آخر تحديث :السبت-26 أبريل 2025-02:45م
قالوا عن اليمن

تعطيل ميناء "رأس عيسى".. هل ينهار تمويل الحوثيين؟

تعطيل ميناء "رأس عيسى".. هل ينهار تمويل الحوثيين؟
السبت - 19 أبريل 2025 - 04:04 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن- إرم نيوز:


ثمّة تداعيات اقتصادية وعسكرية واسعة لتدمير المقاتلات الأمريكية، آخر منصات الاستيراد النفطي في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية، حيث شنّت الولايات المتحدة، مساء الخميس وفجر الجمعة، أعنف هجماتها العسكرية منذ انطلاقها منتصف الشهر الماضي، مستهدفة ميناء راس عيسى النفطي بالحديدة، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.


وأدى الهجوم إلى مقتل 74 من العمال والموظفين وفرق الإنقاذ، وإصابة 170 آخرين، طبقا لوسائل إعلام تابعة لميليشيا الحوثي.


وذكرت مصادر يمنية أن الضربات الأمريكية تركّزت على استهداف ما تبقى من مقدّرات المنشأة الاقتصادية النفطية التحتية؛ إذ دمّرت أنابيب تفريغ الوقود والغاز من الناقلات البحرية، وأعطبت خزانات الوقود الثابتة المتبقية.


كما جرى تدمير خطوط الإمداد والتموين وعدد من صهاريج النقل المتحركة، وأجزاء من رصيف الميناء ومحطته الكهربائية؛ ما أدى إلى خروج كلي للمنشأة النفطية عن الخدمة.


وتعدّ خزانات الوقود الثلاثة المتبقية في ميناء رأس عيسى آخر الحاضنات المتبقية في مرافئ الحديدة، بعد موجتي الهجمات الإسرائيلية العنيفة التي قضت على معظم منشآت التخزين النفطي في ميناء الحديدة ورأس عيسى، منتصف وأواخر العام الماضي، ردا على هجمات الحوثيين طويلة المدى، ضد أهداف متعددة في إسرائيل.


خسارة كبيرة


وبحسب وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فياض النعمان، فإن تدمير أحد المنافذ الاقتصادية الرئيسة لليمن، يمثّل خسارة كبيرة للشعب والدولة.


وذكر أن أسباب الاستهداف تعود لاستخدامه من قبل الحوثيين كمنصة عسكرية دون أدنى اكتراث لدوره الحيوي في خدمة اليمنيين كمرفق اقتصادي.


وقال النعمان، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن الحوثيين حولوا ميناء رأس عيسى، إلى منشأة لاستقبال وتخزين النفط الإيراني المهرّب إلى مناطق سيطرتهم، قبل بيعه في السوق المحلية والاستفادة من عائداته المالية في دعم المجهود الحربي الداخلي والخارجي، وتمويل أنشطتهم العسكرية.


وأضاف أن ميناء رأس عيسى لعب دورا في عمليات تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية الإيرانية المختلفة، وشكّل نقطة انطلاق لبعض عمليات الحوثيين العدائية ضد الملاحة الدولية في مياه البحر الأحمر ، أبرزها عملية اختطاف السفينة "جالكسي ليدر" في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2023.


وأشار إلى أن الميناء تحوّل مؤخرا إلى بوابة خرق للعقوبات الدولية، إثر استخدامه من قبل الشركات التجارية التابعة للحوثيين، كمنصّة لاستقبال واردات الوقود، بهدف كسر الحظر الأمريكي لاستيراد المنتجات البترولية.


وعقب تصنيفها الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، حظرت الولايات المتحدة استيراد وتفريغ المنتجات البترولية المكررة في موانئ الحديدة، ابتداء بالأسبوع الأول من الشهر الجاري، غير أن الناقلات المحملة بالنفط والغاز استمرت في التدفّق، بعد إجازة دخولها من قبل مكتب الأمم المتحدة المعني بآلية التفتيش ومراقبة الواردات إلى موانئ الحديدة.


وأكدت القيادة المركزية الأمريكية في بيانها، أن سفن توريد الوقود استمرت في الوصول إلى ميناء رأس عيسى، على الرغم من قرار تصنيف الحوثيين ودخول قرار حظر المنتجات النفطية حيّز التنفيذ في الـ5 من أبريل/ نيسان الجاري.


وأضافت أن عملية تدمير الميناء تقضي على مصدر وقود الحوثيين المهرّب والمستخدم في عملياتهم العسكرية وتمويل جهودهم الإرهابية، وتأتي في سياق إضعاف قوتهم الاقتصادية.


تغيير الخريطة التجارية


ويرى المحلل الاقتصادي، وفيق صالح، أن خروج منشأة رأس عيسى عن الخدمة "يعدّ ضربة كبيرة للنشاط الملاحي في موانئ الحديدة، ويعطّل آلية استيراد الوقود والمشتقات النفطية بشكل كلي إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الأكثر كثافة سكانية.


وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن تداعيات هذا التطوّر، تنعكس على تراجع الميناء والإيرادات المالية، التي كانت تحصل عليها جماعة الحوثي من تجارة استيراد الوقود.


وبيّن صالح أن تعطيل موانئ الحديدة "سيدفع التجار والمستوردين للبحث عن بدائل أخرى، من أجل استمرار أنشطتهم التجارية؛ وهو ما قد يعيد تشكيل الخريطة التجارية في البلاد، بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي الجديد".


ووفقا لتقرير صدر قبل أسابيع عن مبادرة "استعادة الأموال المنهوبة" المعروفة بـ"ريغن يمن"، فإن الحوثيين حصّلوا منذ منتصف العام 2023 وحتى منتصف العام 2024، قرابة 790 مليون دولار، كرسوم جمركية وضرائب مفروضة على الواردات الواصلة إلى ميناء الحديدة ورأس عيسى والصليف.


وأكد التقرير أن هذه الأموال تُستخدم في تمويل الأنشطة العسكرية "في انتهاك صارخ للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن".


الحرب البرية


ويعتقد الخبير الاقتصادي، ماجد الداعري، أن هناك تداعيات اقتصادية وعسكرية ولوجستية، نتيجة تدمير منشأة رأس عيسى، التي قال إنها تعدّ "أكبر مورد اقتصادي لتمويل حروب الحوثيين، وأهم مصدر تمويلي للمشتقات النفطية والمواد المهرّبة، التي تعتمد عليها الميليشيا في تنقلاتها وتحركاتها العسكرية وصناعاتها الحربية الصاروخية والمسيرة".


وذكر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن إخراج الميناء عن الخدمة في التوقيت الحالي، "يمثّل ضربة كبرى للحوثيين، خاصة أن هذا الاستهداف يأتي في مرحلة صعبة وحساسة، متعلقة باقتراب لتحرير الحديدة واستعادة موانئها من قبل القوات التابعة للحكومة اليمنية الشرعية".


وقال الداعري إن الحوثيين بحاجة للأموال والوقود لتحريك قواتهم ومركباتهم العسكرية، وتمويل وتغذية وتسليح الحشود البشرية التي يعملون على إعدادها منذ أشهر، للتصدي لأي عمل عسكري داخلي.


واعتبر أن استهداف بنية الميليشيا الاقتصادية التحتية، وتجفيف أهم وأكبر مصادر دخلها المادي، "يتيح الفرصة أمام القوات الحكومية للتقدم البري نحو الحديدة، في ظل غطاء الغارات الأمريكية المستمرة".