكة الاتصالات في جبل «نامة» بمديرية جبلة، وأدت إلى مقتل حارس الموقع.
مزاعم عن هجمات
ضمن ادعاءات الحوثيين التصدي للحملة الأميركية، زعم المتحدث العسكري باسمهم يحيى سريع في بيان متلفز، الخميس، أن قوات جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية واشتبكت من خلالها مع حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع الحربية التابعة لها في شمال البحر الأحمر.
وفي حين لم يؤكد الجيش الأميركي هذه المزاعم، ادعى المتحدث الأميركي أن العملية تمت بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، واستمرت ساعات طولية، وأنها حققت أهدافها، وأفشلت جزءاً من الضربات الأميركية.
وكان لافتاً توقف الهجمات الصاروخية الحوثية تجاه إسرائيل بعد إطلاق 10 صواريخ منذ 17 مارس (آذار) الماضي؛ إذ كان أحدث هجوم اعترضه الجيش الإسرائيلي، الأحد الماضي، وهو ما يؤشر على ضعف التهديد الحوثي من الناحية الاستراتيجية لإسرائيل، ومحدودية قدرة الجماعة على تكثيف الهجمات.
وفي سياق المزاعم الحوثية، قال المتحدث يحيى سريع، الخميس، إن قوات جماعته أسقطت طائرة أميركية من نوع «إم كيو 9» في أجواء محافظة الحديدة، في أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية.
وادعى المتحدث الحوثي أنه تم إسقاط المسيرة بصاروخ أرض - جو محلي الصنع، كما زعم أنها الطائرة 17 التي يتم إسقاطها من هذا النوع منذ انخراط الجماعة في التصعيد البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ولم يعلق الجيش الأميركي - على الفور - على هذه المزاعم، كما لم يصدر أي توضيحات بخصوص النتائج التي حققتها الحملة ضد الحوثيين حتى الآن.
320 غارة
تصدر معقل الحوثيين في صعدة بقية المناطق الخاضعة لهم من حيث كثافة الغارات الأميركية خلال الأسابيع الثلاثة الماضي، فيما تأتي صنعاء وريفها ومحافظتا عمران والحديدة وحجة والجوف تاليا، كما امتدت الضربات بشكل أقل كثافة على محافظات مأرب وذمار والبيضاء وأخيراً إب.
وإذ بلغ عدد الضربات الجديدة التي استقبلتها الجماعة الحوثية نحو 320 غارة، يقول القطاع الصحي الخاضع للجماعة إنها أدت حتى الآن إلى مقتل 63 شخصاً، وإصابة أكثر من 140 آخرين، بينهم نساء وأطفال، وهي أرقام لم يتم تأكيدها من مصادر مستقلة.
وتضاف هذه الضربات إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية تلقتها الجماعة في عهد إدارة جو بايدن على مدار عام ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى إبرام هدنة غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.
وكانت إدارة بايدن توقفت عن ضرباتها ضد الحوثيين بعد سريان اتفاق الهدنة في غزة، كما توقفت الجماعة عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجدداً للتهديد بشن الهجمات تجاه السفن الإسرائيلية مع تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة في غزة.
وبدأت حملة ترمب ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة، وتوعدهم باستخدام «القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً».
ودخل الحوثيون على خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر 2023، حيث أطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري يُذكر، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.
وردت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، كان آخرها في 10 يناير الماضي، واستهدفت موانئ الحديدة ومستودعات الوقود ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، إضافة إلى مطار صنعاء.
كما تبنت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدى إلى غرق سفينتين، ومقتل أربعة بحارة، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها لأكثر من عام.