في تصعيد مفاجئ وسريع، شنت مقاتلات أمريكية، قبل قليل من مساء اليوم الجمعة، أربع غارات جوية دقيقة على منطقة طخية بمديرية مجز في محافظة صعدة، بالتزامن مع اشتعال جبهات القتال بين القوات الحكومية ومليشيا الحوثي التي صعّدت هجماتها بشكل غير مسبوق للسيطرة على مارب المحافظة الغنية بالنفط.
وأكدت مصادر ميدانية أن معارك طاحنة اندلعت مساء أمس وامتدت حتى صباح اليوم على أكثر من محور في مأرب، خاصة في الجبهات الغربية والجنوبية، حيث حاول الحوثيون تنفيذ اختراقات فاشلة نحو مركز المحافظة، مستخدمين الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، وسط مقاومة عنيفة من الجيش والمقاومة الشعبية.
واستهدفت إحدى الغارات الأمريكية آلية حوثية كانت تقل عشرات العناصر، وأسفرت عن تفجيرها ومقتل جميع من كانوا على متنها، في مشهد وصفه شهود العيان بـ"المجزرة المصورة"، مؤكدين أن الحوثيين تكبدوا خسائر بشرية فادحة في تلك العملية.
ورغم الزخم العسكري الكبير الذي حشدته المليشيا المدعومة من إيران، إلا أن مصادر عسكرية أكدت فشل الحوثيين في تحقيق أي تقدم ميداني، في وقت نجحت فيه القوات الحكومية بتنفيذ عمليات نوعية خاطفة كبدت المليشيا خسائر فادحة في العتاد والأفراد، ما دفع الأخيرة إلى التراجع والاحتماء بمناطق جبلية وعرة.
ويفسر مراقبون هذا الفشل الحوثي المتكرر بأنه نتيجة مباشرة للاعتماد المفرط على الطائرات المسيّرة دون غطاء ميداني فعّال، وغياب التنسيق بين وحدات المليشيا في الجبهات المختلفة، فضلًا عن الضربات الأميركية التي أربكت تحركاتهم وقصمت ظهر خطوطهم الخلفية.
المعارك المستمرة وضعت حياة المدنيين في مأرب على المحك، حيث تصاعدت التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة، بعد أن أجبر القصف العشوائي الحوثي مئات العائلات على النزوح، فيما أفادت تقارير حقوقية بسقوط ضحايا مدنيين بينهم أطفال ونساء.
مأرب، التي تُعدّ الشريان الاقتصادي للحكومة اليمنية ومركزًا حيويًا للملايين من النازحين، أصبحت اليوم خط المواجهة الأشرس بين مشروع الدولة ومشروع الانقلاب، وبين حلم اليمنيين بالسلام وإصرار الحوثيين على فرض أجندة طهران بقوة السلاح.